وا صومالاه

نشر في 24-08-2011
آخر تحديث 24-08-2011 | 22:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي إنها لمأساة أن تقوم بعض المنظمات المسلحة بسرقة مواد الإغاثة من أجل أن تحتفظ بحكم أو سيطرة، ما أحرانا نحن المسلمين أن نهب من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح بشرية يعصر قلوبنا الألم عند رؤيتها من خلال ما ينقل من أخبار... ولا نقول إلا «لك الله يا صومالاه».

في الشهر التاسع من عام 1974 صدر قرار كريم من سمو أمير البلاد- حفظه الله ورعاه- وكان يومها يشغل منصب وزير الخارجية بنقلي من ديوان وزارة الخارجية للعمل في سفارتنا في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وذلك قبل نقل السفارات إلى مدينة الرياض، وكان يرأس البعثة الدبلوماسية آنذاك المغفور له بإذن الله الشيخ بدر محمد الأحمد الصباح، شقيق سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد رئيس مجلس الوزراء.

ونظرا لقيامه- رحمه الله- بإجازته فقد كلفني بحضور مراسم غسل الكعبة الشريفة بالنيابة عنه، وفي اليوم المحدد توجهت إلى مكة المكرمة، وما كدت أصعد السلم والدخول إلى بهو الكعبة الشريفة حتى شعرت بالرهبة والخشوع، فدنا مني أحد الشباب المشرفين على المراسم، وأعطاني زجاجة ماء مخلوط بالعطر وبدأت بالمشاركة في غسل الكعبة.

ونظراً لرغبة إحدى عجائزنا- رحمة الله عليها- بجلب بعض الماء المغسول به الكعبة، فقد قمت بتعبئة زجاجة فارغة من ذلك الماء، وهنا دنا مني شاب تتوسم فيه الخير قائلا:

"أخي الكريم ذاك حجر، وهذا رخام، وهذا ماء وكلها لا تضر ولا تنفع، أنت الآن ضيف عند الرحمن في بيته فلا تنشغل بهذه الأشياء عن الصلاة والدعاء".

خجلت من نفسي وقمت بسكب الماء ورمي الزجاجة، ومسكت الأركان بالصلاة والدعاء, طافت بخاطري هذه الحادثة وأنا أشاهد إحدى الفضائيات الكويتية وهي تتحدث عن محال تبيع زجاجات ماء بأسعار غير عادية على اعتبار أنها "ماي مقري فيه"، ولكن من قام بالقراءة؟ وهل هذه تضر وتنفع؟

وبرز في خاطري رجال من بلدي زرع الله في قلوبهم حب الخير، فغدا طريقهم إلى قلوب الناس ونفعهم كبيرا، فتركوا الغث ولم ينشغلوا به عن حب الله وعمل الخير.

ولقد كان لي شرف العمل معهم أثناء عملي في اليمن والأردن وهولندا والبوسنة، ولا يزال هناك مراكز خير تؤتي ثمارها، رجال من أمثال الدكتور عبدالرحمن السميط والأخ عبدالقادر العجيل والأخ الفاضل طارق العيسى والأخ مشعل السعيد والأخ هلال الساير والشيخ الفاضل أحمد الفلاح وغيرهم ولله الحمد كثر.

إنه لفخر لنا أن تكون دولة الكويت والجمعيات الكويتية الخيرية من أوائل من تحرك ولبى نداء الإغاثة لإخوان لنا في الإسلام والإنسانية في القرن الإفريقي، هاجمهم وحش المجاعة الكاسر، فغدت المرأة تترك أطفالها عند قارعة الطريق، وغدا الرجل يتخلى عن عائلته لعدم تمكنه من إعالتهم.

إن ما يحدث في الصومال مأساة، والله إنه لعار على جبين العالم كله أن يتعرض للمجاعة ملايين البشر ونحن في القرن الحادي والعشرين، أين الجسر الجوي والبري والبحري من مواد المأكل والمشرب والكساء والدواء؟

وأين الدول الكبرى الغنية التي امتصت خيرات إفريقيا في الماضي لتبني حضارتها الحاضرة؟ هل يعقل أن تنفق الدول مليارات الدولارات من أجل صناعة كل أنواع الأسلحة لحصد أرواح البشر وتبخل أن تنفق اليسير من أجل إنقاذ طفل جائع التصق بطنه بظهره أو امرأة أو عجوز؟!

والله إنها لمأساة أن تقوم بعض المنظمات المسلحة بسرقة مواد الإغاثة من أجل أن تحتفظ بحكم أو سيطرة، ما أحرانا نحن المسلمين أن نهب من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح بشرية يعصر قلوبنا الألم عند رؤيتها من خلال ما ينقل من أخبار... ولا نقول إلا "لك الله يا صومالاه".

back to top