النفط والطاقة: زيادة إنتاج نفط الكويت يؤهلها للقيام بالتزاماتها ودعم التنمية
القدرة على إنتاج 3 ملايين برميل يومياً جاءت بعد جهود امتدت 17 عاماً
إن زيادة الإنتاج النفطي لا تعد نزهة يمكن القيام بها بيسر، بل تواجهها جملة من التحديات التي يتعين على المهتمين والمشرعين ومتخذي القرار معرفتها أولاً، ومن ثم تقديم كل ما يمكن القائمين على القطاع النفطي من تجاوزها أو الحد منها.لا شك أن التحديات التي تواجهها الكويت في المستقبل وبخاصة ما يتعلق بوضعها الاقتصادي، حيث انها تعتمد اساسا على النفط كمورد رئيسي لدخلها إذ يشكل ذلك ما يزيد على 90 في المئة فضلا عن ذلك فإنها تتمتع بتركيبة ديمغرافية (سكانية) فريدة فنسبة النمو في جملة السكان تجعله يتضاعف كل 20 عاما فيما تصل نسبة من هم دون سن العشرين الى نحو 60 في المئة من جملة السكان أي ان هؤلاء سيكونون طالبي وظائف في سوق العمل مستقبلا، وفي ظل استمرار الدولة بتقديم الخدمات العامة والإشراف على بناها التحتية ورعاية الخدمات الاجتماعية للسكان وبقائها كرب عمل رئيسي لمخرجات التعليم فإن مصروفاتها ستتعاظم في السنوات المقبلة تبعا لذلك.ولا ننسى ان الاقتصاد العالمي، وبالرغم مما يتعرض له من كبوات بين حين وآخر، في نمو مضطرد تقوده في ذلك اقتصادات الأسواق الناشئة كما في الصين والهند والبرازيل وفي ظل استحواذ النفط والغاز على ما يزيد على 50 في المئة من مصادر الطاقة الأخرى على المدى المتوسط فإنه من المتوقع أن يشهد الطلب العالمي على هاتين السلعتين تعاظما متزايدا في الأعوام القادمة.استراتيجية الإنتاج كل هذه العوامل سواء المحلية او الدولية فرضت على الكويت وضع استراتيجية لرفع قدراتها الانتاجية من النفط والغاز، فاحتياجات ومتطلبات التنمية في الدولة والتزامها في تسيير شؤون الخدمات العامة وتوفير برامج التوظيف لمخرجات التعليم يجعلها في حاجة مستمرة لتنمية وزيادة مواردها المالية للوفاء بتلك الالتزامات.كما أن النمو الاقتصادي بقيادة الاسواق الناشئة وبقاء النفط والغاز مستحوذين على مصادر الطاقة الأخرى يضع عبئا على الدول المنتجة لهما لتتماشى والوتيرة المتصاعدة للطلب العالمي عليهما، فإذا ما غابت دولة من تلك الدول عن القيام بأداء دورها فإنه حتما ستحل أخرى مكانها.ولا بد من التعرف اليوم على ملامح وآفاق هذه الاستراتيجية حيث تتلخص توجهاتها في ملامح رئيسية عدة، نتحدث اليوم عن الملمح الأول ويتمثل برفع القدرة الانتاجية للنفط والغاز محليا ومن خلال شراكاتها خارجيا، فعلى الصعيد المحلي يسعى القطاع النفطي إلى رفع القدرة الانتاجية للنفط بشكل تدريجي وصولا إلى إنتاج 4 ملايين برميل من النفط في عام 2020، وفي هذا الشأن يبتغي القطاع الحفاظ على ما هو موجود من مخزونات نفطية فالاستمرار في انتاج النفط هو هدف بحد ذاته ما بعد 2020، لذا تتضمن هذه الاستراتيجية العمل على تعويض ما تم انتاجه كما يهدف إلى استكشاف مناطق جديدة لتغطية الاحتياجات المستقبلية.أحدث التقنياتوفيما يخص الاستكشافات الخارجية يسعى القطاع إلى رفع الانتاج إلى 200 ألف برميل يوميا بحلول عام 2020. كما سيكون لهذه الشراكات الخارجية فرصة لنقل أحدث التقنيات والممارسات المثلى إلى عمليات القطاع المحلية بهدف رفع الكفاءة وتحسين الانتاجية.إن هذه الأهداف كما تقدم الحديث عنها تؤهل الكويت للقيام بالتزاماتها المحلية من خلال زيادة مداخيلها لدعم متطلبات التنمية وغيرها كما تسهم في تلبية احتياجات السوق العالمي من الطلب على النفط، غير أن هذه الأهداف لا تعد نزهة يمكن القيام بها بيسر بل تواجهها جملة من التحديات التي يتعين على المهتمين والمشرعين ومتخذي القرار معرفتها أولا ومن ثم تقديم كل ما يمكن القائمين على القطاع على تجاوزها أو الحد منها.ولعل من بين هذه التحديات هو أن يدرك المهتمون أن وصول قدرة الانتاج المحلي إلى قرابة 3 ملايين برميل في اليوم حاليا جاءت في أعقاب جهود امتدت نحو 17 عاما اشترك فيها العاملون في القطاع وعدد من أجهزة الدولة التنفيذية من ناحية وتعاون المشرعين والأجهزة الرقابية الأخرى من ناحية ثانية.وتضع هذه حملا ثقيلا على القائمين على القطاع يتمثل في مسألتين هما أن استكمال تحقيق هذه التوجه الاستراتيجي لن يتم الا باستمرار هذه الشراكة بين كافة أطراف هذه المنظومة وأن أي إخلال في هذه الشراكة سيفضي إلى تأخر أو عدم تحقيق جملة هذه الأهداف، أما المسألة الثانية فهي تقضي بألا يكون هذا النجاح مدخلا للركون والدعة فهما العدو الأول لأي نجاح والتاريخ بما يحفل من تجارب خير شاهد على ذلك، فبرامج تعجيل الدورة المستندية للمشاريع وبخاصة ذات الطابع الاستراتيجي يتعين أن ترفع من وتيرة الصرف الرأسمالي كما أن دعم الاطراف الأخرى لتذليل العقبات التي تواجه تلك المشاريع يجب أن يكون قائما و مستمرا.