في ذكرى عبد الناصر والسادات...كيف قدَّمت السينما الرؤساء؟

نشر في 17-10-2011
آخر تحديث 17-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 محمد بدر الدين قدمت السينما المصريَّة رؤساء مصر المعاصرين في أفلام تعرض سماتهم وقسماتهم، حكايات أو معارك خاضوها، مسيرتهم ومصائر بلغوها. كيف جاء التقديم وكانت المعالجة؟

محمد نجيب هو الرئيس الأول إلا أن مكوثه في الحكم لم يطل، لذا لم تتعرض له السينما إلا قليلاً، لا سيما في تقديم بدايات الثورة المصرية (1952) في فيلم «أيام السادات» إخراج محمد خان، وهو الوحيد الذي قدّم سيرة كاملة لأحد رؤساء مصر، وإن كانت ثمة محاولة مماثلة بالنسبة إلى الرئيس عبد الناصر في فيلم «جمال عبد الناصر» للمخرج السوري أنور القوادري، إلا أنها لم تكن متميزة.

أما السينما المصرية، فاكتفت بتقديم مائة يوم من حياة عبد الناصر في «ناصر 56»، إخراج محمد فاضل وتأليف محفوظ عبد الرحمن وبطولة أحمد زكي. يركز الفيلم على الفترة التي استردّ الرئيس عبد الناصر فيها حقوق مصر في شركة قناة السويس البحرية، وكانت تعدّ بفعل الاستعمار واستسلام حكّام ما قبل الثورة دولة داخل الدولة.

يعرض الفيلم، بعناية فكرية وسياسية وفنية، تفاصيل تأهب الرئيس عبد الناصر لإعلان قراره بتأميم القناة الذي أقام عليه الدنيا طويلاً، وبلغ التصعيد حدّ شن العدوان الثلاثي (إنكلترا، فرنسا، إسرائيل) على مصر. لكن القائد الشاب جاء في الفيلم كحقيقة ومعبراً بدقة وجسارة عن روح وموقف شعبه، لذلك عندما أعلن «سنحارب ولن نستسلم» إزاء إنذار الإمبراطوريات الاستعمارية العجوز وعدوانها الواسع الوحشي، كان هذا صوت الشعب ونبضه وخياره، ليس في مصر فحسب إنما في أمة العرب والعروبة بكاملها.

برع أحمد زكي في مشاهد كثيرة من الفيلم، مقترباً من روح الرئيس الذي تحوّل بعد هذه المعركة من زعيم مصري إلى زعيم عربي وعالمي، يلهم الشعوب المضطهدة والمسلوبة حقوقها وحريتها، وإن لم يوفّق زكي في مشاهد محاكاة صوت الرئيس عبد الناصر أثناء إلقاء خطبه، إذ بدت تقليداً من الخارج بعيداً عن الاتقان والرهافة. الحق، أننا تقبَّلنا تجسيد زكي للشخصية على رغم ابتعاده الشكلي عنها، ذلك لمدى قوة أدائه وإحساسه، فكان من الطبيعي والأفضل ألا يحاول تقليد الصوت.

لم يلبث زكي أن قدّم شخصية الرئيس السادات في «أيام السادات»، وعلى رغم التناقض الكامل بين عبد الناصر والسادات سواء من جهة الشخصية أم الشكل أم المسار الذي سارا فيه (هما على طرفي نقيض تماماً في كل شيء وفي كل قضية!)، إلا أن هذا الممثل أتقن الدورين بفضل براعته، لذا نختلف مع الذين رأوا زكي مقلداً لشخصية السادات وطريقة حديثه و{لوازمه» ومشيته... أكثر من نفاذه إلى جوهر الشخصية وروحها، بل نرى أنه استطاع أن يجمع الأمرين معاً، بمهارة، فقدم الشخصية من الخارج والداخل في آن.

تأتي سنوياً ذكرى رحيل كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات تباعاً، فقد رحل عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 مجهداً ومنهكاً وهو يخوض غمار حرب الاستنزاف (أو حرب الخمسمائة يوم)، ابتداء من أواخر يونيو 1967 الذي وقعت فيه الهزيمة العسكرية والنكسة السياسية وعلى مدى ثلاث سنوات متصلة باستبسال وقتال يستعدّ للعبور والنصر، حتى صعد إلى ربه راضياً مرضياً ومجاهداً شهيداً في سبيل قيمه النبيلة وقضايا أمته، بينما رحل السادات في 6 أكتوبر 1981 صريعاً بنيران أفراد من الجيش المصري خلال الاستعراض العسكري الكبير، الذي كان يحضره في ذكرى معركة العبور، في لحظة صدام شامل للسادات مع مسار الوطن ومجمل الأمة، بزيارته المباغتة للعدو الصهيوني وخطابه في «الكنيست»، تلك المبادرة التي عُدّت استسلاماً وقبولاً بحلّ منفرد تخرج به مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني ومن فلسطين قضية الأمة الأولى.

لأن «أيام السادات» يطمح إلى التعبير عن سيرة أنور السادات الكاملة، تناول أيام هذا الرئيس من البداية إلى النهاية، أي حتى زيارته إلى إسرائيل وخطابه في الكنيست والرصاصات التي أودت به في الاستعراض العسكري وهو أمام كاميرات ومرأى العالم كله ومسمعه.

back to top