حديث جدلي حول المفاعل النووي

نشر في 06-05-2011
آخر تحديث 06-05-2011 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي لعل الحديث عن تبني دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ضمنها دولة الكويت إنشاء مفاعل نووي يواجه هجوما مضادا من المهتمين بالشأن البيئي؛ لما يمثله من خطر بعد أحداث فوكوشيما؛ مما أوجب المزيد من القلق للمضي قدما بذلك المشروع.

ولتكون القراءة صائبة إليك بعض الحقائق التي يتوجب ذكرها ومنها: أن هناك 441 مفاعلا منتشرة في 29 دولة حول العالم حتى الآن، و156 مفاعلا قيد الإنشاء حتى عام 2030 تمد العالم بأكثر من 16% من الطاقة الكهربائية، إذ تتصدر أوروبا النسب العالمية بنسبة 35% تليها اليابان بنسبة 30%، ومن هذه النسب يتضح مدى اتكال العالم على هذا النوع من الطاقة.

موضوع إنشاء مفاعل نووي لا يمكن تجنبه كخيار استراتيجي دون التطرق إلى حجم الأضرار التي قد يحدثها، فالتاريخ يذكرنا بحادثة «تشرنوبل» عندما انصهر قلب المفاعل النووي في عام 1986 في أوكرانيا، إذ لقي 36 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من 2000 شخص وإجلاء أكثر من 100 ألف شخص من المناطق المحيطة بالمفاعل, والشاهد الآخر الحاضر مفاعل «فوكوشيما» إثر الزلزال الذي ضرب اليابان، وما نتج عنه من تهجير لمئات الآلاف من المواطنين، وخسائر مادية بعشرات المليارات يؤكد خطورة التعامل مع هذا النوع من الطاقة، فهذه المخاطر لا يمكن لدولة مثل الكويت غض النظر عنها على الرغم من التطور التكنولوجي وظهور الجيل الثالث من المفاعلات.

عودة مرة أخرى للشأن المحلي، فالجدل الدائر حول إنشاء مفاعل نووي على دولة الكويت كمشروع استراتيجي تقتضي المصلحة الوطنية دراسة إمكان وجوده، خصوصا أن بعض الدول الخليجية تتجه إلى ذات الغرض، كما أن مفاعل بوشهر في الجمهورية الإيرانية في مراحله التشغيلية الأخيرة، وعلى نفس الطريق تسير جمهورية مصر العربية التي بدأت بالمرحلة الأولى من المشروع، ناهيك عن مفاعل ديمونة لدى إسرائيل في فلسطين المحتلة، لذا فالموضوع ليس مزايدة لكنه هدف استراتيجي يتحتم على حكومة الكويت أن تحضر له جيدا، والبدء بدراسة إمكان اختيار الموقع المناسب ودراسة الجدوى لتنفيذ المشروع.

وعلى فرض أن دولة الكويت بدأت بالمضي قدما في إنشاء المفاعل، وهو أمر قد يتصوره البعض على أنه بالمنظور القريب، لكنه ليس كذلك، فحتى يقبل المشروع ورقياً يحتاج إلى سنوات من العمل الجاد ودراسات مستفيضة حول إمكان إنشاء هذا النوع من المفاعلات النووية، فوكالة الطاقة الذرية لم تعد تستطيع المقامرة في إعطاء الموافقات بذات الإجراءات السابقة، فالأحداث الأخيرة أوجبت حالة من القلق مما ترتب عليها إعادة النظر في دراسة المخاطر من كل الزوايا، والتأكد من كل احتياطات السلامة؛ كون مخاطر تلك المفاعلات لا يمكن أن يتحملها العالم، وليس دولة بذاتها، إذ يبدو كقرية صغيرة إذا ما حدث لا قدر الله انفجار لتلك المفاعلات.

بدائل الطاقة ليست حكرا على المفاعلات النووية، فهناك الطاقة الشمسية والطاقة الهوائية، وهما من البدائل الآمنة التي على حكومتنا وضعها ضمن خطة التنمية لاسيما أن إنشاء مفاعل نووي لتوليد الطاقة يحتاج إلى سنوات وسنوات من التحضير والبناء، وحتى ذلك الوقت يمكن أن تكون تلك البدائل هدفا استراتيجيا آخر لتوليد الطاقة.

أخيرا: التشكيك في اغتيال بن لادن أمر في غاية الغرابة فمثل هذا الخبر لا يمكن «فبركته»، فثقة المواطن الأميركي بالمؤسسات العسكرية والاستخبارية أمر يصعب على الإدارة الأميركية المزايدة عليه، لكن ما زاد استغرابي هو ذلك التعاطف مع بن لادن وتصويره على أنه المجاهد الأكبر!! ولا أقول إلا «الله أكبر».

ودمتم سالمين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top