القبيضة ... أزمة نظام

نشر في 21-09-2011
آخر تحديث 21-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 أحمد عيسى بعد بيان القوى السياسية يوم الثلاثاء الماضي باتت الكويت أمام استحقاق جديد، يتمثل بمسؤولية مضافة إلى النظام تجاه قضية تضخم أرصدة عدد من النواب البنكية، لأن المسألة تعدت إطار مجلس الأمة والحكومة.

إن مسؤولية النظام هي المبادرة إلى متابعة هذه القضية عن كثب، فمن اتهم بتضخم أرصدته هم نواب يمثلون السلطة التشريعية، والمُشتبه قيامه في ذلك هم أطراف سياسية حكومية وغير حكومية مقابل مواقف سياسية وشراء ذمم، والمال المستخدم مال سياسي سواء كان عاما أو خاصا.

إضافة إلى أن قيام البنوك بتحويل هذه القضية إلى النيابة العامة أتى بعد أن غضت الجهات الرقابية النظر عنها، سواء كانت حكومية أو جهات تابعة للبنوك نفسها، وبالتالي فإن الأطراف المشتبه في ضلوعها في هذه القضية عديدة: منها نيابية وحكومية ورقابية وخاصة، وشخوصها لهم قيم معنوية واعتبارية.

والدخول في التفاصيل يبين أن المتضرر الأول من هذه الأزمة هو النظام ككل، وليس الأطراف المشتبه في ضلوعها فقط، فهذه القضية تمس مستقبل البلد وتبين، متى ما تأكدت بالقضاء، أننا أمام أزمة ستفتح الباب على مصراعيه أمام المجهول.

بعد بيان التحالف الوطني مع القوى السياسية الأخرى عقدت مساء الأول من أمس ندوة "ربيع الملايين النيابي" بمقر التحالف، وهي أول نتاج للتنسيق الذي قاده التحالف مع القوى السياسية للاتفاق على آلية عمل مشتركة لمتابعة قضية الإيداعات المليونية، وهو جهد يحسب للتحالف كونه بادر للتنسيق مع المنبر الديمقراطي التيار التقدمي والحركة الدستورية الإسلامية وتجمع كتلة العمل الشعبي والسلفية العلمية حتى لا تضيع القضية وتسقط من الذاكرة لانعدام التنسيق حولها، أو تبنيها بغرض تحقيق نجومية على الأرض.

وأود التنبيه هنا إلى أن خطوة التحالف وإعلانه إقامة الندوة أعقبها على الفور قرار "نهج"، وهي خليط من المجاميع الشبابية والنواب وقواعدهم الانتخابية، حمل القضية والنزول بها إلى الشارع في ندوة جماهيرية تعقد اليوم الأربعاء في ساحة الإرادة للاستفادة من الزخم الإعلامي والضغط السياسي لهذه القضية، ولتحميلها جملة مطالبات لا علاقة لها بالموضوع؛ مثل الدعوة لحل مجلس الأمة، والاستقالة الجماعية، وضرورة تغيير رئيس مجلس الوزراء لأن مجلس الأمة أصبح مختطفا من الأغلبية النيابية "الخربانة"، وهي جميعا مواضيع ليست ذات صلة بالقضية الرئيسة التي دعا إليها التجمع.

النواب للأسف يتعاملون مع القضية لكونها محط اهتمام شعبي وإعلامي، ويريدون زيادة رصيدهم الانتخابي لأنهم يعلمون أن الأجواء السياسية يسودها توجه لحل المجلس والدعوة لانتخابات مبكرة، وإن لم يكن ذلك فما تبقى من عمر المجلس يقل عن عام ونصف في الوضع الطبيعي، مما يستلزم العمل من الآن على الحشد وتنشيط الماكينة الانتخابية.

وأدلل على ذلك بأن النواب منذ نشر الموضوع قبل شهر تقريبا في "القبس" وهم يتداعون على التصريحات الصحافية، ويشاركون في الندوات بينما فشلوا على الأرض بجمع 33 نائبا لطلب عقد دور انعقاد طارئ حول نفس الموضوع، كما لم تنجز اللجنة التشريعية أو لجنة حماية الأموال العامة منذ ذلك الوقت حتى الآن أي تقدم يذكر على صعيد وضع مشاريع بقوانين، لمكافحة الفساد وكشف الذمة المالية وحماية المبلغ وغيرها من تشريعات ضرورية لسد الفراغ الذي دفع لتردي الوضع إلى هذا المستوى، إلى جانب عدم قيام مكتب المجلس بدوره للتحقيق في موضوع الإيداعات المليونية ما حولها  إلى مجرد قضية رأي عام يتخللها اجتهادات وحرب ألغاز، وتسريبات لمصلحة أطراف بمواجهة أطراف أخرى، وليست جريمة سياسية ستعرض مستقبل البلد للخطر متى ما صحت.

back to top