الفراعنة... مدرسة الإنجاز

نشر في 02-07-2011
آخر تحديث 02-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. صالح الحيمر عندما تقف أمامه ينالك شيء من الاستغراب والإحساس بالعظمة، وإذا أردت أن تنظر إلى أعلاه يجب أن تمسك عقالك حتى لا يقع، مع العلم أن معظمنا لا يلبس العقال أو الغترة عندما يذهب إلى هناك... أمر ببنائه أحد عظماء عصره، لينتقل إليه عندما يموت!! وسماه باسمه... الفكرة ممتازة والنتيجة لم ولن يستفيد منها.

لا أحد يعرف على وجه التحديد كيف تم بناء الهرم خوفو، وهل تم نحت الجبال القريبة أو أن الأحجار جلبت من مكان بعيد؟ أو أنه كما يقول بعض العلماء تم تصنيع الأحجار في موقع المشروع؟ ويعد ذلك من الأساطير والأسرار التي تضفي على هذا الصرح سحرا وغرابة وجاذبية.

وبالأرقام، فالهرم خوفو يرتفع عن الأرض يما يعادل عمارة مكونة من 20 طابقا، ولو أننا استخدمنا حجارته التي صنع بها لاستطعنا أن نبني جدارا يمتد من الوفرة إلى مزارع العبدلي بارتفاع ثلاثة أمتار، أما بالنسبة إلى الوزن فهو يعادل مجموع بيوت قطعتنا وسيارات جيراننا وجمعيتنا وفرع الغاز، وقد استغرق بناؤه فترة تزيد على عمر ابني الذي أكمل 12 سنة منذ شهرين.

والمعلومة التي كانت غائبة عنا، إذ كنا نتخيل أن فرعون مصر في ذلك الوقت قد استعبد الناس، واستخدم السجناء، ولجأ إلى السياط والتعذيب لدفعهم إلى العمل وتسخيرهم للبناء، كل هذه المعلومات مغلوطة تماما، فيؤكد الدارسون والمؤرخون أن كل من عمل في هذا المشروع بالذات كان بمحض إرادته وباختياره الشخصي.

لا نعرف كيف كانت طريقة التوظيف؟ ولا آلية المفاضلة والاختيار؟ وكيف صُمِّم الهيكل التنظيمي للمشروع؟ ولكن الذي نعرفه هو أن الفراعنة بشر مثلنا يطمح الواحد منهم أن يجد الوظيفة المناسبة التي تساعده على مواجهة أعباء الحياة، واحتياجات أسرته وطلبات زوجته التي لا تنتهي، وعندما بدأ المشروع ودخل العاملون في أتون العمل حدثت أيضاً لهم أشياء وواجهوا أمورا أدت بهم إلى إنجاز هذه الأعجوبة التاريخية التي ما زالت صامدة منذ 5000 سنة يقصدها العلماء والباحثون بالملايين سنويا، ويذهب إليها بعض (ربعنا) ليركب «الحنطور» ويتصور فوق البعير للذكرى.

لقد استحوذ القائمون على هذا المشروع على قلوب العاملين، إذ تم تأسيس فهم مشترك لطبيعة المشروع وقناعة من الجميع بضرورة الإنجاز مما أدى إلى تفجير الطاقات وشحذ الهمم والإبداع في الأداء، ولا ننسى أن أبواب مسؤولي المشروع لم تكن مفتوحة فحسب، بل كانوا لا يغيبون عن أرضه، وكانت هناك أحاديث ونقاشات على كل المستويات، وذلك بهدف تعزيز الشفافية وتأكيد الدراية بمراحل المشروع واحتياجاته الفنية والهيكلية والهندسية، وصدق أو لا تصدق: وصلت الأغلبية إلى قناعة بأن المشروع يخص كل واحد منهم (كأنه مشروعه الخاص) وأصبح مكان العمل بمنزلة بيتهم الثاني.

باعتقادي أنه لو كانت الإجازات الطبية، و(التزريق) أثناء الدوام، والاستئذان كل أسبوع، وأيضاً (كل واحد يغطي على خويه)، لو كانت كل هذه موجودة لما رأينا هرم خوفو أبدا، ربما «خفرع» أو «منقرع» لأنهما أصغر قليلا!

back to top