مصائر 
لا تنتهي

نشر في 29-12-2010
آخر تحديث 29-12-2010 | 00:01
 زاهر الغافري الثانية عشرة زوالاً، في ظهيرة صيفية، سماؤها

متوجة بالغيوم، في حانة سكوير سايد، هنا في

مدينة مالمو.

عندما تضيع الأحجار الثَمينة بين أقدام المهاجرين

وتعبر الصيحة أليمة فوق ذُرى الغابات

عندما تزمجر الريحُ أمام عري العالم.

هنا تنفتح نافذة الكلام، حنفية صدئة صوتها

يتردد بين الأروقة.

هناك شخص ينصت إلى بلد بعيد، مريض يسمع

ارتطام الخشب بحافة النهر، ظلال وإشارات من

رجلٍ يدخّن غليوناً كأنه أضاع البوصلة في الطريق

إلى الفردوس.

شلال يتدفق من عين الساحر، الحياة مركب

لمرثيّات الوداع، هذا ما يظهر في المرآة المقوّسة

لن تمضي اللحظة حتى يطير الحمامُ بأبهة ملكيّة

في ساحة المعجزة، حيث الوجوه حائرة أو مضاءة

بقناديل الغضب.

يتجمّع الألم فوق منحنى الأفق

ساحباً فجر الوليمة إلى أرضٍ أُخرى

هنا دائماً هنا

في أبدّية تحبسُ النظرة أنفاسَها

بحثاً عن أختها العمياء.

هنا في حانة سكوير سايد، يحدث أحياناً

أن يشرّف المكان عدد قليل من الزبائن بجمال يُشبه الموت:

المغنية الصلعاء مثلاً، أو غودو الذي انتظرناه

طويلاً ولم يأت، لكنه أتى في هذه الظهيرة ليخبرنا

أنه في حياة سابقة كان عتّالاً في مَعمل البراءة وقد تجلى

الآن في هيئة الملاك الحارس، الشقراء باربرا تفتح ساقيها

للنادل، مشيرة إلى زهرة الآلهة: قطفها اللعين ابن فضلان.

وهناك رجل يفكر بالعودة لكن إلى أين؟

أين طرف السلسلة، أين مقبض الباب؟

ورغم أن الضّفاف ليست بعيدة لمن يرغب في موجة أو عُشبة

في آخر الليل، فإن صوت القدر هو ذاتُه

يتكرر مثل بندول الساعة ليجمع الأضواء والرغبات

والمصائر التي لا تنتهي.

مَلاَكُ القوة

أمام هذا النهر نجلس, نحن أسرى الخسارات منتظرِين أن يظهر في أية لحظة

ملاك القوة. إشراقة مليئة بالغضب. أصواتنا ضائعة بين أفلاك بعيدة لا دليل يقود انتظارنا أبداً، وحيدين خلف أبواب تجهلها الريح. وهكذا ننتظر إلى أَن تَبْيَض أعمدة السماء السبعة. لَعَل في يوم ما, يوم شبيه بهذا ستأتي الأمنية على جناحيها وهّاجة مِثْل بريق مدية وستكون السماء مليئة ربما بالنجوم.

أَرْض بَعِيدة

انتظرت حياتَك في أرض بعيدة. كلّ لحظة مَرَّت حَمَلَت في كفِّها جمرة الصبر. حُلُمِي ظِل تَنْقُصُه شجرة جُرْحُك رأفة الذاهبين إلى نومِهِم. وصوتُك دائماً، بالكاد يترَقْرَق في النسيان. الموت أغفى على يَدِك كزهرة في بَرّيَّة الليل. يَدُك التي رأت وشمَّت رذاذاً خفيفاً على النافذة. لَم أكن بعيداً عندما سقطت تلك الإصبع في رَمَاد الحديقة. اللمسة تركت ظللها على سَرِيرِك اللمسة أزهرَت حين غاب عنها النور. حَيرَتي، خريف لم يَصِل إلى حياتِك. وأشرب من كفِّك فكرة الماء عندما أعطَش.

كأسُك فارغة وخُبْزُك فوق المائدة وأنا،

جاهداً أجرّ العاصفة

فلا أقوى.

back to top