الثورة العربية الكبرى (1916- 1925) (1/2) مظالم الأتراك تفرش حلم الحرية أمام جيوش الشريف حسين

نشر في 13-08-2011 | 22:01
آخر تحديث 13-08-2011 | 22:01
«ديوان عالية» ومذابح جمال باشا في الشام أهم أسباب الثورة ضد الحكم العثماني

تثبت الثورة العربية الكبرى، عدة حقائق تاريخية، أهمها أن الحلم العربي بالثورة ضد الطغيان حلم قديم ومشروع ومبرر، وأن الغرب لم يكن يريد لهذه الأرض أن تتحرر أبداً، وأن الاستعمار لا يمكن أن يدوم طويلاً مهما كان شكله أو لغته أو دينه.

سبقت الثورة العربية الكبرى (1916- 1925) الكثير من ثورات العالم الحديث، لدرجة أن الحديث عنها يُوجب عرض فترة تاريخية مهمة في تاريخ الأمتين الإسلامية والعربية، بين الفترة من إعلان الدستور العثماني 23 يوليو سنة 1908، حتى نهاية الحرب العالمية الأولى في أكتوبر عام 1918م، وهي الحرب التي دخلتها الامبراطورية العثمانية إلى جانب الألمان، فخسرت كل شيء، الدولة والمستعمرات المترامية في البلاد العربية.

كانت حالة من التشرذم تسيطر على البلاد العربية، سمحت بنشوء جمعيات عديدة ذات توجهات قومية، في عدد من البلدان الخاضعة للحكم العثماني، وصدرت عدة صحف تعبر عن هذا الاتجاه الجديد، بجانب الصحف التي كانت موجودة وأيَّدت بشدة هذا الاتجاه، خصوصا في سورية ولبنان ومصر، فقد انتشرت فكرة «القومية العربية» انتشار النار في الهشيم، وأصبح الشغل الشاغل لرجال السياسة والفكر في هذه الفترة هو الانسلاخ عن الإمبراطورية العثمانية، ونشأت في كل عاصمة من عواصم الدول العربية في مصر والشام والحجاز واليمن، بل وفي بعض العواصم الأوروبية والأميركية، جمعيات ونواد تؤيد الاتجاه القومي، وتنادي بالانفصال عن «الاستعمار» التركي كما صار يُطلق عليه.

مؤتمر باريس

وفي باريس تجمع الشبان العرب، واتفقوا على عقد مؤتمر لهم لمناقشة قضية الانفصال عن الحكم العثماني، فبدأوا في مراسلة جميع الحركات والأحزاب ذات التوجه الانفصالي، خصوصا «حزب اللامركزية» في مصر، ودعوهم إلى حضور مؤتمرهم الأول الذي انعقد في 18 يونيو سنة 1913، في قاعة الجمعية الجغرافية في باريس، وانتهت جلساته يوم الاثنين 23 يوينو، ثم أعلن في نهاية جلسته الختامية عشرة قرارات، يدور فحواها حول الانفصال عن الدولة العثمانية.

اعترضت حكومة الأستانة في البداية على المؤتمر وقراراته، لكن جمعية الاتحاد والترقي أرسلت مندوباً عنها للقاء المشرفين على المؤتمر، وعقدت معهم اتفاقاً على تنفيذ بعض ما طالبوا به، ثم صدر مرسوم سلطاني في 3 أغسطس 1913 بإقرار كثير من الإصلاحات التي طالب بها القوميون، وفي يوم 28 أكتوبر من نفس السنة، وصل إلى الأستانة رئيس المؤتمر العربي عبدالحميد الزهراوي، قادماً من باريس، وبدأ مفاوضاته مع الاتحاديين.

الحرب الكبرى

في 28 يونيو سنة 1914م اغتيل الأرشيدوق فرانسيس فرديناند ولي عهد النمسا (كانت إمبراطورية تضم معها المجر) في سراييفو عاصمة الصرب، فاعتقدت النمسا أن القاتل «جافريلو برنسيب» يرتبط بحكومة الصرب فأعلنت الحرب عليها، وهكذا اشتعلت الحرب العالمية الأولى.

عندما بدأت الحرب ساندت كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا (الحلفاء) دولة الصرب، ضد قوى الوسط المكونة من: النمسا والمجر وألمانيا، ثم انضمت تركيا إلى دول الوسط، وانضمت دول أخرى إلى دول التحالف.

كان للحرب العالمية الأولى نتائج لم تستطع الدول المتحاربة أن تتنبأ بها، فقد ساعدت الحرب على إسقاط أباطرة النمسا -المجر، وألمانيا، وروسيا، كما أسقطت أيضا الإمبراطورية العثمانية، وصار رجل أوروبا المريض كمن يلفظ آخر أنفاسه.

ديوان عالية

اضطرت ظروف الحرب إلى تقسيم الامبراطورية العثمانية إلى ست مناطق عسكرية، وعسكر في كل منطقة جيش، وكان الجيش الرابع مقره دمشق، وكانت منطقة نفوذه تشمل المناطق الممتدة من جنوب طوروس حتى اليمن، وتولى قيادته في البداية الفريق زكي باشا الحلبي، ثم أبدلوه بأحمد جمال باشا وزير البحرية حينذاك، وكان أحد أقطاب الاتحاديين، ووصل دمشق، يوم 5 ديسمبر، وسط احتفال رسمي كبير.

كان جمال باشا جبارا عتيا، اعتقل وأعدم المئات ظلما، وسيرته محفوظة في أذهان أهالي سورية ولبنان حتى اليوم، كرمز للطغيان والظلم، وخلال أسابيع من وصوله أعدم المئات من خيرة أبناء العرب دعاة الإصلاح، المنادين بتقوية أواصر الصلة بين العرب وتركيا، وبالحفاظ على الشرع الإسلامي كمنهج للدولة.

سيظل ديوان عالية العرفي محفوراً في ذاكرة التاريخ، حيث شكله جمال باشا من هيئتين، هيئة تحقيق، وهيئة قضاة، ولم تكن جلساته علانية، ولا مجال فيها لدفاع أو مرافعات، وكان ملحقا به قسم خاص للتعذيب، يضم وسائل تعذيب وحشية، وضحايا هذا الديوان كانوا بالمئات، من صغار الشباب دون العشرين، حتى الذين تخطوا السبعين، وكانت طريقة إعدامهم وحشية ورهيبة.

روعت هذه المذابح كل العرب، وكان بعض من تمكنوا من الهرب قد لجأوا إلى مصر والعراق والحجاز، وانقلب الرأي العام العربي ضد الترك، وطالبوا بالانتقام والأخذ بالثأر منهم، وهب الشعراء في كل الدول العربية ينظمون القصائد والمراثي التي تبكي دم الشهداء، وتطالب بوجوب إنقاذ العرب من ظلم وطغيان الأتراك، ويتفق أغلب المؤرخين على أن تلك المظالم والمجازر هي التي عجَّلت باشتعال الثورة العربية قبل أن تكمل عدتها.

الإعداد للثورة

في خريف عام 1915م، وبينما الحرب العالمية الأولى مازالت تحصد الأرواح، ودماء شهداء «ديوان عالية» لم تجف بعد، ومضى أكثر من سبع سنوات على شغل الشريف حسين منصب شريف مكة. كان نشاط الاتحاديين في بلاد الشام ومصر والحجاز في تزايد، لكن الشريف حسين صدهم ومنعهم من التدخل في أمور الحكم، فشنوا عليه حملة صحافية شديدة، وشكوه إلى المركز العام لجمعية الاتحاد والترقي في الأستانة، لكنه لم يأبه لذلك.

كان منصب «شريف مكة» ينحصر في أواخر العهد العثماني في الأشراف من آل أبي نُمي، يتوارثونه منذ عهد الحملة المصرية على الحجاز في عهد محمد علي باشا، وكان يتبوأه وقتها الشريف حسين باشا بن علي بن عبدالله بن محمد عبدالمعين.

في خريف عام 1915 توجه الأمير فيصل بن الشريف حسين إلى الاستانة ليشكو من وجود خطة لاغتيال ابيه بتحريض من حكومة الأستانة، والتي اكتشفوها مصادفة من خلال أوراق وهيب باشا والي الحجاز.

في الأستانة طلب الأمير فيصل إطلاق سراح المعتقلين في ديوان عالية (تم إعدامهم بعد ذلك يوم 6 مايو 1916)، وحمل بشدة على سياسة جمال باشا العدائية ضد العرب، وصرح بأنه ليس في إمكان العرب السكوت عنها، وسلم الصدر الأعظم سعيد حليم باشا مذكرة، عرض فيها مطالب العرب ورغبتهم في الحرية والاستقلال، وقال إنهم على استعداد لتأييد الدولة إذا اعترفت باستقلال الحجاز على أساس اللامركزية، وبالشريف حسين أميراً، على أن تكون الإمارة إرثاً بين أولاده من بعده.

أسفرت هذه الزيارة عن عزل وهيب باشا والي الحجاز، الذي كان يتآمر مع الاتحاديين لقتل الشريف حسين، ثم غادر فيصل الأستانة قاصداً دمشق، حيث استقبله جمال باشا بنفسه وسط حفاوة زائدة، فقد كان في حاجة إليه لتهدئة الحالة في البلاد العربية. من دمشق اتجه الأمير فيصل إلى القدس ومعه جمال باشا، وزار ميدان الحرب في سيناء، وخطب في الجنود والضباط مُحمِّساً إياهم للحرب والجهاد، وأعلن أنه عائد إلى الحجاز ليعود على رأس جيش كبير من المتطوعين للاشتراك في الحرب.

المملكة العربية

الذي حدث بعد ذلك أنه عاد إلى دمشق، وبدأ ولأول مرة يتصل برجال الجمعيات السرية في دمشق، وكانت اللقاءات معهم تتم بشكل سري بعد منتصف الليل، لبحث الحالة الراهنة في البلاد العربية، وكانت الآراء في دمشق مضطربة جدا، وفيها نزعة نحو الاستمرار في معاونة الدولة العثمانية لإنقاذ البلاد من الغزو الأوروبي المتوقع، لكن استفحال المظالم ونصب المشانق من قبل القادة الأتراك خلق حالة من الكراهية والنفور تجاه الترك.

غادر فيصل دمشق عائداً إلى مكة في شهر ديسمبر سنة 1915، وكان ممتلئاً بالنشاط والحماسة، ثم انتقل إلى الطائف بعد أيام، ثم لحق به والده وشقيقاه عبدالله وعلي، وعقد الأربعة مؤتمراً سرياً بعيداً عن أعين الجواسيس، واتفقوا في ما بينهم على التعاون مع الإنكليز ضد الأتراك، وكانت رسل الإنكليز تترد كل يوم على الحجاز تطلب من الشريف حسين التعاون معهم ضد الأتراك، ووعدوه بدعم رغبته في تحرير العرب من الأتراك، وكان الأتراك ينشرون جواسيسهم حول الشريف حسين وأولاده، يرقبون حركاتهم ويحصون عليهم أنفاسهم.

وفي يناير عام 1916، وصل فيصل إلى دمشق ومعه خمسون فارساً من أتباعه، وعاود الاتصال برجال العرب ومفكريهم، وبحث معهم الخطط والاستعدادات المطلوبة للثورة المنتظرة ضد الترك.

في فبراير من تلك السنة، وصل إلى دمشق أنور باشا وكيل القائد العام، ومنها انتقل إلى الحجاز بصحبة جمال باشا والأمير فيصل، ولما وصل إلى المدينة المنورة أظهر رغبة في الاجتماع بالشريف حسين، وقالت بعض المصادر إن أنور باشا كان يريد القبض على الشريف حسين ونفيه ومحاكمته، لو أنه استجاب للدعوة.

قامت مراسلات بعد ذلك بين الشريف حسين وأنور باشا، وكان حسين يصر على العفو عن المعتقلين السياسيين، وجعل مكة إمارة وراثية لأولاده من بعده، وتآمر جمال باشا ضد فيصل وشقيقه علي، إذ حاول استقدامهما إلى دمشق وأخذهما رهينة، لكن فيصل نجا من هذه المؤامرة، وكانت المراسلات السرية تجري بشكل مكثف بين فيصل وشقيقيه ووالده، فكان يوافيهم بكل ما يحدث في دمشق أولاً بأول، ويطلعهم بما كان يجري مع الترك، وتم الاتفاق نهائياً على تفجير الثورة.

في تلك الأثناء كانت المراسلات تتم بشكل مكثف بين الشريف حسين والإنكليز، وكان المفوض بالتفاوض معه من طرف الإنكليز السير هنري مكماهون المعتمد البريطاني في مصر وكان منصبه الرسمي فيها «نائب الملك»، وزين الإنكليز للشريف حسين أمر الثورة ضد الترك، وأكدوا له وقوف بريطانيا بجانب العرب، وأن هدفها هو تحرير العرب من الحكم التركي الظالم، ووعده بإمارة مكة، وأن تكون إمارة شرق الأردن وسورية لأبنائه، فامتلأت نفس الشريف حسين بالحماس نحو الثورة ضد الأتراك.

انفجار الثورة

بدأت الشرارة الأولى للثورة العربية في مكة، يوم 10 يونيو 1916، بأن هاجم عدد من جنود الشريف حسين القشلاق العسكري في جرول قبيل الفجر، وكان الجنود الترك وقتها يقومون بأداء التمرينات الرياضية وبدون أي استعداد للقتال، وفي نفس اليوم كانت قوة من أربعة آلاف جندي تابعة للشريف حسين تهاجم الحامية التركية في جدة، وفي 13 يونيو اشتركت ثلاث بوارج بريطانية في ضرب معسكرات الحامية التركية بجدة، وفي 14 يونيو طارت الطائرات البريطانية فوق معسكرات الترك، وألقت فوقهم منشورات تطالبهم بالاستسلام، حيث رفعت حامية جدة راية التسليم، وكان عددهم 1346 جندياً و47 ضابطاً، ومجموعة من المدافع والبنادق وبعض الذخائر.

في يوم 27 يونيو 1916 وصل إلى جدة الكولونيل الإنكليزي ولسن باشا حاكم بورسودان، مندوباً من قبل السردار ونجت في السودان، يحمل كتاباً منه إلى الشريف حسين، يتضمن تهنئته بالنصر، وأرسل له قوة رمزية معاونة مؤلفة من 320 جندياً، وعددا من المدافع وثلاثة آلاف بندقية.

رُوِّع أقطاب الاتحاديين باشتعال الثورة في الحجاز، وكان أشدهم حسرة وتألماً جمال باشا، لأنه أدرك أنه كان مخدوعاً، وأن الحسين وأولاده خدعوه بعدما أخذوا المال والسلاح، وكان «بصري باشا» محافظ المدينة أول من تنبه إلى هذه الحقيقة، فقد كان يدعو إلى التخلص من الشريف وأبنائه والفتك بهم، وقال حينذاك كلمته المأثورة: «لقد انتصر الذكاء العربي على الذكاء التركي».

أعاد فخري باشا تنظيم الحامية التركية في المدينة، وأخذ يستعد لقتال العرب الذين بدأوا قتاله بلا هواده، وأصدر جمال باشا تعليماته لعدد من الفرق العسكرية التي كانت مرابطة في دمشق بالتوجه فورا إلى الحجاز والانضمام إلى قوات فخري باشا، وقد رأى الاتحاديون أن يضربوا العرب بالعرب، وأن يلقوا بين الأمة العربية الشقاق والبغضاء، فجاءوا بالشريف على حيدر باشا (وكيل مجلس الشيوخ العثماني ووزير أوقاف سابق) وعينوه في منصب شريف مكة، لما له من علاقات جيدة بالاتحاديين، وأرسلوه بقطار خاص من الأستانة إلى دمشق، ثم قصد المدينة المنورة، وحط فيها برجاله، في أوائل شهر سبتمبر 1916، وقرر أن يتخذها عاصمة لإمارته.

أصداء الثورة

لم يكن صدى الثورة لدى الترك بأقل منه لدى فرنسا ألمانيا والنمسا، باريس مثلاً أرسلت وفداً يحمل الهدايا إلى مكة، وإثر اندلاعها زار قنصلا ألمانيا والنمسا دمشق جمال باشا، وأعربا له عن انزعاجهما، فأكد لهما جمال باشا أنها حركة «محدودة» وسوف تخمد سريعاً، وأنه أصدر أوامره إلى قواته في الحجاز بالقضاء عليها، وسوف يقبض على الشريف حسين ويأتي به إلى هنا ويشنقه على أبواب دمشق، مثل المئات الذين شنقهم، فخرج الضيفان من عنده وقلبهما مطمئن، لاعتقادهما أنه مسؤول وقادر على فعل ما يقول.

في أعقاب ذلك علق قائد عسكري ألماني على اندلاع الثورة العربية قائلاً: «إننا لم نستمل الترك ولم نبذل ما بذلناه ولم نتحمل ما تحملناه إلا لأن الخلافة الإسلامية فيهم، ولأنهم موضع احترام مسلمي العالم، أما وقد أضاعوها وفقدوا هذه المزية بخروج الشريف عليهم، وهو أكبر زعيم مسلم، وسليل أعظم بيوت في الإسلام، فالألمان سيعيدون النظر في موقفهم ويسعون إلى التخلص من الترك».

الكعكة العثمانية

في الوقت الذي كان فيه الشريف حسين يحشد الجماهير العربية ضد تركيا، ويعلن دعمه للحلفاء في حربهم ضد تركيا، كانت هناك مفاوضات سرية تدور بين كل من روسيا وإنكلترا وفرنسا لاقتسام أملاك الدولة العثمانية عامة، وبين إنكلترا وفرنسا لاقتسام بلاد العرب خاصة، وكانت هذه المفاوضات تتم في نفس الوقت الذي تدور فيه المراسلات بين إنكلترا والشريف حسين لحمله على حرب الدولة العثمانية مقابل مساعدته في إنشاء دولة عربية كبرى، تضم بجانب الحجاز بلاد الشام والعراق، ويكون هو ملكاً على هذه الدولة، وتكون لأولاده من بعده.

استمرت المراسلات بين الشريف حسين والإنكليز 18 شهراً في الفترة من سبتمبر 1914 حتى يونيو 1916، نال خلالها ما يريده من وعود، من دولة كانت هي العظمى في ذاك الحين، في الوقت الذي كانت فيه المكاتبات تدور بين الحسين والسير آرثر مكماهون المندوب البريطاني ونائب الملك في القاهرة، للاتفاق على وضع أسس النهضة العربية بعد انتهاء الحرب، كانت هناك مفاوضات أخرى تتم في القاهرة أيضا بين السير مارك سايكس المندوب السامي البريطاني لشؤون الشرق الأدنى، والمسيو جورج بيكو المندوب الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى، للاتفاق على تقرير مصير الأمة العربية وتقسيمها، بإشراف المستر سازانوف المعتمد الروسي العام في القاهرة، فكان للإنكليز موقفان متناقضان يضاف إلى قدرات هذه القوى على التآمر والخداع.

ووقعت كل من روسيا وإنكلترا وفرنسا معاهدة تاريخية، لتقسيم أملاك الدولة العثمانية بينهم، في 4 مارس سنة 1915 بمدينة بطرسبرغ، وظلت هذه المعاهدة سرية حتى نشرتها صحيفة «البرافدا الروسية» بعد نجاح الثورة البلشفية 1917، جاء في مادتها الثالثة بيانا محددا بتقسيم البلاد العثمانية إلى مناطق نفوذ بين الدول المتعاقدة، فاستأثرت روسيا بعدة مناطق في القوقاز، وكان من نصيب فرنسا السواحل الشامية كلها في سورية ولبنان، في حين صارت مصر وبلاد الجزيرة العربية والعراق من نصيب إنكلترا، وتكون لفلسطين إدارة خاصة.

back to top