كريستين دانست تؤكِّد موهبتها في Melancholia
عندما اتصل المخرج لارس فون ترير بالممثلة كريستين دانست، بداية بواسطة البريد الإلكتروني ومن ثم عبر برنامج Skype الإلكتروني، ليحدّثها بشأن دور لها في فيلمه الجديد Melancholia، وافقت دانست فوراً على المشاركة في الفيلم.
استرجعت كريستين دانست لحظات حصولها على دور في فيلم Melancholia قائلة: «كان الأمر ممتعاً، فعندما عرض عليّ لارس فون ترير دوراً في عمله الجديد لم أكد أعرف أي شخصية يريدني أن أؤديها. إذ يوجد في الفيلم فتاتان. لكن لم أسأله عن الأمر، بل وافقت مباشرة». تبيّن لاحقاً أن المخرج لارس فون ترير كان يريد من دانست أن تؤدي دور جوستين، عروس تتأخر عن القدوم إلى زفافها وتروح تتجوّل في القاعات الفسيحة والداكنة من قصر عائلتها في حالة من الهدوء الميال إلى الصدمة.وصف فون ترير، المخرج المثير للجدل الذي طرد من مهرجان «كان» السينمائي في مايو (أيار) الماضي لتصريحاته الصحافية الغريبة عن اليهود والنازيين، فيلم Melancholia بـ{فيلم جميل يتحدّث عن نهاية العالم».فعلاً، بينما راحت مختلف العائلات والأصدقاء يتجمّعون لحضور الحفلة، ظهر كوكب جديد في السماء وراح يقترب أكثر وأكثر من الأرض. كانت الكارثة في طريقها إلى الوقوع. لكن يمكن القول أيضاً إن هذا الفيلم سيمفونية مرئية رومنسية ضخمة (في الموسيقى التصويرية مقطوعة Tristan und Isolde للمؤلف الموسيقي Wagner) ونظرة تأملية عميقة في مرض الاكتئاب.سواد وتشاؤمفي الفيلم، تكون كريستين دانست غارقة في عالم من السواد والتشاؤم. أوضحت في هذا الشأن: «قال لي أحدهم إن شخصية جوستين تشبه شخصية الشابة Lux، أي المراهقة المصدومة والغريبة الأطوار التي جسّدتها دانست في فيلم The Virgin Suicides الذي كان أحد أول أفلام المخرجة صوفيا كوبولا في عام 1999. أضافت دانست: «إلا أن جوستين امتداد للوكس، فهي تظهر ما سيحصل للوكس عندما تكبر».فيلم Melancholia الذي شارك فيه أيضاً كل من جون هيرت، وشارلوت رامبلينغ، وألسكندر سكارسغارد، وكيفر سوثرلاند، سمح لدانست بالفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان «كان» السينمائي. كان أداء دانست رائعاً، إذ تقمّصت الشخصية تماماً وأدتها بمهارة عالية. في المقابل، قال فون ترير في مقابلة نشرت على موقع فيلم Melancholia: «أعتقد أنها ممثلة ماهرة. إنها أكثر مهارة مما ظننت، وقد ساعدتها إصابتها بالاكتئاب في حياتها الحقيقية بتجسيد هذا الدور على نحو أفضل». كان خبر إصابة دانست بالاكتئاب مادة دسمة للصحافة الصفراء التي راحت تلاحقها بعدما دخلت إلى مركز علاج في أوتاه في عام 2008. تعترف الممثلة التي لا تحبّ الحديث عن «تجربتها الخاصة» بأن أحد الأسباب الكامنة وراء رغبتها في العمل في هذا الفيلم تمثلّ في «أنها تستطيع تجسيد حياتها الشخصية النفسية في هذا الفيلم».أما السبب الآخر فكمن في أنها وجدت أعمال فون ترير مثلBreaking the Waves وDancer in the Dark وDogville، أفلاماً مهمة، ما أثار في نفسها رغبة في المشاركة في أعمال هذا المخرج. قالت دانست: «أتذكر أيضاً في فيلم Antichrist المشهد الذي يقع فيه الطفل من النافذة. كم كان جميلاً! أظهر فون ترير المشاهد التراجيدية والكئيبة بطريقة جميلة للغاية. إنه أحد أفضل المخرجين في عالم السينما».كانت زميلة دانست في Melancholia الممثلة جاينسبورغ قد فازت بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان «كان» قبل عامين عن دورها في فيلم Antichrist لفون ترير، لكن هذه المرّة كان دور دانست في الفوز بهذه الجائزة عن عمل حمل توقيع ترير مجدداً.في هذا السياق، قالت دانست خلال مشاركتها في مهرجان «تورونتو السينمائي» لإطلاق فيلم Melancholia: «تعني لي كثيراً الجائزة التي نلتها في مهرجان «كان». إنها مرموقة للغاية. طالما كنت أتابع من يفوز في هذا المهرجان وأقول لنفسي إنه عليّ مشاهدة الأفلام الرابحة. حملت الجائزة باعتزاز كبير، وشعرت بالفخر لأني أصبحت جزءاً من ذلك التاريخ وإحدى النساء الفائزات».صدمةخلال مؤتمر «كان» وبينما راح مخرج الفيلم الجالس بالقرب من دانست يتكلّم بصورة غير رصينة عن «كيف أنه أراد أن يكون يهودياً وكيف أنه اكتشف لاحقاً أنه نازي حقيقي»، ظهرت على وجه دانست علامات امتعاض تلتها ابتسامة عريضة. قالت دانست: «تفاجأت بتطرّقه إلى هذا الموضوع. أردت إيقافه، لكني لم أستطع التدخلّ... أعتقد أنه كان يحاول الإجابة عن سؤال خارج الإطار السينمائي، لا سيما ذلك المتعلّق بوالده البيولوجي، بروح الدعابة من خلال قوله: كنت أعتقد أنني يهودي، لكن سرعان ما اكتشفت غير ذلك. حاول أن يضفي روح الدعابة على سؤال فظّ وظلّ يتابع كلامه على رغم عدم تفاعل أحد معه، وظلّ يتكلّم ويتكلّم... فعلاً كان الوضع كارثياً».أضافت دانست: «حتى إنني لا أتذكر ما الذي قلته بعد انتهاء المؤتمر، فقد كنت في حالة صدمة من كلامه». لكن على رغم انصراف فون ترير لتوضيب حقائبه ومغادرة المهرجان السينمائي، لقيت دانست والفيلم الذي شاركت فيه ترحيباً حاراً. صحيح أنه لم يُعجب البعض، إلا أن دانست تقبّلت الأمر بصدر رحب، وقالت مفسّرة: «نظر الناس إلى الفيلم بطرق مختلفة. إنه عمل قابل لتأويلات عدّة، وحتماً سيلقى أصداء إجابية وأخرى سلبية، وهذا ما أحبه فيه».أضافت دانست: «أعتقد ان الفيلم الجيّد هو الذي يسترعي انتباه الناس سواء أحبوه أم لا، فأي رد فعل أفضل من الوقوف على الحياد».