لماذا الكرامة للكويتيين؟

نشر في 04-11-2010
آخر تحديث 04-11-2010 | 00:01
ردود الفعل الكثيرة على موضوع «هل الكرامة للكويتيين فقط؟» تشير إلى أن هناك مشكلة أكبر مما نتصوره في أنفسنا والمحيط الذي خلقناه، وكونّا من خلاله مفاهيم جديدة لحقوق الإنسان.
 عامر الهاجري كان لصيغة السؤال الذي طرح في هذه الصفحة الأسبوع الماضي ردود فعل كثيرة، تبنى معظمها وجهة النظر المقصود طرحها خلال استعراض قضية حقوق العمالة المنزلية في الكويت، إلا أن البعض أساء فهم القصد، ولم تكن قراءته للموضوع وفهمه الا من خلال العنوان!

الكويتيون بشر مثل غيرهم فيهم المخطئ وبينهم المصيب، والانتهاكات التي تحدث للخدم في أغلبها هي مظالم عالمية... حتى في الولايات المتحدة الأميركية التي كثيرا ما تكشف وسائل إعلامها عن اعمال السخرة التي يقوم بها لاجئون غير شرعيين، استغل ارباب عملهم الذين أدخلوهم حالتهم الاجتماعية المزرية في تحويلهم الى آلات بشرية تدر عليهم النقود!

وفي الكويت كما هو في أغلب الدول العربية والعالم الثالث، كرامة الانسان مربوطة بالأخلاق الشخصية لرب عمله... او "كفيله"، ولكن ما تتميز به بلادنا انها تسمح للآخرين بممارسة موروثاته غير السوية ونشرها داخل المجتمع على انها امور مسلم بها!

في شبه القارة الهندية أصبحت "العبودية" من التقاليد والأعراف التي تنتقل من جيل الى آخر، وكان السيد في البداية مهراجا ومن ثم "السيد البريطاني"، وهكذا أصبح عاديا أن يكون هناك آمر وخاضع لهذا الأمر، للفقر دور كبير في ترسيخ هذا المفهوم بين الهنود.

وكذلك الوضع نفسه في الفلبين التي كان فيها الجندي الاميركي مقدسا، وفي اندونيسيا التي امتلأت بالخزعبلات الممجدة للشخوص والمقوضة لإنسانية الآخرين!

وليس بلاد "الباشوات" و"الباهوات" ببعيدة عما يحدث فيها عن غيرها من البلدان السابقة، حيث كرامة المواطن... آخر ما يشغل بال القائمين على امور الدولة وسط سكوت شعب تعود على الذل والخنوع بشهادة أبنائه!

وفي الكويت وقبل أن يسمح رسميا لمكاتب "الخدم" بالعمل، دخل الى الكويت تجار الرقيق في بلادهم تحت نظر مالك المكتب... وبمباركة خفية غير معلنة من المسؤولين في وزارات الداخلية والشؤون... والتجارة! ونقلوا هذا العمل الينا على انه أمر طبيعي "عندهم" هناك، وللأسف قبلناه على انه شيء طبيعي... و"عادي".

يقول مواطن رفض ذكر اسمه: "نحن في الكويت نرحم المسكين، والدليل المساعدات الخيرية التي تخرج من بلادنا شهريا وتتجاوز قيمتها الملايين" ولكن، يضيف: "تعاملنا مع العمالة المنزلية استقاه البعض من العرف النشاز الذي وصلنا من أصحاب المكاتب الفعليين من غير الكويتيين، والذين نعتقد انهم يجيدون التصرف مع ابناء جلدتهم... او هكذا كنا نحسب!" ويلفت الى ان "البعض الآخر وهم كثيرون يتعاملون مع عمالتهم المنزلية على "نظام العبيد" وأصبح الضرب والإهانة طقوسا يومية يمارسونها ضد خدمهم"، ويستدرك: "حتى الاجازة الاسبوعية يحرم منها هؤلاء سواء كانوا ذكورا او إناثا... "خايفين يخربون" هكذا يبرر المواطنون منع الانسان من يوم راحة كل 6 أيام، هذا اليوم الذي تقره كل الاعراف والشرائع السماوية والارضية".

ويقول: "والله البعض منا للأسف حتى وجبة الغداء يستكثرها على سائقه الذي يجد في بعض الجيران الرحومين موردا لأكله... ومن دون علم الكفيل الظالم".

ويختم حديثه لـ"الجريدة": "نعم هناك ظلم عسى ان يكفينا الله شر عواقبه، والكثير من أقربائنا وأصدقائنا يتعفف حتى من الحديث مع خادمه... وطبعا كلمة لو سمحت مغيبة خلال التعامل معه!".

ويقول مسؤول في العمالة المنزلية: "للأسف نحن نعرف ان الكثير من هذه المؤسسات لا يملكها الكويتيون الا على الورق، ولكن ما ان نغلق احداها لسوء معاملته مع الخادم الا وانبرى اكثر من عضو للتوسط له، وايضا للأسف نقبل واسطته خوفا من عواقب الرفض".

ومن الشؤون يشير مدير سابق: "من وزارتنا انطلق تجار الرقيق حتى تغلغلوا في مؤسسات العمالة المنزلية". ويستدرك: "واصبح سكوتنا لظرف او آخر علامة رضا للآخرين سواء من ابناء جلدتنا او غيرهم"!

ويضيف محلل نفسي: "صار من الطبيعي ان يتراجع المقيم من الطابور ليفسح للكويتي، ليس لأن الأخير طلب هذا منه، ولكن لأن من أحضره من بلاده وكان وسيطا بينه وبين الكفيل... هكذا أخبره... الكرامة للكويتين فقط؟!"، واذا لم يتراجع من نفسه، قد يجد من المواطنين من هم مرضى ومكدسون بالعقد التي يتخلصون منها برميها على الآخرين، ويتجاوز الدور في اي مؤسسة حكومية وعيناه تنظر شزرا الى الواقفين، بينما الموظف كان قد سبقه بتوجيه اشارة اليه لتجاوز الدور ليس لأنه يعرفه ولكن... من أجل الغترة والعقال؟! ولا أعرف علامة للترقيم غير ما هو موجود تعبر عن الفكرة الموجودة لدينا عن الخدم والتي ساهم في زرعها ونشرها بيننا تجار الرقيق، أعرفتم الآن لماذا الكرامة للكويتيين فقط؟

back to top