أمسكوا بزمام أموركم...

نشر في 16-07-2011 | 00:01
آخر تحديث 16-07-2011 | 00:01
تتمنّون أن تتغيّروا لتكونوا على تناغم أكبر مع أنفسكم؟ لكن كيف؟ قد يبدو لكم أنّها مهمة هائلة، إنما اعلموا بأنها ليست مستحيلة أبداً. يتوقّف الأمر عليكم وعلى {طريقتكم} الخاصة والمحدّدة جيدًا والمطبّقة يومًا بيوم.

قد يطمح أيّ منا الى التغيير. حتى الناس الأكثر ثراءً وجمالاً وسعادة في الحب، قد يتمنون أن يكونوا أشخاصًا آخرين. إن كان الأمر مجرّد حلم فحسب، ستستمرّ حياتهم كما كانت من دون تغيير يُذكر. لكن، إذا كان يتعلّق برغبة حقيقية مرتبطة بحاجة عميقة، فثمة إمكانيّة كبرى في أن يتحوّل هذا التمني الى حقيقة، شرط أن يجدوا الوسائل المناسبة لتحقيق ما يتمنّونه. يقول أحد المعالجين النفسيين إنه علينا أن نقرّر أن نتغيّر وأن نلتزم بالقيام بذلك، وأن نقنع أنفسنا إذا لزم الأمر. عليكم قبل كل شيء أن تكونوا واقعيين: من الصعب التغيّر بشكل كبير ولا يمكن فعل شيء في يوم واحد. التغيير هو مسار، ولا يمكن تطبيقه وكأنه "برنامج" أو مجرد "خطة". بل يتطلّب إعادة نظر حقيقيّة وعميقة. للأسف، بعض التصرّفات القدرية راسخ فينا الى حدّ كبير، لدرجة أننا لم نعد نلاحظ تأثيره الذي يعوق أي تقدّم إيجابي في حياتنا.

إعادة ضبط الوضع

بحسب المحلّلين النفسيين، يعرف الكثير من الناس ما لا يريدونه، لكن يصعب عليهم تحديد ما يريدونه. في الحب مثلاً، نميل الى القول "لقد اكتفيت من هذه العلاقة!" بدلاً من "أنا بحاجة الى التواصل ومشاركة عواطفي مع شريك حياتي بشكل أفضل". وهذا ينطبق أيضًا على إحباطاتنا المهنية وعلى كل الأمور التي تشكّل مصدرًا للندم بالنسبة إلينا. المشكلة هي أننا غالبًا ما نقوم بردة فعل عاطفية حين نكون تعساء. بحسب هؤلاء المحللين، نشعر بالفشل عندما لا نحصل على ما نريده، فنتوقّف بالتالي عن متابعة جهودنا، غير عالمين بما يجب فعله لتحقيق الرضى. نلقي اللوم في معظم الأحيان على محيطنا بدلاً من إعادة النظر في طريقة تصرّفنا. في الحقيقة، يكمن تحقيق التجدّد الإيجابي في القدرة على إعادة ضبط الوضع لنتمكّن من معرفة رغباتنا العميقة غير المحقّقة. يضيف المحللون: "تُظهر إعادة ضبط الوضع الحقيقة بطريقة جديدة ومن وجهة نظر مختلفة، ما يساعد على استنباط بدائل أفضل عبر النظر الى الأمور من الخارج". غالبًا ما يمنعنا اعتقادنا بأن ثمة حقيقة واحدة عن القيام بتحليل مختلف. في إطار إدارة التغيير، التغيير الوحيد الحقيقي الممكن تحقيقه هو الذي يقوم على إدراكنا للحقيقة، ما يفسّر لمَ إعادة ضبط الوضع أمر مفيد وفاعل.

الاستماع الى الذات

لمَ لا نأخذ الوقت الكافي لاختبار قدراتنا وطموحاتنا التي لم ننجح في الاستماع إليها سابقًا بدلاً من التقوقع والشكوى؟ هكذا، قد تعود الى ذاكرتنا موهبة أو رغبة سابقة، أو مشروع قديم بقي حبرًا على ورق. كلّنا مختلفون، تكمن المشكلة في أننا نطابق عادةً رغباتنا وحاجاتنا برغبات المحيطين بنا وحاجاتهم. قد يؤدي الأهل دورًا سيئًا في هذا المجال، عبر تقريرهم ما ينبغي على أولادهم فعله بدلاً منهم. هكذا، يُفسد الكثير من الشباب حياتهم عبر اختيارهم مهنة لا تناسبهم، لكنها تُعجب أهلهم. لذا، من الأفضل لنا أن نتعلّم كيف نستمع الى أنفسنا بأسرع ما يمكن، كي لا ندع قدرنا يفوتنا. لهذا، علينا أن نبدأ بإسكات ما يسمّيه بعض الكتاب الذين عالجوا قضية التغيير "الرقيب الداخلي"، هذا الصوت الصغير الذي يذكّرنا بمخاوفنا كلّ مرة نحلم فيها بالتغيير. بحسب هؤلاء الكتّاب، يسمح إسكات الرقيب الداخلي في داخلكم بأن تعيشوا أخيرًا حياتكم بحماسة وصدق أكبر، وبالتعبير عن أفكاركم وآرائكم ومشاعركم. وحدها استقلالية الفكر الحقيقية تسمح لنا بأن نكتشف أنفسنا ونعيش حياتنا بالكامل. من الضروري أيضًا العمل على حوارنا الداخلي، بحيث نتعلّم كيف نتعرّف إلى الأفكار السلبيّة والقدريّة، ونستبدلها بمخطّطات حقيقية مع تحميل أنفسنا مسؤولية ما تؤول إليه حياتنا.

أن نصبح أسياد حياتنا

إن كنتم ترغبون حقًا في أن تتغيّروا بشكل دائم وعميق، فعليكم أن تكونوا صادقين مع أنفسكم. ويتطلّب ذلك في مرحلة أولى أن تحدّدوا ماهية الأمور التي تمنعكم من أن تتغيروا. قد تكون هذه الموانع كثيرة ومختلفة بحسب الأشخاص، أهمها وأكثرها شيوعًا هي العادات، التأثّر بأحكام الآخرين، عدم الثقة بالنفس...

كيف نتصرّف لنتغيّر ونكفّ عن التأثّر بهذه الموانع؟ بحسب الكتاب الذين عالجوا هذه القضية في مؤلفاتهم، ينبغي، لكي نصبح أسياد حياتنا مجدداً ونضع أنفسنا على سكة النجاح، أن نتقبّل فكرة أننا مسؤولون بشكل كامل عن حياتنا، وأن نختار دعم ذواتنا بدلاً من التخلّي عنها، ونتقبّل الواقع بدلاً من تسليم السلاح، ما يؤدي الى التغلّب على مخاوف الماضي.

بحسب هؤلاء، هذه القصص القديمة كافة التي نفكّر فيها بشكل دائم: الشخص الذي كنا عليه، علاقة انتهت منذ زمن بعيد...، ليست سوى حقائب ثقيلة نحملها بصعوبة من دون أن نخفِّف من ثقلها يومًا، ما يعوقنا ويضايق حركتنا ويمنعنا من التركيز على ما يحدث اليوم (الحاضر) وعلى ما نتمنى أن نحقّقه (المستقبل). قد نحتاج أحيانًا الى القيام بعلاج نفسي يساعدنا على قلب صفحة ماض أليم ومواجهة الحاضر بثقة.

فوائد حسّية

إذا كنتم تعتزمون إجراء تغيير في تصرفاتكم، أو بشكل أشمل في حياتكم، فإن الطريقة الأكثر فاعلية هي أن تفكّروا بنتائج هذا القرار. اسألوا أنفسكم ما الفوائد الحسّية التي ستعود عليكم. تجرأوا أن تنظروا الى السعادة على أنها بسيطة، وأن تمنحوا أنفسكم الوسائل لتحقيقها. قد يكون ذلك عبر الانتقال الى الريف حيث تكونون أقرب الى الطبيعة التي تحبونها، أو عبر قراركم بأخذ دروس في الرسم وهذا أمر طالما حلمتم بالقيام به من دون أن تتجرأوا على فعله... حين تخطّطون لمشروع كبير، كالقيام بتغيير مهني مثلاً، لا تستعجلوا الأمور، بل تعاملوا مع ذلك على مراحل وبطريقة عقلانية، لأنه، وكما يقول المحلّلون النفسيون، يتبلور مصيرنا بشكل إيجابي أكثر حين نأخذ القرارات التي نحن قادرون على الالتزام بها. فكّروا بأهداف معيّنة ودقيقة، وبكلّ الاحتمالات المطروحة أمامكم لتركيز جهودكم بشكل فاعل. إن كنتم تريدون أن تتحوّلوا الى العمل في مجال جديد تمامًا، استعلموا عنه بأكبر قدر لدى مهنيي القطاع. قوموا عند الحاجة بدورة تدريبية، واحموا ظهركم في حال غيّرتم رأيكم في ما بعد عبر أخذ إجازة من دون مرتّب إذا كان ذلك ممكنًا.

نصيحة أخيرة: حدِّدوا دائماً وفي كل المجالات أهدافكم بوضوح، وكافئوا أنفسكم كل مرة تحقّقون هدفاً منها. لا تنسوا أن المتعة والإشباع هما قوة محرّكة فاعلة للعيش والرغبة، وللتغيير.

back to top