اليحيى لـ "الجريدة": المبارك أمام تَرِكة مثقلة بالأمراض عليه أن يعالجها

نشر في 02-01-2012 | 22:30
آخر تحديث 02-01-2012 | 22:30
No Image Caption
مرشح "الثالثة" طالبه بقراءة المرحلة السابقة بكل مشاهدها

تحت شعار "أنتم مصدر السلطات"، يخوض المحامي فيصل اليحيى انتخابات مجلس الأمة 2012، في الدائرة الانتخابية الثالثة، وهو وجه بارز في الحراك الشبابي الذي أدى الى حل مجلس الأمة وتغيير الحكومة، يحمل الكثير لوطنه، معلنا تبنيه الوثيقة الشبابية (وثيقة الكويت 2012)، التي يعتبرها بمثابة برنامجه الانتخابي، والتي تطرح مجموعة من الإصلاحات السياسية والتشريعية للنظام السياسي.

ترأس اليحيى الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، فرع الجامعة في سنة 1995 -1996، وترأس أيضا جمعية القانون في كلية الحقوق سنة 1993 – 1994 ويعمل حاليا محاميا في الفتوى والتشريع، بدرجة نائب ثاني بقسم الاستئناف والتمييز الإداري والمحكمة الدستورية قسم القضايا، ويؤكد أن الحياة السياسية بحاجة الى مخارج حقيقية والى علاج جذري.

ويرى أن سمو الشيخ جابر المبارك أمامه تحديات كبيرة، وأمامه ملفات كثيرة مفتوحة عليه أن ينتهي منها، وأمامه تَرِكة مثقلة بالأمراض عليه أن يعالجها.

وعن رأيه في الدعوة الى اتحاد خليجي، قال المحامي فيصل اليحيى، لا يمكن الحديث عن وحدة خليجية قبل الحديث عن إصلاحات سياسية، وفي ما يلي تفاصيل اللقاء الذي أجرته معه "الجريدة".

* ما أسباب ترشحك للانتخابات؟ وكيف تقيم فرص فوزك؟

- في البداية أشكركم على إتاحة هذه الفرصة للتحاور حول شؤون وهموم الوطن والمواطن... لكن من يتابع الساحة السياسية في الكويت يدرك أنها مقبلة على منعطف جديد، ربما يشكل مرحلة جديدة وهامة في تاريخ الكويت، وهذه المرحلة تحتاج إلى حشد من الطاقات، وإلى تجديد في الرؤى والأفكار، وإلى ترجمة الآمال والطموحات التي أطلقها الشباب في حراكهم إلى واقع ملموس يرضي طموحات الكويتيين، كما أن الأفق المسدود، الذي تمر به حياتنا السياسية بحاجة أيضا إلى مخارج حقيقية، وإلى علاج جذور المشكلة، وليس مجرد الحديث عن أعراضها ونتائجها.

أما عن فرص الفوز، فإنه من المبكر الحديث عنها، ولكني أتلمس قبولا وترحيبا من أبناء الدائرة، ورغبة في التجديد، والاستماع إلى الأطروحات الشبابية، وهذا بحد ذاته مؤشر جيد، لكنني - في حقيقة الأمر- لا أشغل نفسي كثيرا بموضوع الفوز أو الخسارة في هذه الأيام، فالقضية الأولى في الانتخابات يجب أن تنصب على إيجاد مناخ ثقافي وفكري يعيد النظر في أفكارنا ورؤانا وتجربتنا السياسية من أصولها وجذورها.

*ما القضايا التي سيتضمنها برنامجك الانتخابي؟

- أرى أن هذه المرحلة تفرض علينا أن تكون البرامج الانتخابية مختلفة تماما عن البرامج في المراحل السابقة، فالظروف التي مرت على البلد في الفترة السابقة، كشفت لنا عن اختلالات واضحة في بنية نظامنا السياسي بسلطاته الثلاث، وهذه الاختلالات هي التي أفرزت المشاكل التي يعاني منها كل مواطن، لذلك يجب ألا يخلو أي برنامج انتخابي من الحديث عن إصلاحات رئيسية في النظام السياسي، وهذا ما جعلني أشارك وأتبنى (ميثاق الكويت – 2012)، وهو رؤية شبابية تضمنت العديد من الرؤى والمقترحات والمطالبات التي تصب في هذا الاتجاه، وتسعى لتعزيز دولة القانون والمؤسسات، على أساس مبدأ المواطنة الدستورية، والعمل على تكريس قيم الحرية والعدالة والمساواة، وتعزيز الروح الوطنية.

ومن الخطوات التي تساهم في علاج النظام السياسي، إقرار قانون تنظيم العمل السياسي على نحو يكفل التعددية والشفافية، وإعادة النظر في لائحة مجلس الأمة، وذلك لتعزيز العمل البرلماني وتنقيته من الشوائب والمعوقات، وتخليصه من هيمنة الحكومة، كما أنني أدعو – كما جاء في ميثاق الكويت – إلى تأسيس أعراف برلمانية تنسجم مع روح الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات، في شأن امتناع الحكومة عن التدخل في انتخاب رئيس مجلس الأمة وأعضاء مكتب المجلس، وأعضاء اللجان.

* هل تنتمي إلى تيار سياسي محدد؟

- أخوض الانتخابات مستقلا، ولكني على تواصل مع مختلف التيارات والتوجهات، وتربطني بهم علاقات طيبة، وأنا حريص على استمرار هذا التواصل، وبقاء تلك العلاقات الطيبة، فربما أتفق مع بعض التيارات في مواقف وأفكار معينة وأختلف معهم في أخرى، وقد تشرفت بالتعاون والعمل مع مختلف تلك التيارات، لأنني مؤمن بأن العمل السياسي المشترك ضروري ومهم، وهو صلب العمل الديمقراطي الناجح، لذلك من الضروري تقنين العمل السياسي، حتى يكون منظما ومُشهرا، ويكون العمل تحت مظلة أي جهة في غاية الوضوح والشفافية.

مرحلة تجاوزات

* ما تقييمك لمرحلة تولي سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء؟

- الأمة أصدرت تقييمها للمرحلة السابقة عندما عبرت عن استيائها ورفضها لنهج تلك المرحلة، وتحرك نواب الأمة لكي يعبروا عن ذلك الاستياء الشعبي، وبعد أن عجز النواب عن ذلك تحركت القوى الشبابية والسياسية، ومختلف أطياف الشعب الكويتي، ونزلت إلى الشارع للضغط من أجل تغيير ذلك النهج بكل ممارساته وتجاوزاته، وفعلا حصل ما أرادته الأمة، وهذا أكبر تقييم.

لقد كانت المرحلة السابقة مليئة بالتجاوزات والإخفاقات، حيث تضخم ملف الفساد، وأصبحت رائحته تزكم الأنوف، وتم تعطيل المؤسسات الدستورية، وتعطلت الجلسات، وتم تفريغ الدستور من محتواه، والتهرب من أدوات المساءلة السياسية والالتفاف عليها، وتم ترسيخ منهج الملاحقات السياسة تحت غطاء القانون لكل من ينتقد أو يعارض نهج رئيس الوزراء، وضُربت الوحدة الوطنية عن طريق الإعلام الفاسد الذي كان يلقى رعاية ومباركة حكومية، فتم تقسيم المجتمع وإثارة النعرات والعصبيات فيما بينه، وأُهدرت كرامات الناس والنواب واعتدي عليهم وانتهكت حرماتهم، وتلوث في البلد الماء والهواء والغذاء.. والضمائر أيضا

لقد كان مشروع حكومات المرحلة الماضية الوحيد هو الحفاظ على منصب الرئيس وتحصينه، وتم تسخير مختلف الأدوات من أجل هذا المشروع... باختصار عنوان تلك المرحلة هو التضحية بكل مؤسسات البلد من أجل بقاء فرد في منصبه!

تحديات كبيرة

* ما المطلوب من سمو الشيخ جابر المبارك في المرحلة المقبلة؟

- سمو الشيخ جابر المبارك أمامه تحديات كبيرة، وأمامه ملفات كثيرة مفتوحة عليه أن ينتهي منها، وأمامه تَرِكة مثقلة بالأمراض عليه أن يعالجها، كما أن عليه أن يقرأ المرحلة السابقة بكل مشاهدها، وما فيها من تجاوزات وإخفاقات لم يقف الشعب متفرجا أمامها، وإنما تحرك لتصحيح الوضع، وهذه رسالة يجب أن يقرأها الشيخ جابر المبارك بتمعن، كما أن عليه أن يدرك بأنه من المستبعد أن تعطى له الفرص كما كانت في العهد السابق، فدرجة المراقبة الشعبية والبرلمانية ستكون أشد وأقوى، فهناك جراحات من المرحلة السابقة ما زالت آثارها موجودة على جابر المبارك أن يسارع في علاجها، مثل قضية الوحدة الوطنية والإيداعات والتحويلات المليونية، كما أن عليه أن يقدم ضمانات جدية وعلنية بالتزام الحياد في الانتخابات القادمة، والتزام النزاهة والشفافية، ومنع أي شيء يمكن أن يؤثر على سلامة ونزاهة العملية الانتخابية.

* ما موقفك من موضوع الحريات بشكل عام؟

- احتوت وثيقة الكويت التي أتبناها بندا يتضمن التعهد على إصلاح وتطوير كل القوانين المقيدة لحرية التعبير عن الرأي سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو الإلكترونية أو في الساحات والميادين العامة... كما إنني أعتقد أنه لا يمكن بناء ديمقراطية حقيقية دون حريات حقيقية ومسؤولة، حيث جاء في مقدمة الدستور الكويتي أنه يسعى لمستقبل يفيء على الموطنين مزيدا من الحرية السياسية والمساواة.

* ما دلالات الشعار الذي اخترته لحملتك الانتخابية "أنتم مصدر السلطات"؟

- أعتقد أنه ليس مجرد شعارا انتخابيا، يسعى من خلاله المرشح للوصول إلى مقاعد البرلمان، بقدر ما هو ركن من أركان الديمقراطية في أي مكان في العالم، فلا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية إذا تعرضت إرادة الأمة للخدش أو التهميش، لذلك أرى من الواجب أن نضع هذه القضية في الصدارة، ونجعلها في منزلة القيم الكبرى التي لا تخضع للمساومة، كما أن تطبيق هذا الشعار يوجب أن تكون جميع مؤسسات الدولة عبارة عن انعكاس حقيقي لإرادة الأمة، وعلى رأسها المؤسستان التشريعية والتنفيذية.

تجربة المرأة

*كيف تقيّم تجربة المرأة في مجلس الأمة؟

- لا شك أن إعطاء المرأة الكويتية حقها السياسي هو مكسب كبير يضاف إلى بقية المكاسب الدستورية التي يجب التمسك بها، والمحافظة عليها وتطويرها، وهي خطوة وإن جاءت متأخرة إلا أنها تستحق الإشادة وجديرة بالاحتفاء، إلا أني لا أحبذ تقييم أداء المرأة النائبة باعتبارها "امرأة"، وإنما أقوم بتقييمها باعتبارها عضوا في مجلس الأمة كباقي الأعضاء عليها واجبات ومسؤوليات يجب أن تقوم بها، كما أنه من الضروري قراءة تجربة المرأة في سياق تجربة المجلس السابق ككل، فالمجلس السابق لم يكن بمستوى الطموح الشعبي، وقد خيب آمال الناس في كثير من المواقف، لذلك لا يمكن استبعاد النظرة الكلية للمجلس أثناء تقييمنا لتجربة المرأة، وأنا على يقين أن تجربة المرأة في البرلمان قادرة على أن تصحح نفسها بنفسها نحو المزيد من النضج لهذه التجربة بما يرضي طموح الشارع الكويتي.

ما رأيك في الحراك الشبابي الذي حدث في الآونة الأخيرة؟ وما المطلوب من الشباب في هذه المرحلة؟

- الحراك الشبابي الأخير يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ويوصل رسالة واضحة بأن شباب الكويت على قدر عال من الوعي والمسؤولية، ويُعتمد عليه، وقادر على إحداث تغيير إيجابي نحو الأفضل، وقد تمثل هذا الوعي في أحد صوره بالوثيقة التي طرحها الشباب (وثيقة الكويت 2012)، والتي أتبناها وتتضمن الكثير من الرؤى الواعدة، والأفكار الرائدة، والتي تعبر عما يريده الشباب لمستقبل الكويت، وهذا يثبت أن الحراك الشبابي تجاوز المرحلة الاحتجاجية إلى مرحلة صياغة المشروع، وطرح البدائل، وتقديم تصور لما ينبغي أن يكون عليه المستقبل، والمطلوب من الشباب أن يواصلوا عملهم وتواجدهم في الساحة السياسية، وأن يساهموا في التوعية الانتخابية، لإيصال القادرين على تبني الرؤى السياسية الإصلاحية، كما أن عليهم إيجاد أرضية مشتركة للعمل، ومد جسور التواصل بينهم وبن مختلف أطياف المجتمع وقواه الفاعلة.

الاتحاد الخليجي

* ما رأيك في الدعوات التي أُطلقت بشأن الاتحاد الخليجي وهل تؤيدها؟

- لا يخفى على أحد أن دول الخليج هي في حقيقتها امتداد لبعضها، وأن العوامل المشتركة بينها أكثر من أن تحصر، فتجمعها وحدة التاريخ، والجغرافيا، واللغة، والدين، بالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية المتداخلة، لذلك يفترض أن يكون التعاون والعمل المشترك بينها أكثر من الصورة الحالية المخيبة للآمال، لذلك من الضروري البحث عن صيغة تقربنا للوحدة، ولكن من الضروري الحديث عن خطوة تسبق الحديث عن الوحدة، وهي الإصلاحات السياسية، فلا يمكن أن تقوم وحدة دون أن تكون قائمة على إرادة شعوب هذه المنطقة، فلا بد أن تتحرر هذه الإرادة أولا، وتكون هناك إصلاحات سياسية في جميع دول الخليج تضمن الحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية الحقيقة للشعوب، فبدون هذه الإصلاحات لا يكون هناك معنى للحديث عن وحدة خليجية.

رسالة للجميع

في رسالة وجهها، الى الشعب الكويتي، قال فيها المحامي فيصل اليحيى: يجب أن نعي جميعا دورنا المحوري في بناء الوطن، فإذا كانت السيادة للأمة، فإن لكل منا جزءا من هذه السيادة، فلا ينبغي لنا أن نفرط بهذا الدور، ولا أن نتهاون في واجبنا في اختيار الأكفاء، أصحاب الأمانة والقوة، وفي نفس الوقت علينا أن نراقبهم ونحاسبهم، فإذا كان النواب يراقبون الحكومة، فالأمة هي من يراقب النواب لأنها "مصدر السلطات"، وأتمنى أن نرى مستقبلا أجمل لهذا الوطن العزيز لأنه فعلا يستحق الأفضل.

كوتات

- المرحلة الحالية تفرض علينا برامج انتخابية مختلفة عن البرامج في المراحل السابقة

- يُفترض ألا يخلو أي برنامج انتخابي من الحديث عن إصلاحات رئيسية في النظام السياسي والدستوري

- أتشرف بتبني "ميثاق الكويت 2012" الذي أطلقه الشباب

- أخوض الانتخابات مستقلا وتربطني علاقات طيبة مع مختلف التيارات

- عنوان المرحلة الماضية هو التضحية بكل مؤسسات البلد من أجل بقاء فرد في منصبه

- الحراك الشبابي تجاوز المرحلة الاحتجاجية إلى مرحلة صياغة المشروع وطرح البدائل

- لا يمكن الحديث عن وحدة خليجية قبل الحديث عن إصلاحات سياسية

- تجربة المرأة في البرلمان قادرة على أن تصحح نفسها بنفسها بما يرضي طموح الشارع الكويتي

back to top