مصر... أن تعرف أكثر!!

نشر في 06-02-2011
آخر تحديث 06-02-2011 | 00:00
 سعد العجمي من الصعب إن لم يكن من المستحيل على أي وسيلة إعلام أن تكون حيادية عند تغطيتها لأي حدث، ولكن من الضروري أن تكون موضوعية ومهنية عند التغطية... هناك فرق بين الحيادية والموضوعية: فالأولى مرتبطة بشعور بشري تتحكم به العواطف، أما الثانية فهي خاضعة لمعايير مهنية بحتة تسيرها أبجديات العمل لا العواطف، والإعلامي الناجح هو من لا تؤثر حياديته في موضوعيته ومهنيته عند نقل الأحداث.

من خلال الحديث مع بعض الزملاء هاتفياً، وإيميلات وصلتني، واستفسارات من بعض «التوتريين» بعد اشتراكي في هذه الخدمة أخيرا، طرح عليّ تساؤل حول تغطية وسائل الإعلام العربية، خصوصا القنوات الفضائية للأحداث التي تشهدها مصر، وهل كانت تلك الفضائيات موضوعية في تعاطيها مع الشأن المصري أم لا؟!

وسيلة الإعلام «المهنية» هي من تنقل الخبر لا من تصنعه، فالأحداث تصنعها الأقدار أو الحكومات أو الشعوب أو حتى الأشخاص العاديين مثل ما فعل محمد البوعزيزي في تونس، ودور وسائل الإعلام هو نقلها للمشاهد بكل تجرد دون محاولة التأثير فيها كما يحدث الآن في تغطية ما يجري في مصر.

بعض وسائل الإعلام اختزلت أزمة مصر بالمظاهرات والتجمعات وتسليط الضوء عليها من خلال الوصف والتعليق فقط، وهذا أمر سهل جدا تستطيع كل وسيلة إعلام القيام به، فالأمر لا يتطلب سوى اتصال هاتفي بمحلل سياسي أو شاهد عيان لا ندري إن كان في قلب الحدث أو في منزله.

سأتحدث هنا عن تغطية قناة «العربية»، ليس دفاعا عنها، بل لتوضيح صورة معينة قد تكون غائبة عن الكثيرين، إذ إن «العربية» تسير وفق قاعدة إعلامية جديدة هي «الخبر والمعلومة»، فهي لا تكتفي بنقل الخبر بل تنقله بمعلومات تفيد المشاهد ولا تكتفي بالوصف والتعليق فقط.

عندما بث خبر إقالة أحمد عز من منصبه اكتفت أغلب الفضائيات بالتعليق على الخبر بالطريقة التقليدية، وخلال ربع ساعة فقط كانت «العربية» تبث تقريراً تم إنجازه بأسرع وقت عن أحمد عز، من هو؟ ومتى انخرط في العمل السياسي؟ ومتى أصبح ثريا؟ وما حجم تأثيره؟ وكيف ساهم في تزوير الانتخابات الماضية؟ والكثير من الأسئله التي تمت إجابتها عن أحمد عز، والذي قد يكون معروفا عند المصريين لكنه ليس كذلك عند المشاهد العربي، كذلك عندما نزل الجيش المصري إلى الشارع لأول مرة، كانت «العربية» تبث تقريرا تعريفيا بالجيش المصري، عدده وقياداته وولاءاته السياسية ودوره، والسوابق التاريخية التي نزل فيها إلى الشارع، فهي مازجت بين الخبر والمعلومة، انسجاما مع شعارها المعروف «أن تعرف أكثر».

لعلني أشبه تغطية بعض الفضائيات للأحداث في مصر بالصحيفة التي تزين «المانشيتات» صفحتها الأولى، لكن صفحاتها الأخرى كلها صفحات كتّاب رأي، وهذا ليس عملا إعلاميا مهنيا، بل إن إحدى الفضائيات بثت خبرا عاجلا أول من أمس عن خروج مظاهرة تعدادها 50 ألفاً في إحدى البلدات المصرية، وعندما تدخل إلى «غوغل» وتبحث عن هذه البلدة تجد أن عدد سكانها أربعون ألفاً!!

لم تفقد «قناة» في العالم مراسلين لها قتلوا أكثر من قناة «العربية»، ولم تفجر مكاتب قناة أكثر من مكاتب «العربية»، وفي تغطية أحداث مصر لم تكن الحكومة ولا المعارضة راضيين عن تغطية «العربية» للأحداث، وعندما تكون هناك أزمة، وتكون جميع أطرافها غير راضين عنك فاعلم أن تغطيتك كانت موضوعية ومهنية.

من السهل جدا في عالم الإعلام أن تخاطب العواطف خصوصا في وطننا العربي، لكن من الصعب جدا أن تخاطب العقول، لأن مخاطبة العقل أكثر تعقيدا من مخاطبة العاطفة، وما تقوم به «العربية» هو محاولة الوصول إلى عقول البشر، وليس مثل ما يفعل الآخرون الذين يسلكون طريق العاطفة المفروش بالورود للوصول إلى المشاهدين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top