ارحموا عزيز قوم ذل

نشر في 04-06-2011
آخر تحديث 04-06-2011 | 01:01
No Image Caption
 عفاف فؤاد البدر تساؤلات تطرح نفسها: المعلم والمعلمة أبناء مَن؟ أليسا أبناء هذه البلد؟ أمَا آن للمعلمين أن يتنفسوا الصعداء؟! أما آن للمعلمات أن يعتززن بوظيفتهن؟! أما آن أن نضع الحمل عنهم وعنهن؟! لماذا كُتب على حاملي تلك المهنة الشقاء والتعاسة؟ ولماذا باتت تلك المهنة من المهن الطاردة؟ وعلى مَن يعود السبب؟!

لماذا يحظى المعلم في الدول المتقدمة بالرعاية والاهتمام، حيث يحل كثاني أعلى راتب في الدولة؟... لذا نجد إبداعات وفكرا واختراعات تنهال من عندهم، كما أن بحوثهم ودراساتهم العلمية تفوق بأضعاف مضاعفة ما لدينا من بحوث واختراعات، إن وجدت، ويعود ذلك لما يتمتع به المعلم من رفاهية؛ فوظيفته الوحيدة هي التعليم فقط لا غير، لذا فهو يركز في عمله، يعيش في طمأنينة وراحة بال، ينتج مخرجات عالية الجودة.

ولو قارنا ذلك بمعلمنا لوجدناه مشتتاً بين كومة من الأعمال؛ ففي مجال التدريس يشرف ويراقب ويناوب ويعد الدروس النموذجية والاختبارات، ويصحح لكل طالب من ثلاثة إلى أربعة دفاتر (وعليكم الحساب في عدد الطلبة). هذا فضلا عن الأعمال الإدارية؛ يعمل كمندوب للإدارة، وأحياناً يقوده العمل إلى تبديل "سيراميك" بيت الناظر، وتغيير زيت سيارة الوكيل ودهانها، كل ذلك وغيره من الأعمال، فهو مأمور من أجل التقرير.

وفي بعض الأحيان يقوم بـ"أعمال إضافية" في حالة إضراب العاملين أو العاملات، ورغم كل هذه الأعمال يتقاضى راتباً زهيداً يحسد عليه وعلى الإجازة التي تعتبر كالمتنفس للسجين عندما يسرّح من سجنه مقابل حسن سيره وسلوكه.

وبعد كل هذه المعاناة التي يلاقيها المعلم في موسمه الدراسي يُطالب بتخريج مخرجات تعليمية من الطراز الأول! فكيف له أن يسهم بعصارة فكره في تسليم المجتمع مخرجات نابضة بالعلم والفكر والثقة والطموح، وهو مهدد مادياً ومحمل بأعباء نفسية وبدنية وذهنية لا تطاق؟! لذا تجده يصارع بين تأمين لقمة عيش شريفة لمستقبل أولاده وعائلته وضغوط عمل خانقة لا يقوى على ملاحقتها، وتؤثر حتماً على عطائه.

والمفارقة أنه حينما تلوح في الأفق بارقة أمل في تعديل وضعه، يأتي عدد من النواب ليقطعوا الطريق أمام تحقيقه، بالانسحاب خلسة من المجلس لئلا يدلون برأيهم في حق ذلك المعلم المضطهد والمغلوب على أمره... في حين نرى الجميع يتكالب على وزارات أخرى يندر فيها العمل وتثقل فيها الرواتب... "اللهم لا حسد".

فيا من خذلتم كل معلم ومعلمة، وسرقتم البسمة من شفاههم لا يتبقى سوى مقولة حق "ارحموا عزيز قوم ذلّ"... وأقولها لكل مَن ملك ناصية الرأي وحمل الأمانة بأن يراعي الله فيها ويؤتي كل ذي حق حقه.

back to top