حوار الطرشان

نشر في 07-07-2011
آخر تحديث 07-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 حسن مصطفى الموسوي لا شك أن الوضع السياسي الحالي شائك وغير صحي، وبحاجة إلى حلول خلاقة وإلى تغيير في قواعد اللعبة. وقد سبق أن نادت صحيفة "القبس" بعقد مؤتمر حوار وطني لبحث حلول جذرية لهذا الوضع، وكررت الدعوة قبل أيام عدة. ومع احترامنا لهذه الفكرة إلا أننا لا نراها فكرة عملية وتؤدي إلى نتائج ملموسة وذلك لأسباب عدة.

أول هذه الأسباب، هو هوية القائمين على هذا المؤتمر، وما هي أسس دعوة الشخصيات المشاركة في الحوار؟ وهي مسألة حساسة لأنه في ضوء تجارب سابقة أدى هذا الأمر إلى انسحاب تيارات أو شخصيات احتجاجاً على مشاركة تيارات وشخصيات أخرى لعدم وجود مقياس واضح لتحديد الامتداد الشعبي لتلك الشخصيات أو التيارات.

كما أنه من المستبعد أن يقبل كل المشاركين الاتفاق على أفكار موحدة للتطبيق بعد التصويت النهائي عليها، هذا فضلاً عن أن تسمية المؤتمر بالحوار الوطني لن يكون دقيقاً في ظل كثير من ممارسات الشخصيات العامة التي لا تمت إلى الوطنية بصلة.

وبدلا من الدخول في دوامة عقد مؤتمر، فإن الطريقة المثلى للحوار هي في مجلس الأمة لأنه أفضل مجلس يمثل التركيبة الشعبية الحالية، كما أن مجلس الوزراء ممثلٌ فيه. ومع أننا ندرك أن الحوار في المجلس صعب للغاية في ظل الأجواء السائدة، خصوصاً مع طبيعة الشخصيات التي تمثل الشعب، فإن هذا الطريق هو أفضل الموجود، فـ"هذا سيفوه وهذي خلاجينه". ومع هذا فإن النقطة الجوهرية التي يجب أن نلتفت إليها هي أنه لن يكون هناك حوار وطني ناجح في ظل الصراع الدائر بين أقطاب الأسرة الحاكمة.

فالصراع بين أقطاب الأسرة قديم واستخدمت فيه الأسلحة كافة من ترضيات ومناصب وتجنيس سياسي، حتى كان ومازال معروفاً أن هذا النائب تابع للشيخ الفلاني وذاك تابع للشيخ العلاني، وتطورت هذه الأسلحة الآن إلى قنوات فضائية وصحف.

وفي خضم هذا الصراع الداخلي إضافة إلى الصراع الخارجي مع القوى الشعبية بشأن الدستور ضاع البلد، وضاع معه الناس وتحولوا من شعب منتج نوعاً ما إلى شعب خامل اتكالي واستهلاكي. واستبدلنا قيم التسامح بالتشرذم والتطرف بعد رعاية الدولة لقوى التشدد الديني قبل ثلاثين عاماً، وتحول ولاء الناس إلى القبيلة والطائفة والعائلة بعدما قلت العدالة وكثرت المحسوبيات والواسطات، إلى أن وصلنا إلى وضعنا الحالي حيث يريد الناس تصفية الدولة من حيث لا يشعرون عبر إقرار الكوادر والزيادات العبثية. لهذا نرى مخرجات الانتخابات تعيسة في غالب الأحيان لأنها انعكاس لشعب تعيس وضائع.

ويبدو أن الأقطاب المتصارعة حالياً لا تدرك أنه عندما تنتهي المعركة (إن كانت لها نهاية أصلاً) ويعلن الفائز فقد لا يكون هناك شيء بقي من الوطن كي يتم حكمه. إن هذا الوضع لن يُحل بسهولة وسيحتاج بالتأكيد إلى سنوات طويلة حتى يعالج، لكن بداية العلاج تكون بصحوة أقطاب الصراع وإدراكها أن أساليب الوصول القديمة لم تعد تنفع في هذا العصر وأن الشفافية والرشد هما مفتاح النجاة في عالم متغير بسرعة مذهلة.

***

الأخبار المفبركة هذه الأيام عن قيام عقيد متقاعد بتسهيل دخول أجانب إلى بعض المنشآت الحساسة واكتشاف شبكة تجسس جديدة، يبدو أنها لا تبث مصادفة بل بترتيب من قبل بعض الجهات وربما بالتعاون مع جهات أجنبية، لأنه يراد لنا أن نكون ساحة معركة ضمن اللعبة الإقليمية الدائرة!

back to top