علامة الساهرين

نشر في 02-02-2011
آخر تحديث 02-02-2011 | 00:01
 زاهر الغافري عنايتها في الجبروت تحت الجبل

لو كان حقاً

المربية تحت سن الرشد، كعلامة الملعونين، طاعة عمياء تحت برج الشمس، إلى متى المربية بسنّ ذهبية تتجول في غرف الليل، ضوءا خالصا، أقوى من الحرية. الكلام ليس إلا. اليأس كسقوط من أعلى الجبل يأس القادر على النسيان تحت المظلة المفتوحة، الأمر نفسه يحدث لي عندما أريد أن أصمت.

لم تقل شيئا تلك المرأة الواقفة على الشرفة، المعجزة في النظر إلى تحت وأنا أصعد إليها. يا إلهي لا تكسر السلم. عندما تنظر، تنظر إلى القلب مباشرة. هي نفسها الخائفة من بريق عينيها لكي لا يرتد السهم، في مرآتها بلا رغبة.

ساعة السأم والحقيقة لا تقال المنحدر نفسه ذهابا وإيابا، أيام طويلة وصرختي لا تسمع. كأن الضوء خافت تحت تلك النافذة. كالقابض على جمرة الأيام بلا شفقة ، ينهض الحبُّ، فوق الأربعين، السجادة حمراء وخالية، الأجمل أن يكون فوقها، على الأرض. كالأعمى يتنزه الضوء على شعرك، خفة القول في ما أريد. اللمس إشارة المبصرين، على الندى والأعشاب. الصوت وأنفاسكِ والرغوة على السرير، اليتيم دائما أعزل.

زهرة الليل في فمي. الجسد أوعى من الشجرة. سيحدث ذات يوم، أنْ تسقط الثمار على ثيابي، وأنا نائم في الذكرى.

حياتي بالكاد...

أتيتُ وفي يدي أرضٌ ناقصةٌ، وكأسٌ مليئةٌ بالرَّمل. كُلُّ مُعْجِزةٍ لؤلؤةٌ في الطريق يسقطُ رَذاذُ الماضي، خفيفاً في المرآة. وعلى بُعدِ خطوةٍ مِني، تَلِدُ الأساطيرُ أزهاراً وحشيَّةً أريدُ أنْ آكلَ ثَمرةَ النِّسيان. ولكنَّ أقسى الظلالِ ما يتركُ طعنةً في الظهرِ.

أتيتُ لأبقى كذئبٍ في كهفٍ يحنُّ إلى آبار ماضيهِ. حَياتي بالكاد شبيهةٌ بغيمةٍ، بطائرٍ يخترقُ مَصيرَهُ العالي.

أُصغي، أُصغي إلى أيدٍ كثيرةٍ تتخاصَمُ في الظَّلام.

غُرْفَةٌ في آخِرِ العالم

في غرفةٍ نائيةٍ، في آخرِ العالمِ، في آخرِ الليل، ليلِ الأنشودةِ المحمولةِ على العاصِفَةِ، أَتَذَكَّرُكِ الآنَ كطيفٍ مرَّ صُدْفَةً قربَ ينبوعِ حياتي، ريشةً مقذوفةً إلى الخلفِ، في بلدةٍ بعيدةٍ لا أزورُها إلا نادراً. أُصغي إلى غيابكِ، تحت نافذةِ الحقيقة. توارى الضيوفُ ولا أثرَ للظلالِ الحيَّةِ، لا أزهارَ أيضاً على عَتَبَةِ الباب.

نظرتي إليك – وأنتِ غائبةٌ – تَوْبَةُ الكافرين. أحلامي سَفَحَتْهَا الرِّمالُ على سريرِكِ، ندمي يُعَطّرُكِ بماءٍ أبيضَ كالليل. أنا وأنتِ ضفتانِ، بينهُما تمرُّ حياتي عائمةً على جمرةِ الأبدية. ثِمَارُكِ ذهبيةٌ هذه الليلةَ والموسيقى وحدَها تأتي، ناعمةً كالرذاذِ من غرفةٍ نائيةٍ في آخِرِ العالم.

علامة الساهرين

هناك، تحتَ النافذةِ، تنام المرأةُ التي عرفتُها ذاتَ يومٍ. تنامُ أسيرةَ ليلٍ يُخفي

سوءُ فهمِ العالم. خلفها أرضٌ تقطُرُ ندماً على الغرباءِ. أزحفُ إلى سرِيرِها كالسحابةِ، لأسمعَ صوتَها في قلبِ المرآة, يناديني من بعيد وأنا أحمِلُ آثامَها فوق ظهري كأزهارِ الغابات. هناك تحت النافذةِ، تنامُ تلك المرأة، سرُّها علامةُ الساهرين على الكنز.

إلى حصان هانز آرب

البرقُ والليلُ خلفَ النافذةِ، وفوق المائدة نبيذٌ وخُبْزُ المعمودِيِّةِ وعلى الممشى ينامُ غُصْنٌ يابسٌ. ثم فجأةً سمعتُ الصَّهِيلَ يصعدُ من بئرِ الذاكرة. لقد جاء إذنْ!

جاءَ حصانُ هَانْزْ آربي وهوَ يَشُقُّ مسرى الليلِ تحت الرذاذِ الأسود. على صَدْرِهِ تتلألأُ سِهَامٌ ذهبيةٌ تُشبهُ الأزهارَ، ولسانُهُ مُبَلَّلٌ بدموعِ الأرضِ كلِّها كما لو أنه عبرَ في طريقهِ أنهاراً كثيرة. جاءَ مِنْ بعيدٍ دون أَنْ يقولَ شيئا ثم اختفى كالبرقِ خلفَ تلالِ الأبديَّة مِنْ عينيه تطايرتْ ذكرياتٌ بعيدة.

back to top