أسماء... فيلم نبيل

نشر في 16-12-2011
آخر تحديث 16-12-2011 | 00:01
 محمد بدر الدين «أسماء»، تأليف فنان السينما الموهوب الشاب عمرو سلامة وإخراجه، بطولة الفنانة القديرة هند صبري والفنان القدير ماجد الكدواني، أحد الأفلام الجيدة ذات الرسالة الواضحة ضد التمييز والخوف والجهل، وهدف تعليمي، وتلقي أضواء جديدة على مسائل وشواغل لم يسبق أن تناولتها السينما المصرية بهذه الصورة أو الصيغة.

نقول رسالة واضحة وليست مباشرة، لأن عمرو سلامة بلور، بموهبته، رسالته وحقق هدفه بلغته وصياغته السينمائية الجمالية، وبروح الدراما الجادة ونفحة التطور والحداثة في عناصره وتوظيفها، من تصوير (أحمد جبر)، مونتاج (عمرو صلاح)، ديكور (هند حيدر) موسيقى (هاني عادل) وغيرها.

أثبت هاني عادل موهبته في الفيلم ليس في الموسيقى والأغنية فحسب، وإنما كممثل يتمتع بقوة تعبير حقيقية من خلال أداء دور مسعد، الذي يتبادل حباً صادقاً جميلاً وبسيطاً مع أسماء (هند صبري)، ويبدآن حياة زوجية هنيئة على رغم فقرهما، إلا أن سعادتهما سرعان ما تنقلب إلى كابوس مروع، عندما يتشاجر مع رجل تعرّض لزوجته في السوق، أثناء بيعها قطعاً من السجاد الجميلة التي نسجت خيوطها ببراعة، وتسفر المشاجرة عن ضرب يفضي إلى قتل الرجل، فيساق الزوج الشاب إلى السجن ليقضي عقوبة طويلة، وعندما يخرج يرفض التقرّب من زوجته، بل يقرّر طلاقها، وحينما تضغط لمعرفة السبب، تكتشف إصابته بمرض فقدان المناعة (الإيدز).

لم تستسلم أسماء لقدرهما، بل راحت تذكّر زوجها بحلمهما في إنجاب طفل يسميانه محب «حتى يحبنا حينما نكبر»، وبحكمة «اللي خلف ما متش»، وتلحّ على حلم الإنجاب، مبدية قوة شخصية باهرة ومتحملة التضحية بنقل «الإيدز» إليها، وهو ما يحدث فعلاً، فينجبان ابنة يسميانها حبيبة ولا يلبث مسعد أن يموت.

مرة جديدة تجد «أسماء» نفسها أمام قدر غادر، فتضطرّ أن تبني حياة لها ولابنتها ووالدها (سيد رجب)، وأن تواجه الموت وتقاومه بقوتها الروحية الهائلة، لكن من دون مال، أو تفهم من المجتمع، أو يد تعين على العلاج حتى من آلام «المرارة» المبرحة، لا سيما أن الأطباء كانوا يخشون إجراء جراحة لها توجساً من عدوى الإيدز! إلى أن يحاول إعلامي (ماجد الكدواني)، يقدم برنامج «صفيح ساخن» على شاشة التلفزيون ويحظى بنسبة مشاهدة كبيرة، مساعدتها.

يؤدي ماجد الكدواني الدور بحيوية دافقة وإحساس بالغ الرهافة، ويجسّد شخصية مركبة تهتم بنجاحها الخاص في لحظة، ثم تتوق إلى مساعدة إنسانية صادقة لـ «أسماء» أو غيرها، إنه دور إنساني حي له أكثر من بعد في فيلم تؤدي فيه هند صبري دوراً لن ينسى وسيبقى في ذاكرة السينما، بالإيماءة والنظرة، بانكسار الظهر والحيل ومقاومة انكسار الروح باستبسال، والتآكل الزاحف والقسوة المفرطة من كل صوب بصبر.

واضحة مقدرة عمرو سلامة في الاختيار الصحيح للممثلين وفي توجيه أدائهم لأدوارهم، نتذكر أنه كان أول من قدم الفنانة بسمة في دور لافت في «زي النهاردة»، فيلمه الوحيد قبل «أسماء».

«أسماء» عمل سينمائي لا يزعج بكآبته نظراً إلى طبيعة موضوعه، إنما هو مقنع لنبل رسالته، بقدر ما يمتع لأنه حقق هدفه، في ثوب مميز فيه عناية دقيقة واجتهاد جميل.

back to top