بعد شطب “غلف إنفست” من سجلات “المركزي”… من التالي وما الخطوة المقبلة؟

نشر في 05-02-2011 | 21:18
آخر تحديث 05-02-2011 | 21:18
No Image Caption
كتب: عبدالله خليل

بعد شطب الشركة الخليجية الدولية للاستثمار "غلف إنفست" من سجلات بنك الكويت المركزي الاسبوع الماضي، بعد تعثرها وتجاوز خسائرها حسب آخر بياناتها المالية لما فوق الـ75 في المئة من رأسمالها، ما يحتم على "المركزي" شطب الشركة إن لم تجد حلا لمثل هذه المشكلة، ظهرت تساؤلات جديدة على الساحة الاقتصادية وتحديدا على ساحة سوق الكويت للأوراق المالية: من التالي؟ وما الإجراءات الأخرى للشركات المتعثرة الأخرى؟ ومتى ستنتهي الموجة الحالية؟ وكيف سنقضي ونعمل على إنهاء الوضع الحالي وإخفاء مصطلح "التعثر" لدى العديد من الشركات المستحقة لهذا المصطلح في الوقت الحالي؟

بداية يجب أن نضع تعريفا موحدا لما يسمى بـ"الشركة المتعثرة" بعد أن كثر وشاع استخدامه منذ اندلاع الأزمة المالية في الكويت حتى يومنا الحالي، بل وظهرت تصريحات العديد من المسؤولين الاقتصاديين مشيرة إلى بدء مرحلة جديدة من مراحل "التنظيف" و"استخراج العفن" من السوق والتركيز على الشركات المتعثرة، لكنها في الوقت ذاته لم تشر إلى ماهية هذه الشركات أو حتى معاييرها التي اتبعتها في تصنيفها للشركات المدرجة، ومن هذا المنطلق سنحاول أن نوضح أبرز المعايير المعتمدة بين العديد من المراقبين الاقتصاديين في تحديد تعثر الشركات من عدمها.

- تؤكد الآراء أن المعيار الرئيسي لتعثر الشركة هو عدم قدرتها على استمراريتها في مزاولة أنشطتها التشغيلية، وتأتي عدم القدرة نتيجة لـ:

- خسارتها أكثر من 75 في المئة من رأسمالها، وبالتالي أصبحت قانونيا مطالبة بتغطية هذه الخسائر وتخفيضها، وبالنسبة إلى شركات الاستثمار فإن "المركزي" يشترط بالإضافة إلى الشرط السابق أن توفر الشركة رأسمالا جديدا لا يقل عن 15 مليون دينار خلال فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر.

- انعدام السيولة وعدم توافرها في الوقت الذي تحتاج الشركة إليها، بالإضافة إلى عدم وجود أصول قابلة للتسييل في الوقت المناسب، وبالتالي فإن انعدام السيولة يعني عدم القدرة على مباشرة الأنشطة.

- بعض الشركات محاطة بمجموعة من القضايا القانونية التي جمدت حركتها، وخصوصا الشركات المالية وظهور العديد من المطالب المالية في ما بينها، وبما أن "السمعة هي رأسمال التاجر" فإن العديد منها فقدت ثقة المتعاملين معها من العملاء من جراء تلك القضايا، وفي طبيعة الحال فإن النتيجة الحتمية هي عدم القدرة على مزاولة النشاط.

- أما الحالة الأشهر حاليا فهي ارتفاع معدلات الدين لدى الشركة بشكل لا تستطيع من خلاله أن تسدد ما هو مستحق عليها لدى الدائنين نظير انخفاض مستوى أدائها، وبالتالي الدخول في مفاوضات طويلة مع دائنيها، وربما تتكلل بالنجاح وربما لا، لكن ما هو مؤكد أنه خلال فترة المفاوضات فإن أداء الشركة ينخفض بشكل كبير بل وأقرب للانعدام، وهو بطبيعة الحال يؤدي إلى عدم قدرتها على مزاولة أنشطتها ما لم توافق البنوك على الجدولة.

وبناء على "تفشي" حالات التعثر بتعاريفها المختلفة التي ذكرناها سابقا، فإنه لزاما على كل الجهات المعنية أن تقوم قدر استطاعتها بمحاولة وضع حلول لإنهاء المشكلة، وإعادة التوازن للسوق، سواء بإنقاذ الشركات أو "استعجال موتها" حتى لا نستمر في رؤيتها مدة غير معلومة قد يلعب الجانب النفسي "السلبي" الناتج عن وجودها دورا في تداولات السوق وتوجهاته المستقبلية، ونضع هنا بعض المقترحات أو الخطوات الواجب اتباعها:

إدارة الشركة

بداية يجب أن تقرر الشركة بنفسها هل تريد الاستمرار أم لا، وتحديد مستقبلها في حالة بعد إغلاق تعثرها، وماذا تريد أن تفعل بعد ذلك؟

فمجلس إدارة الشركة يجب أن يقوم بـ"خلع" و"استئصال" الادارة التنفيذية التي تسببت في تدهورات الشركة، فالوقت الحالي ليس وقت اللعب والالتفاف يمينا ويسارا من أجل تحقيق مصالح شخصية، كما أن ملاك الشركة يجب أن يحفظوا ماء وجوههم لأن السمعة تعتبر معيارا رئيسيا في السوق الكويتي، وهذا ما يساعد على تصفية الامور من الداخل وترتيب الادوار، والعمل قدر المستطاع على لملمة الأوراق بعد الخسائر الكبيرة التي حققها أغلب المساهمين في أغلب الشركات من جراء انخفاض اسعار أسهمها.

كما أنه ليس من الخطأ أن أقوم بتعيين إدارة تنفيذية جديدة تمتاز بسيرة ذاتية وخبرة جيدة في التعامل مع أزمات الشركات، حتى وإن كانوا على شكل مستشارين، فالهدف الرئيسي هو انتشال الشركة وبالتالي يجب أن نستغل الإمكانات قدر المستطاع.

ومن المطالب الأخرى على مجلس الإدارة أن يقوم في حالة طلب الشركة زيادة رأسمالها بإقناع الملاك وبقية المساهمين بالخطة الجديدة التي ستنفذها الشركة لاستغلال الزيادة الجديدة، فإن أقنعوهم وضخوا الزيادة فإن البنوك الدائنة سترتاح وتلقائيا الشركة سترتاح كذلك، ومن المتوقع بنسبة كبيرة أن تنتج اثر هذه الزيادة إعادة جدولة من قبل البنوك الدائنة.

يجب أن أغير مدققي الحسابات الخارجيين إن ثبت تقاعسهم عن أداء دورهم الرئيسي، كما أنه من الأفضل أن أغير تركيبة مجلس الإدارة واقوم بتطعيمه بخبرات وكفاءات تحتاج إليها الشركة للمرحلة الجديدة.

البنوك الدائنة

كما هو معروف، فإن البنوك غير مستعدة للدخول في رسملة الشركة مقابل مديونيتها أو عدم وجود كاش لمساهمي الشركة لزيادة رأسمالها، ما لم تكن هناك عوامل تساعد على ذلك، مثل الجدوى الاقتصادية الجيدة للبنك في حال تملكه حصة في الشركة بعد أن يبني مخصصات كافية مقابل هذا التعثر، وبالتالي فإن البنوك يجب أن "تتساهل" بما تسمح لها الأوضاع دون تعرضها أو تعرض الشركة لمخاطر كبيرة، ومحاولة التفاوض بما يفيد الطرفين بعيدا عن اللجوء إلى "آخر العلاج... الكي" واللجوء إلى القضاء الذي سيمتد فترات زمنية طويلة الطرفان في غنى عنها.

المساهمون

من المفترض أن توحد الجمعية العمومية المساهمين، وتعمل على رص صفوف صغار المساهمين في الشركة والعمل على تجميع نسبة مؤثرة من اسهم الشركة لاختيار أحدهم كممثل عنهم في مجلس الإدارة، ويكون من أصحاب الخبرة والمؤهلات الفنية التي تحتاج إليها الشركة في المرحلة المقبلة.

كما أنهم مطالبون بلعب دورهم الرئيسي في حماية أموالهم ومساءلة ومحاسبة مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية عن جميع التجاوزات والمخالفات التي أوصلت الشركة إلى تدهوراتها الحالية.

"المركزي"

لا أحد ينكر الدور الرقابي الكبير الذي يمارسه "المركزي" خلال الأزمة الحالية، وعمله الذي يحفظ التوازن لدى القطاعات المالية المنطوية تحت عباءته، ومن المفترض أن يكون حازما في تطبيق قراراته، لكنه في الوقت ذاته يجب ألا يتشدد في سن قرارات تحيد قدرة الشركات الاستثمارية على التحرك، فهو من المفترض أن يكون مرنا بشكل دائم بل ويعمل على توجيه الشركات المتعثرة وإنقاذها حسب ما لديه من إمكانات والعمل على نهوضها من جديد، لكن لمن يستحق من الناحية الفنية البحتة فقط لا غير!

"التجارة"

من المفترض أن يكون دور وزارة التجارة والصناعة أقوى وأكبر، فبعد إعلان وزيرها وعدد من قيادييها بدء تنفيذ مرحلة "التنظيف" والتطبيق الحازم للشركات المخالفة والمتجاوزة، فإنه حتى الآن لم يبلغ عدد الشركات التي خضعت لتطبيق القرارات التأديبية رقما كبيرا، ولم تشملهم التحركات رغم مرور فترة زمنية ليست بالقصيرة.

إدارة السوق

يجب على إدارة سوق الكويت للأوراق المالية أن تطلب ارقاما أدق من قبل الشركات المدرجة، وإلزام الشركات بعقد مؤتمرات صحافية تجيب من خلالها عن جميع تساؤلات إدارة السوق ومساهميها لمن قام بإعادة جدولة ديونه، حتى تتضح الصورة بشكل كامل أمامها وأمام مساهميها.

back to top