رحيل الشوَّان... الرجل الذي مسح بيريز حذاءه
خدع «الموساد» الإسرائيلي 11 عاماً وتسول العلاج من نظام مبارك
ودعت مصر أمس بطل المخابرات المصرية أحمد محمد عبدالرحمن الهوان، الشهير بـ"جمعة الشوان"، وهو الاسم الذي ظهر في مسلسل "دموع في عيون وقحة" الذي جسّد فيه النجم عادل امام شخصية الراحل.ورحل الشوان عن عمر يناهز 73 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، وبعد تجربة طويلة في تضليل جهاز المخابرات الإسرائيلية، بين حربي 1967 و1973، وشيعت جنازته أمس ليدفن في مسقط رأسه في مدينة السويس، (90 كيلومترا شرق القاهرة)، حيث تقدم المشيعين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء مراد موافي.ولد الشوان في أول يوليو 1937، ونشأ وتربى وسط أسرة مكونة من سبعة أبناء، اضطرت للهجرة من السويس إلى القاهرة بعد نكسة يونيو 1967، حيث فقدت زوجته بصرها نتيجة للقصف الإسرائيلي على المكان الذي يقيم فيه، وأدى القصف إلى تدمير قارب صغير كان يمتلكه. وبدأت علاقة الشوان بالإسرائيليين بعد ان سافر إلى اليونان بحثا عن الرزق، حيث كانت الفتيات الإسرائيليات تفتنه بجمالهن، وأقنعه الشباب اليهود بالعمل معهم في شركة يستخدمها "الموساد" للتغطية على أعماله، ليعود الشوان الذي سافر بحثاً عن ديونه، حاملاً 200 ألف دولار كبداية لعمله بالقاهرة.ويصف الشوان تلك اللحظات عندما حكى قصة بطولته، بأن الشك الذي كان يلف برأسه، لم يقطعه سوى صوت الزعيم جمال عبدالناصر، وهو يُلقي خطاباته، وعقب وصوله نجح في لقائه ليطلعه الشوان على ما في جعبته، وعقب حوار ودي أطرى خلاله عبدالناصر على "السوايسة"، منح الشوان كارتاً شخصياً للتنسيق مع المخابرات العامة.الشوان استطاع طوال 11 عاماً خداع واحد من أشهر أجهزة الاستخبارات في العالم، خلال هذه الفترة، حيث حصل على ثقة ضباط "الموساد" ليمنحوه واحداً من أدق وأصغر أجهزة التخابر المعدودة في العالم، والذي سلمه بدوره إلى المخابرات المصرية، ليلقن الإسرائيليين درساً من الصعب نسيانه، ويحكي الشوان أنه تعرض لجهاز كشف الكذب واختبارات مختلفة قبل منحه الجهاز، ووصل حرص الإسرائيليين على جهازهم إلى أنهم وضعوه تحت فرش حذاء الشوان، ولاحظ شيمون بيرير (الرئيس الإسرائيلي الحالي والضابط في الموساد حينها) أن مظهر الحذاء غير جديد، فقرر أن يقوم بنفسه بمسحه وتلميعه.وعندما وصل الشوان إلى القاهرة كان ضباط المخابرات العامة في انتظار صيدهم الثمين، وليكتبوا أول رسالة من خلاله والتي جاء نصها "شكرا لحسن تعاونكم معنا طوال 11 عاماً من خلال رجلنا جمعة الشوان... المخابرات العامة المصرية".بطولة الشوان لم تكن لتحميه من فساد النظام السابق وإهماله فأصابه المرض ولم يتمكن من العلاج، وطوال السنوات الأخيرة من حكم مبارك تعالى صوت الشوان مطالباً بعلاجه على نفقة الدولة، وعندما جاءه القرار مخيباً، رفضه الرجل وسخر بقوله إنه "سوف يتبرع بمعاشه المحدود لسداد ديون مصر".