نماذج أفلام قصيرة من السينما المستقلة

نشر في 05-12-2011
آخر تحديث 05-12-2011 | 00:01
 محمد بدر الدين بدأت السينما بأفلام قصيرة في مصر وبلدان العالم كافة. كذلك بدأ تيار السينما المستقلة بأفلام قصيرة وسرعان ما تحولت إلى إحدى أهم ظواهر السينما في مصر خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وعند انتصاف هذا العقد لم يظهر ضمن هذه السينما سوى فيلم طويل واحد (أكثر من 60 دقيقة) هو «إيثاكي» للمخرج إبراهيم البطوط، الذي أخرج هو وزملاؤه بعد هذه المرحلة أفلاماً طويلة أخرى من بينها: «عين شمس» و{حاوي»، وعُرض في  2011 فيلما «هليوبوليس» و{ميكروفون» لأحمد عبد الله السيد، و{بصرة» لأحمد رضوان.

لكن ليس صحيحاً أن السينما المستقلة بدأت في مصر خلال هذا العقد، بل خلال التسعينيات من القرن العشرين، وإن تحولت أخيراً إلى ظاهرة سينمائية مهمة بحق. كذلك ليس صحيحاً أن ظاهرة السينما المستقلة اقتصرت على القاهرة، إنما امتدّت إلى مدينة الإسكندرية، وستمتد وتظهر في غيرهما، بحكم طبيعتها ومعناها، وهو معنى يرتبط بالثورة التكنولوجية من حيث استخدام كاميرات الفيديو ديجيتال.

منح أصحاب السينما المستقلة حرية هائلة، تماثل استخدام أي فنان في أي فن لأداة تعبيره (الريشة في يد الرسام، والقلم في يد الشاعر...). من هنا، وجدنا إصراراً من إبراهيم البطوط على التحرر من الرقابة وتقاليدها وقيودها في فيلم «عين شمس» الذي صوّره من دون تصريح رقابي متحملاً تبعات موقفه إلى النهاية، إلى جانب التحرر بإنتاج أفلام قليلة التكاليف والتخلص من تقاليد شركات الإنتاج الكبرى وقيودها وشروط السوق.

من الأفلام القصيرة التي انطلقت من الإسكندرية وساهمت في تحويل تيار السينما المستقلة إلى ظاهرة: «سيكوتين 10,5 ملجم» سيناريو محمد صلاح وإخراجه، «ظل.. من بعيد» قصة محمد رشاد وإخراجه، «كاداها بادالا» قصة أمينة أبو دومة وإخراجها، «إنديميون» سيناريو محمد صيام وإخراجه وغيرها.

ولد محمد صلاح في الإسكندرية عام 1979، وحصل على ليسانس في الآداب في قسم علم نفس، وعمل كمساعد مخرج لمخرجين كبار مثل أسماء البكري.

روح التجديد في «سيكوتين 10,5 ملجم» واضحة، من خلال مواقف شباب يجمع بينهم كورنيش الإسكندرية ويعبّر المخرج من خلالهم، ومن خلال تجسيد هذه المواقف، عن تأمل ورؤية لرحلة هؤلاء في الحياة ومصائرهم، بين السلطة والتحكّم والتحرر ودور الإرادة الإنسانية. يستند المخرج إلى المونتاج والصورة المتقنة في تعبيره، إلى جانب المزاوجة، والمراوحة، بين المشاهد الواقعية والمشاهد المتخيلة المتجاوزة للواقع.

صوّر صلاح الفيلم بنفسه ودعم اجتهاده ماكياج أحمد نبيل وموسيقى تامر عطا الله ومونتاج كايزر الذي شارك في التمثيل مع محمد الهجرسي وكريم وأحمد مصطفى ومحمد عبد الجواد.

ولد محمد رشاد في الإسكندرية عام 1980، وعمل مساعد مخرج لمخرجين في الإسكندرية، وأحد أبرز الأفلام التي أخرجها العمل الروائي القصير «مكسيم».

يدور فيلم «ظل.. من بعيد» بين الواقع والخيال، ويعبّر عن بحث بطله يوسف عن شريك، فهو يعشق التانغو، لكنه لا يجد من تشاركه الرقص، ثم يشرك سارة معه لكن في الخيال، ولا يلبث أن يكتشف أن هذه حال آخرين أيضاً، يبحثون عن الاكتمال والتحقق وعن النشوة الحقة بهذا الاكتمال وحده.

أنجز هذا النسيج الدرامي اللافت، إلى جانب المخرج، جهود مدير التصوير إسلام كمال والمونتير كايزر، وهو من تمثيل آية سليمان وهاني المتناوي.

صوّر إسلام كمال أيضاً فيلم «كاداها بادالا» (نال منحة إنتاجية من معهد غوته لصناعة أفلام تحريك) للمخرجة أمينة أبو دومة، فعكس، بمستوى ناضج في سينما التحريك، انتقال برّاد شاي من القرن الثامن عشر من مكانه الأصلي في الهند إلى منزل عائلة مصرية في حي مصر الجديدة في القاهرة في القرن الحادي والعشرين، وما يرافق هذه الرحلة من مشاكل.

ولدت أمينة أبو دومة في الإسكندرية عام 1983، وحصلت على ليسانس في الآداب قسم اللغة الإنكليزية، وشاركت في ورش تدريبية حول صناعة أفلام التحريك.

هؤلاء وغيرهم من صناع الأفلام القصيرة في إطار السينما المستقلة سواء في القاهرة أم الإسكندرية أم غيرهما، سيصيغون مستقبل السينما في بلادنا، لذا عليهم أن ينتقلوا بهذه السينما إلى فن جاد، بروح عصرية، يعبر بفن منشود عن حياة منشودة، إلى جانب المجددين في الأفلام الطويلة، وأن يكون هذا الفن جزءاً من الثقافة الوطنية، بكل معنى الكلمة، للوطن وللأمة.

back to top