"المواصلات"... وزارة لا تعرف الخروج من دوامة "التدوير"!
كتب: محمد راشد
تدوير في تدوير في تدوير... هذا هو حال وزارة المواصلات منذ سنوات، فما إن تخرج قطاعات وإدارات هذه الوزارة المغضوب عليها من تدوير حتى تدخل في آخر، وكأنه كتب عليها أنها وزارة للتدوير لا للتطوير والسير كما هو مخطط لها أن تكون في خطة التنمية المفترض أن تعيشها البلاد في السنوات المقبلة! قياديو الوزارة، وتحديدا الوزراء الذين تعاقبوا على حقيبتها، يتحملون المسؤولية كاملة في تراجع الأوضاع الإدارية والخدمات الفنية التي يقدمها مختلف القطاعات، لا سيما أن أيا منهم لم ينجح أو يسع على أقل تقدير إلى إخماد رائحة الفساد الإداري وعدم الاستقرار الوظيفي والمخالفات التي ملأت الإدارات والقطاعات بشكل يزكم الأنوف، خصوصا في ما يتعلق بتسكين الوظائف الإشرافية والقيادية. نعم هناك محاولات خجولة من بعض الوزراء، لكنها كانت أقل من مستوى الطموح، ما يؤكد أن معاناة موظفي الوزارة ستبقى إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، ولا دليل أبلغ من القرار الذي أصدره الوزير د. محمد البصيري في نهاية الأسبوع الفائت والقاضي بتدوير الوكلاء المساعدين، فهذه الخطوة وإن كانت جديدة في بعض الملامح لكنها على أرض الواقع لا تختلف عن سابقاتها، فكيف يمكن تفسير الإبقاء على بعض من تجاوزت فترة عملهم في الوزارة أكثر من 30 عاما؟! وما سبب الإصرار على وجود من انتهت فترة عملهم في الوزارة بعد التمديد لهم أكثر من 4 مرات، رغم مخالفتهم للقوانين بشكل واضح وصريح وحصول البعض منهم على مؤهلات عليا دون موافقة ديوان الخدمة المدنية، خصوصا أنهم أكملوا تحصيلهم العلمي دون الحصول على إجازة دراسية أو موافقة الجهات المعنية، ورغم ذلك يسعى الوزير إلى التجديد لهم لسنوات أخرى لا لشيء سوى أنهم محسوبون على تيارات مقربة من الوزير لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهلها!النقطة الأخرى المثيرة للاستغراب، هي أن الوزير البصيري ومن خلال هذا القرار غير المفهوم، زاد الطين بلة، خصوصا أنه قبل القرار كان هناك فقط ثلاثة وكلاء بالتكليف، ما يعني سهولة إيجاد مخرج لهم عبر تثبيتهم أو إنهاء تكليفهم كما حصل مع غيرهم، لكن في الوضع الحالي أصبح هناك ستة وكلاء مساعدون بالتكليف، مع إدخال ثلاثة وكلاء هم: بثينة السبيعي وعبدالله مطلق وجزا المطيري، ما يشير إلى أن القرار سيزيد معاناة الوكلاء لسنوات قادمة، كما لا يمكن معرفة سبب نقل بعض الوكلاء الذين أفنوا أعمارهم في الشؤون الإدارية إلى قطاعات فنية بحتة تتطلب توافر مواصفات خاصة فيمن يتولى مسؤوليتها وإدارتها، أهمها أن يكون مهندسا متخصصا، ما يؤكد أن الوزير جانبه الصواب أيضا في هذه الخطوة، والسؤال المطروح: أين هي الدماء الشابة التي باتت اسطوانة مشروخة يرددها "مطبّلو" الوزير في كل شاردة وواردة؟! صحيح أنه منح الفرصة لثلاثة جدد، لكنه أبقى على آخرين أثبتوا فشلهم في سنوات سابقة من عمر الوزارة.ختاما، نعتقد أن هناك أكثر من تفسير لما قام به الوزير البصيري في قراره الأخير، فإما أنه يريد استمرار الوضع على ما هو عليه، ونشك في ذلك، أو أنه سيترك الوزارة خلال المرحلة المقبلة، وقرر منح الفرصة لمن يراه من وجهة نظره مستحقا لمنصب وكيل مساعد، ويتحمل الوزير المقبل مسؤولية وتبعات هذا القرار، وهذا ما نرجحه، لكن ما كنا نتمناه أن يتم إغلاق هذا الملف بشكل نهائي عبر إنصاف الوكلاء المساعدين من خلال تثبيت وتعيين من يستحق وإنهاء تكليف آخرين، لكن أن تبقى الصورة معتمة وبهذه الضبابية، فهذا أمر غير مفهوم، إذ ستستمر الوزارة على ما يبدو من تدوير إلى تدوير وتغلق حتى إشعار آخر باب التطوير!