خبير الإرشاد النفسي أحمد الغرير: الاهتمام بالطفل المعوّق غائب
في دراسة أجراها حديثاً بعنوان «تقييم قياس وتشخيص الأطفال المعوقين ذهنياً في الأردن»، كشف خبير الإرشاد النفسي الأردني د. أحمد نايل الغرير (مدير المعهد الوطني للتأهيل المجتمعي في جامعة مؤتة) أن تشخيص الإعاقة العقلية في الأردن وغيره من بلاد العالم العربي دون المستوى المطلوب ولا يتمتّع بمعايير الجودة العالمية، مشيراً الى أن تعنيف الطفل المعوق ذهنياً يدمره نفسياً واجتماعياً. حول واقع الطفل المعوّق وكيفية مساعدته ليكون فاعلاً في المجتمع كان اللقاء التالي معه.
ما الهدف من دراستك الأخيرة «تقييم قياس وتشخيص الأطفال المعوقين ذهنياً في الأردن»؟بحث هذا الواقع في الأردن من خلال آراء خبراء واختصاصيين ومعلمات وأهل لأطفال معوّفين، فاستنتجت أن ثمة أخطاء في عملية القياس والتشخيص لا بد من معالجتها، وأننا نفتقر إلى أدوات أو اختبارات متخصصة أو مترجمة بشكل صحيح، ناهيك بالضعف في مهارات الخبراء الذين ينفذون آلية القياس والتشخيص، لذا لا بد من مراجعة هذه المهارات وتطويرها، ووضع معايير للقياس والتشخيص تتفق مع تلك المعتمدة في الدول المتحضرة.هل نفتقر إلى مراكز للتشخيص؟لا، لكننا بحاجة إلى وضع ضوابط ومعايير لابتكار آلية تشخيص واضحة ووضع تقارير نفسية أو تربوية خالية من الأخطاء. هكذا نستطيع تحديث آلية التشخيص في الأردن.لماذا تحدث أخطاء في نتائج التشخيص؟قد يعود ذلك إلى الاختبارات أو المقاييس المترجمة التي تنطوي على بعض الأخطاء، أو إلى ضعف الخبراء في مهارات القياس والتشخيص، أو ثمة جوانب تتعلق بشخصية المعوّق نفسه، بالتالي يؤثر ذلك على نتيجة التشخيص.ما الآثار المترتبة على التشخيص الخاطئ؟الهدف من التشخيص إيجاد خطة علاجية للطفل وحينما يكون خاطئاً تكون الخطة العلاجية أو التدريبية غير صحيحة.ما نسبة الإعاقة في العالم العربي؟تتراوح بين واحد واثنين في المائة تقريباً أي ستة ملايين معوّق عربي، وهو عدد لا بأس به قياساً إلى عدد السكان في العالم العربي الذي يصل إلى 300 مليون نسمة.إلى أي مدى يؤثر العامل الوراثي على الإصابة بالإعاقة العقلية؟إلى حدّ كبير، وقد يعانيها المرء نتيجة تعرضه لأزمات ومشاكل وصدمات في حياته تصيب الدماغ بالخلل. أيضا ثمة أسباب لها علاقة بالبيئة والغذاء نفسه قد تؤثر على القدرة العقلية وتساهم في تدنيها.ماذا عن المشاكل الأسرية؟ لم يثبت علمياً أن التفكك الأسري قد يسبب تدنياً في قدرة الطفل العقلية، لكن قد يؤدي إلى تخلف ثقافي أو دراسي أو اجتماعي، وهذا جانب مهم يساهم في تدني قدرة الصغار العقلية.كيف نتدارك هذه المسألة؟بالتنشئة السليمة داخل الأسرة لأنها تستمر مع المرء مدى العمر، إضافة إلى برامج التدخل المبكر لدى الأسرة وتوعية الآباء والأمهات على أهميّة اللعب في حياة الطفل، لأنه ينمي شخصيته ويطور مهاراته ويبني قدراته بشكل أفضل.ماذا عن المهارات؟التركيز على المهارات مهم في حياة الطفل، لذا يجب تعليمه مهارة إدارة الوقت والتخطيط، وإذا أدركنا مهاراته التنظيمية بشكل مبكر سواء كانت سلوكية أم دينية أم اجتماعية نبني شخصية مستقيمة.يمثل الطفل المعوق عبئاً على أسرته، فكيف نتغلب على ذلك؟ثقافة العيب موجودة في العالم العربي. تحاول الأسرة إخفاء الطفل المعوّق لعوامل عدة من بينها الخوف من مقاطعتها ومن رفض الآخرين الزواج من أفرادها.من هنا يجب توعية الأسرة بأننا إذا أحسنا تدريب الطفل المعوّق وتأهيله وتربيته سيكون في المستقبل نافعاً في المجتمع، كذلك نستطيع أن نعلمه مهنة يكتسب منها قوت يومه ويكون صورة حسنة، وأن ندمجه مع الأطفال العاديين في المدارس... فلا يعود عالة على أسرته.بماذا تنصح الأسرة في التعامل مع الطفل المعوّق ذهنياً؟يجب أن يشارك الطفل في المناسبات والفاعليات والأنشطة، وأن يتلقى التعليم، وعلى الأم أن تدرب ابنها أو ابنتها على المهارات الحياتية اللازمة مثل التدبير المنزلي، ليتبدّد خوف المعوّق من الأسرة ومن المجتمع.كيف نتعامل معه إذا ارتكب خطأ؟بالتوجيه والابتعاد عن الضرب والعنف الذي يدمر حياته النفسية والاجتماعية ويهز صورته الداخلية أمام نفسه والمجتمع، فيبقى أسيراً للعنف والإساءة. كذلك يجب أن نجعله يتمتع بصحة نفسية إيجابية من خلال دمجه في أنشطة اجتماعية.كيف تقيّم الدراسات التي أجريت حول التعامل مع الطفل المعوّق ذهنياً في العالم العربي؟هذه المسألة تدخل في اهتمامات منظمات المجتمع المدني التي تتلقى منحاً من الخارج وتنفقها في أمور لا علاقة لها بالمعوقين، كذلك ثمة دراسات وبحوث لا تأخذ التوصيات بمحمل الجد. من هنا يجب أن يعاد النظر في هذه المسألة، خصوصاً مع توافر موازنات تنفق في غير أغراضها.ما أبرز التوصيات التي توصلت إليها في بحثك؟ضرورة وجود معايير مشتركة في العالم العربي لقياس الإعاقة العقلية وتشخيصها، تأسيس مراكز متخصصة لتشخيص الإعاقة عموماً والإعاقة العقلية خصوصاً، تدريب كوادر متخصصة في فحص الحالات، إعادة النظر في مستوى أداء الكوادر العاملة مع المعوقين عقلياً.