الموقف العربي العراقي من التجاوزات على كردستان

نشر في 03-09-2011
آخر تحديث 03-09-2011 | 00:01
No Image Caption
 أنس محمود الشيخ مظهر       إن ضعف الموقف الرسمي العراقي على القصف المزدوج التركي الإيراني ليس بجديد ولا مستغرب لدى الجانب الكردي، فنحن ككرد تعودنا على هذا الصمت العربي العراقي الرسمي منذ بداية التجاوزات التركية والإيرانية على حدود كردستان العراق بعد إزاحة الحكم الصدامي في العراق ولحد الآن، باستثناء بعض التصريحات الخجولة من هنا وهناك لبعض الساسة العراقيين.

وحتى هذه التصريحات المنددة بالقصف التركي أو الإيراني لا تخرج في الكثير من الأحيان عن نطاق الحراك السياسي الموجود داخل العراق والمزايدات السياسية بين الجانب الشيعي السياسي والجانب السني فيه ولتعرية بعضهما بعضا أمام وسائل الإعلام لا أكثر.

ونحن ككرد نعرف أن الحكومة العراقية لا تمتلك من أمرها شيئا، وهي مشغولة بأمور (أهم) من انشغالها بأمر يتعلق بالسيادة العراقية على أراضيها، فهي مشغولة بالمناصب السيادية وتنفيذ مصالح هذه الدولة أو تلك من الذين يتصدقون بالدعم السياسي على هذه الأحزاب, ولكن ما يلفت النظر حقيقة هو الصمت الشعبي الذي شهده العراق من شماله إلى جنوبه، وكأن كردستان هذه ليست جزءا من العراق حتى عند المواطن العراقي العربي البسيط.

أسباب الموقف الجماهيري الضبابي ليست وليدة اليوم ولا يمكن إرجاعها إلى طرف واحد دون الآخر، إنما كل العراقيين من الجانبين مسؤولون عن هذا الإخفاق، فبعضها يتعلق بالطرف السياسي العربي والآخر يتعلق بالجانب السياسي الكردي، ومن الأسباب التي تقف وراء هذا التشتت الجماهيري:

1- الدس الإعلامي الذي كان النظام البعثي يحاول أن يرسخه في العقل الجمعي العربي في العراق، والتي ما زالت تأثيراته موجودة لحد الآن، حتى عند الذين كانوا يعارضون النظام، حيث كان الجهد الإعلامي البعثي يركز على إظهار الأحزاب الكردية على أنها أحزاب لا تعبر عن طموحات الشعب الكردي وبأنها لا تعمل إلا لمصالح حزبية ضيقة ترتبط بمشروع استعماري يتآمر على العراق.

2- إن الأحزاب الموجودة في العملية السياسية في المركز لا تستطيع أن تحشد الجماهير خلفها لأي قضية تهم العراق، إما بسبب ضعفها الجماهيري وعدم وجود طرح سياسي واضح تجعل منها قوة سياسية تقود فئة من الشعب، وإما بسبب أن هذه الأحزاب تتقصد التعتيم على الحقائق والوقائع الموجودة على الأرض، وذلك بسبب الضغوط الخارجية من قبل تركيا أو إيران على هذه الأحزاب.

3- في الوقت الذي نذكر فيه مسؤولية الجانب العربي على اللامبالاة هذه يجب ألا ننسى مسؤوليتنا نحن ككرد مما نراه من موقف جماهيري عربي غير آبه بما يحصل، حيث يظهر أن الجانب الكردي لا يكترث كثيرا بتوضيح المواقف الكردية ولا الوصول  إلى الشارع العربي السياسي جماهيريا, حيث اقتصرت الدبلوماسية الكردية بهذا الخصوص على التصريحات الإعلامية لبعض الساسة الكرد في هذه الفضائية أو تلك من الفضائيات العربية، فلا يوجد خطاب كردي مدروس موجه إلى الإخوة العرب في العراق، والمسؤولية هنا تقع على عاتق حكومة الإقليم وعلى مؤسساتها الإعلامية.

4- يجب ألا ننسى هنا بعض تصريحات الساسة الكرد التي تثير الحساسيات لدى الشارع العربي بشكل كبير, وأن الاستفادة السياسية منها لا تكون بحجم ما تفقده القضية الكردية في العراق من مناصرين لها في الجزء العربي من العراق، ونحن ككرد نعرف دواعي هذه التصريحات، ولكن الجانب العربي لا يفهم الخصوصية الكردية بالشكل الذي يفهمه المواطن الكردي، إذن علينا أن نكون حذرين جدا من التصريحات التي تطلق بين الحين والآخر لأن التصريحات الكردية في مجملها تكون لإحداث ضغوط سياسية على بعض الأحزاب السياسية العربية، ويفرضها الواقع السياسي العراقي.

هناك نقطة أخرى تجب الإشارة إليها، وهي أن المشهد السياسي العراقي ليس كله بالرومانسية التي تحدثنا عنها في النقاط أعلاه، فمن المؤكد أن هناك تيارات سياسية عراقية تتحين الفرص لإجهاض كل المكتسبات الكردية في العراق سواء السياسية منها أو الاقتصادية، وتضعيف الدور السياسي الكردي فيه عن سبق إصرار وترصد، ومن المؤكد أن هذه التيارات والأحزاب لها مؤيدوها  والمتعاطفون معها، ويرون في مثل هذه الممارسات التركية أو الإيرانية تنفيذا للأجندات التي يأملون فيها وإركاعا للجانب الكردي.

* كردستان العراق– دهوك

back to top