لنترحم على القانون

نشر في 29-09-2010
آخر تحديث 29-09-2010 | 00:01
القانون كل لا يتجزأ في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة، لكن الحساسية في الموضوع أن تجاوز القانون وكسره في هذه الوزارة أو تلك قد يشعر المواطن بالضيق والتذمر واليأس والإحباط، أما إذا تعلق الأمر بوزارة الداخلية فإن «الخوف وعدم الشعور بالأمان» سيضاف إلى كل تلك المنغصات وهنا تكمن الخطورة.
 سعد العجمي عندما يجد الشخص المكلف بتطبيق القانون أن القيام بدوره المؤتمن عليه عبر فرض هيبة القانون سينقلب عليه، فإنه أول من يكفر بذلك القانون، بل إن هذا الشعور سيجعله أبعد ما يكون عن الإيمان بمبدأ العدالة والمساواة، وسيكتشف فجأة أن ما درسه من قيم خلال مراحل تأهيله كرجل أمن، ما هي إلا شعارت فقط.

مؤسف جدا في دولة المؤسسات أن يتم ضرب القانون عرض الحائط بمكالمة هاتفية من مسؤول ما، والأكثر إيلاما أن يصفح عن المخطئ ويعاقب المصيب، خصوصا أننا نتحدث عن رجال أمن هيبتهم دائما على المحك وغالبا ما تتحول تصرفاتهم السلبية إلى قضايا رأي عام بحكم أوضاعهم الوظيفية.

لست هنا بصدد التركيز على حادثة الضابطين والفتاة، لكنها في الواقع تعد شاهدا على خطورة الوضع لاسيما أن هناك بكل تأكيد عشرات الوقائع المماثلة لها قد حدثت، إلا أنها كانت بعيدة عن مجهر وسائل الإعلام، لذلك لم تواكبها زوبعة إعلامية ونيابية فتوارت خلف ستار الكتمان.

ترى: ما شعور رجل الأمن عندما يعاقب لأنه طبق القانون؟ أو يوبخ كونه اكتشف مخالفة هنا أو جريمة هناك؟ وكيف سيكون إحساس زملائه بعد رؤيتهم ما حدث له؟ والأدهى والأمرّ من ذلك ما انطباع رجال الأمن الذين كانوا أطرافا في تلك الحادثة ويعرفون تفاصيلها الدقيقة عندما أصدرت الداخلية بياناً عن القضية بحثت من خلاله عما يدين الضابطين وتبرير احتجازهما، بدلا من الاعتراف بالخطأ والتأكيد على محاسبة المتنفذين مهما علت رتبهم؟!

حادثة مخفر "سلوى" في نهاية الأمر حادثة عابرة ستصاحبها إثارة وردود أفعال "وقتية" ثم ستنتهي بعد فترة قصيرة، لكن شعور رجال الأمن بالخوف ووأد روح المسؤولية فيهم سيستمر، بل سيتضاعف، وهنا تكمن الخطورة، ولعل ما سمعته من معارفي، ضباطا أو أفرادا، خلال الأيام الماضية يؤكد تنامي ذلك الشعور بينهم خوفا على وظائفهم وسمعتهم وأرزاقهم.

رجال الأمن ليسوا ملائكة، يصيبون ويخطئون، وقد يتعسفون في استخدام صلاحياتهم أو هيبتهم ضد مقيم أو حتى مواطن، ومثل هذه الأمور تحدث غالبا في قضايا هامشية كإنجاز معاملة أو تسجيل مخالفة، إما عن قصد وإما عن قلة وعي وفهم لدور رجل الأمن، خصوصا أصحاب الرتب الدنيا، وهي ورغم رفضنا المطلق لها تبقى تصرفات فردية، بعكس واقعة الفتاة والضابطين التي تدخلت فيها عدة شخصيات برتب عالية.

على كل يجب ألا نقصر حديثنا هنا عن وزارة الداخلية وقانونها، فالقانون كل لا يتجزأ في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة، لكن الحساسية في الموضوع أن تجاوز القانون وكسره في هذه الوزارة أو تلك قد يشعر المواطن بالضيق والتذمر واليأس والإحباط، أما إذا تعلق الأمر بوزارة الداخلية فإن "الخوف وعدم الشعور بالأمان" سيضاف إلى كل تلك المنغصات وهنا تكمن الخطورة.

back to top