القانونيون خلال اعتصامهم: تحقيق مطالبنا... أو استقالات جماعية من جميع مؤسسات الدولة
في خطوة تصعيدية جديدة لمواجهة التجاهل الحكومي لمطالبهم، هدد القانونيون العاملون في 52 جهة حكومية، بتقديم استقالات جماعية من جميع مؤسسات الدولة، في حال استمرار الحكومة في المكابرة والعناد، واللامبالاة إزاء هذه المطالب.
تحت شعار "مستمرون حتى تحقيق مطالبنا" وفي ظل تهديد باستقالات جماعية في 52 جهة حكومية ما لم تحقق مطالبهم، اعتصم صباح اليوم مقابل مجمع الوزارات عشرات القانونيين والقانونيات من العاملين بمؤسسات وهيئات الدولة، مطالبين الحكومة، ممثلة في ديوان الخدمة المدنية، بتعديل مسمياتهم الوظيفية، ومساواتهم بنظرائهم في إدارات الفتوى والتشريع والتحقيقات والبلدية، منددين في الوقت نفسه بالوعود الواهية التي أطلقتها الحكومة أخيراً، بشأن النظر في مطالبهم وحلها جذرياً.
من جهته، استنكر رئيس مجلس إدارة نقابة القانونيين حمد الوردان نكث الحكومة بوعودها التي قطعتها للقانونيين بالنظر في مطالبهم العادلة، مؤكداً استمرار الإضراب إلى حين تحقيق جميع المطالب ومساواة القانونيين بقرنائهم العاملين في إدارات الفتوى والتشريع والتحقيقات والبلدية، وإزالة جميع الفوارق المادية والأدبية بينهم، معتبراً أن الحماسة والتجاوب اللذين أبداهما القانونيون في تنفيذ اضرابهم زادته قوة وتأثيرا.وأكد الوردان أن استعانة الحكومة بعمالة أجنبية للقيام بأعمال القانونيين المضربين في الجهات الحكومية مخالفة صريحة للدستور الكويتي، وقوانين ديوان الخدمة المدنية، لا سيما الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الكويت بشأن حرية العمل النقابي، وتعد جزءا لا يتجزأ من قانونها، مشيراً إلى أن هذا التصرف غير الحصيف من قبل الحكومة لا يزيد القانونيين إلا إصرارا على تنفيذ الإضراب إلى حين تحقيق المطالب.استقالات جماعيةإلى ذلك، أكد مدير الحملة الإعلامية لنقابة القانونيين أحمد الكندري، أنه "في حال استمرار الحكومة في المكابرة والعناد، واللامبالاة بحقوقنا المشروعة، فسيقدم القانونيون العاملون في 52 جهة حكومية استقالات جماعية من وظائفهم"، مشيراً إلى أنه "رغم تعطيل وتوقف المعاملات القانونية في 52 جهة حكومية فإن الحكومة تعاملت مع الأمر، وكأنه لا يعنيها"، مؤكداً أن "قطار الإضرابات انطلق ولم ولن يتوقف، إلى حين تعديل المسميات، ومساواتنا بالعاملين في الفتوى والتشريع والتحقيقات والبلدية".لا مساسنيابياً، قال النائب مسلم البراك إن "الحكومة كاذبة ومنافقة من هامة رأسها حتى أسفل قدميها"، مبديا امتعاضه من سياسة التهديد والوعيد التي انتهجها بعض المسؤولين سبيلا، سواء كانوا وزراء أو وكلاء حيال الموظفين المضربين، محذرا أي مسؤول من المساس بالموظفين المضربين.ودعا البراك، خلال هذا الاعتصام الحاشد للقانونيين، نائبَ رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل د. محمد العفاسي إلى تحمل مسؤولياته كاملة، في حال استعانة مسؤولي وزارة العدل بموظفين مؤقتين للقيام بأعمال المضربين لإضعاف اضرابهم، مشيراً إلى أن نسبة التزام القانونيين بالإضراب بلغت 96 في المئة، وهي نسبة ضخمة ستجبر الحكومة رغم أنفها على الانصياع إلى مطالبهم.واسطة ومحسوبية ورداً على تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء علي الراشد بشأن الاستعانة بقوات من الجيش والشرطة لتسيير حركة العمل داخل الجهات الحكومية التي اضرب موظفوها قال البراك: "فلينشر الراشد قوات الجيش والشرطة لتعمل محل القانونيين... وخلال إضراب المعلمين فليعط أوامره للشرطة لتحل محل الطلبة والجيش محل المعلمين".وشدد البراك على القانونيين بضرورة التمسك بحقوقهم وعدم التراجع عن الاضراب، لأن الحقوق باتت تؤخذ عنوة و"غصباً" عن الحكومة عبر تنفيذ الاضرابات والاعتصامات، مخاطبا الوزير الراشد: "على من تتلو مزاميرك"؟!، على من "تقص وتضحك"؟!، مستدركاً بالقول: "الوحيد الذي تضحك عليه بكلامك هو رئيس مجلس الوزراء".واعتبر أن "الطامة الكبرى التي تعيشها البلاد تكمن في غياب العدالة الاجتماعية"، مدللا على ذلك بتهميش المتفوقين والمتفوقات من أبناء وبنات الكويت وحرمانهم العمل في الوظائف العليا بالدولة، كونها محتكرة لأصحاب الواسطة والمحسوبية، متسائلاً: "على أي أساس وقع الوزير علي الراشد قرار تعيين 160 موظفا في الفتوى والتشريع؟ هل لكونهم متفوقين؟!، أم بحكم علاقاتهم بالوزراء والنواب؟!" مؤكداً أن الملايين التي أعطيت لنائب واحد فقط من "القبيضة"، لو تم توزيعها على القانونيين في جميع الجهات الحكومية لسدت مطالبهم لعام مقبل.صراعات سياسيةمن جهته، أكد النائب علي الدقباسي أن موجة الإضرابات والاعتصامات التي عصفت بالبلاد أخيراً نتيجة طبيعية للمماطلة الحكومية، والتسويف وعدم المصداقية من جانب أجهزة الدولة، وعلى رأسها مجلس ديوان الخدمة المدنية الذي تعاقب على رئاسته ثلاثة وزراء في فترة وجيزة.وأرجع الدقباسي السبب في ما يجري على الساحة السياسية المحلية من صراعات إلى عدم تمكين مجلس الأمة من القيام بدوره التشريعي والرقابي الذي كفله الدستور، ومناقشة العديد من الموضوعات والقضايا المدرجة على جدول أعماله، نظراً إلى تعطيل جلساته مرات عدة وفقدانها النصاب، معتبراً أن هذا التعطيل المتعمد حض المواطنين على نزول الشارع للإعراب عن رأيهم وإيصال مطالبهم.وتمنى من الحكومة إيجاد حلول جذرية وحاسمة لمشاكل القانونيين العاملين في جميع مؤسسات وهيئات الدولة، معتبراً أن اختيار حكومة قوية قادرة على التعامل بمسطرة واحدة مع الجميع، تقف على بعد واحد من الكل سينهي موجة الاضرابات والاعتصامات، ويحقق مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، مؤكداً أن "الشعب الكويتي يدفع اليوم ثمن التخبط الحكومي والتردد في اتخاذ العديد من القرارات"، آملا أن تجد مطالب القانونيين الآذان الصاغية والقرار الحاسم."الريح والعاصفة"بدوره، قال النائب خالد الطاحوس: "إن حكومتنا الرشيدة زرعت الريح، فحصدت عاصفة قوية من الإضرابات والاعتصامات، ضربت اواصرها وجعلتها ترجف كأوراق الخريف، وأظهرت تخبطها وفشلها في إدارة الأزمات، إضافة إلى أنها أضاعت ما كان متبقيا من مصداقيتها"، مؤكداً أن الحكومة غير قادرة على إدارة البلد، أو قراءة مطالب الطبقة العاملة.وأشار الطاحوس إلى أن القانونيين سلكوا الطرق القانونية والمشروعة كافة لتحقيق مطالبهم، لكن مساعيهم باءت بخيبة امل حكومية معتادة، مبيناً أن الحكومة وعدتهم قبل شهر بتحقيق مطالبهم، لكنها عادت لتنكث وعودها، مكرسة بذلك مبدأ "أضرب تحصل على مطالبك"، مؤكداً أن الكويت تمر بمرحلة مفصلية، تستلزم توحيد الصف بين النواب الشرفاء، ورفع عدم التعاون مع الحكومة ورئيسها، مشددا على ضرورة اختيار حكومة جديدة برئيس جديد.