سيما علي بابا... حكايات الطغاة والغزاة للكبار والصغار

نشر في 18-11-2011
آخر تحديث 18-11-2011 | 00:01
 محمد بدر الدين على درب أحمد حلمي يحاول أحمد مكي أن يقدّم في جديده «سيما علي بابا» فيلماً خارج المألوف الكوميدي التقليدي، وأن يعتاده الجمهور في تجارب أخرى وصيغ مختلفة، لكن يبدو أن مغامرة حلمي كانت محسوبة بينما مغامرة مكي ليست محسوبة بالقدر نفسه.

كانت مغامرة حلمي الأولى الخروج على المألوف الكوميدي، من خلال فيلم التأمل النفسي والفكري «آسف على الإزعاج»، الذي جاء ناجحاً وناضجاً درامياً وفنياً وحرفياً، وتقبله الجمهور والنقاد ربما أكثر من تقبل تجارب حلمي التالية في محاولة تجاوز الكوميديا التقليدية.

أما مكي في «سيما علي بابا»، فربما لا يقبله الجمهور والنقاد (يتأسف للجمهور على الإزعاج بسبب طموحه أو تجريبه)، وإن كنا نرجّح  أن جمهوراً من الأطفال أكثر من سيرحب بـه.

لا بأس في أن يقدّم مكي تجربة سينمائية للأطفال شرط أن يقدمها بهذا الاعتبار، وهو ما لم يفعله، إذ كان الكبار ينتظرون فيلماً والنقاد منافسة قوية لمكي في مواجهة أحمد حلمي في فيلمه الجديد «إكس لارج»، فماذا وجد هؤلاء؟

الحقّ أن «سيما علي بابا» تجربة جديدة ليس في السينما التي قدمها مكي وجعلت منه نجماً منافساً في الصف الأول فحسب، إنما هي تجربة جديدة في السينما المصرية عموماً، فنحن لم نعرف فيلماً يقدم للكبار والصغار على هذا النحو، وهو ليس فيلم رسوم متحركة ولا عرائس، إنما تقمصت الشخصيات ملامح كائنات غريبة متخيلة في القسم الأول، وتحوّلت إلى طيور وحيوانات في القسم الثاني.

ينقسم الفيلم (إخراج أحمد الجندي وكتابة شريف نجيب عن فكرة أحمد الجندي وأحمد مكي وشريف نجيب) إلى قسمين، وبالإمكان أن نقول فيلمين منفصلين تماماً لا يجمع بينهما إلا طريقة الإخراج وطابع الدراما وتصميم الملابس، الأول بعنوان «حرب الكواكب» والثاني بعنوان «الديك في العشة».

يستعير الأول ملابس وأجواء فيلم «أفاتار» الذائع الصيت، وكائنات الكوكب الخيالي البعيد عن الأرض بملابسها المدهشة وآذانها الطويلة وأصواتها المستعارة أو المختلفة. كذلك يستعير منه شخصيات تتراوح بين الخير الواضح والشر الكامل في قضايا يتصارع فيها، إلى النهاية، العدل والظلم، الحرية والاستبداد.

هنا أيضاً أجواء متأثرة بمصر الثورة الشعبية الكبرى في 25 يناير 2011، حيث السلطة المطلقة والمؤامرة لاستمرارها على «الكرسي» والتحكّم بمصائر الناس، وفي فيلم مكي تمتد الرغبة إلى التحكّم بالعالم بل الكون بما فيه من كواكب، ضمنها الأرض، ولا يتورع الطغاة حتى عن شنّ حرب شاملة، يكون فيها تدمير هذه الكواكب لأجل مصالح التحكّم ومطامع الاتجار بالسلاح ومنافع تجّار السياسة والحروب.

هذا كله يقدمه الفيلم، ببساطة يفهمها الكبار والأطفال وإن تفاوتت مستويات الفهم والإدراك. كذلك لا تخلو الحبكة أو المعالجة الدرامية في هذا القسم من استعارة «تيمة» شهيرة رأيناها مراراً («سلامة في خير» للريحاني و{صاحب الجلالة» لفريد شوقي...) حيث يطلب أهل الحكم والسلطان من مواطن عادي، في إطار المؤامرة التي ينسجونها، أن يتحول إلى ملك أو حاكم، وهو في «سيما علي بابا» مواطن عادي من كوكب الأرض يُوظّف في الكوكب الثاني المتخيل. يؤدي مكي الدور مستعيراً شخصية «حذلقوم»، مواطن عادي لا يخلو من سذاجة، من فيلم سابق له هو «لا تراجع ولا استسلام».

أما القسم أو الفيلم الثاني، فيتجه توجهاً آخر، ويقدّم الغزاة بعد الطغاة في القسم الأول، هؤلاء هم «الضباع» الذين يغزون مزرعة تعيش فيها طيور وحيوانات، من أطيب الكائنات وألطفها، حياة بسيطة بريئة هنيئة ويستولون عليها ويمصّون دم الجميع، إذ لا بد من تقديم «إتاوة» منتظمة وعطايا ثمينة دوماً من كائنات المزرعة (أرانب، بط، دجاج، كلب...).

يعطي الفيلم في النهاية معنى سديداً: لا يتحقّق الإنقاذ بانتظار بطل فرد يعفي الجماعة من دورها، إنما بعمل جماعي جاد يؤدي كل فرد فيه دوراً يتكامل مع الآخرين، كي يتحقق هدف الحرية والعيش الكريم.

يبقى انتظار النتيجة وردود الفعل، لدى الكبار والأطفال، إزاء هذه التجربة السينمائية المختلفة أو المغامرة غير المتوقعة.

back to top