مطعم برج التحرير... حلم تحوّل إلى كابوس!
أن تجد منزلا مهجورا في أحد الأحياء القديمة أو الفقيرة، أو مرفقا مرعبا في أزقة المدن الأثرية، فهذا أمر متوقع، ولن يترك انطباعا سيئا لدى كل من تقع عيناه على هذه المناظر، لكن ما يثير الدهشة أن تتجاهل وزارة المواصلات معلما مهما يحتل مرتبة متقدمة بين أبراج العالم من حيث الارتفاع دون سبب واضح، وتحديدا القاعة التي خصصت لأن تكون مطعما في برج التحرير، فإهمال المسؤولين في الوزارة جعل من القاعة مكانا موحشا تغطيه الأتربة بعيدا عن أي رقابة أو اهتمام.وزارة المواصلات على ما يبدو رأت أنها أدت واجبها على أكمل وجه بعدما قامت بافتتاح مركز الحكومة مول في البرج لتسهيل بعض الخدمات على المواطنين والمقيمين، وكأنها بذلك تخلي مسؤوليتها عن كل ما يتعلق بالبرج، وإلا ما معنى أن تبقى قاعة كبيرة في برج التحرير مهجورة منذ سنوات طويلة؟! أين دور وزراء ووكلاء المواصلات الذين تعاقبوا على الوزارة خلال هذه الفترة؟! للأسف نرى تصريحاتهم الصحافية وجولاتهم بين الحين والآخر في مختلف مشاريع وقطاعات الوزارة، لكن حين يصل الحديث عن عدم استغلال هذه المساحة بما يعود بالنفع والفائدة على الدولة ممثلة في الوزارة يصمت الجميع وكأن الكلام لا يعنيهم!
عدم جدية الوزارةالأمر المستغرب وكما تؤكد مصادر موثوقة لـ"الجريدة" أن الوزارة غير جادة في إغلاق هذا الملف، لا سيما أنها لم تسوّق للموضوع بشكل جاد وفعلي، فكل ما هناك محاولات خجولة لم تقدم أي جديد يذكر"، موضحة أن "لا وجود لإدارة متخصصة للتنسيق مع وزارة المالية لاستثمار الموقع بالشكل المطلوب، ودراسة الجدوى الاقتصادية وتحديد الإيجار المناسب للمطعم، بالإضافة إلى أن الوزارة لم تقم بدراسة وافية وشافية لجذب المستثمرين لاستغلال الموقع".ديوان المحاسبةوتضيف المصادر أن "ديوان المحاسبة وفي تقاريره السنوية يشير إلى عدم التزام الوزارة بمطالباته المتمثلة في ضرورة استغلال الوزارة للمساحات الخالية في برج التحرير وفي مقدمتها قاعة المطعم، علما بان هذه الملاحظة تتكرر سنويا على مرأى ومسمع المسؤولين في الوزارة الذين لا يزالون يغطون في نوم عميق"، مبينة أن "عدم استغلال المساحات يحرم ميزانية الدولة ملايين الدنانير سنويا دون أن تبادر الوزارة إلى إصلاح الخلل والاستفادة من هذه المبالغ في مشاريع جديدة أو في تطوير منشآتها ومبانيها المتهالكة"، لافتة إلى أن "المشروع سبق وتم عرضه على شركة المشروعات السياحية للاستفادة من المطعم، لكن الشركة رفضت إدارة المشروع بسبب التكلفة المرتفعة التي حددتها الوزارة، وكذلك لعدم وجود جوانب فنية تشجع على استثمار المشروع، خصوصا في ما يتعلق بعدم توفر مواقف للزبائن في حال استثمار الموقع كمطعم، وكذلك التكلفة المتوقعة لصيانة المصاعد المؤدية للمطعم، بالإضافة إلى عدم خصوصية المكان، إذ من غير المعقول أن يصطحب شخص أسرته إلى المطعم عبر مدخل واحد فقط برفقة موظفي ومراجعي مركز الخدمات (الحكومة مول)، فكل هذه المعوقات ساهمت بمنع استثمار الموقع كما ينبغي، خصوصا مع غياب الحلول الناجعة والتخطيط السليم من قبل وزارة المواصلات التي قررت رفع الراية البيضاء والاستسلام للواقع الأليم".مطعم سياحي! وتشير المصادر إلى أنه "كان يفترض أن تقوم الوفود الرسمية التي تزور البلاد وضيوف دولة الكويت بجولة إلى برج التحرير كونه معلما سياحيا مهما، وإقامة مأدبة غداء أو عشاء للوفود الزائرين، إلا ان الوضع الحالي لا يسمح بذلك، خصوصا أن المبنى بالكامل غير مجهز لاستقبال هذه الوفود"، لافتة إلى أن "القاعة المخصصة للمطعم مهجورة وخالية من أي كرسي يمكن أن يستريح عليه أي ضيف يريد رؤية الكويت من ارتفاع 150 مترا، فالمطعم السياحي ذو المنصة الدوارة والكافتيريا الموجودة بمساحة كلية 1500 متر مربع، لم تكن سوى حلم حولته وزارة المواصلات إلى كابوس مزعج".نفقة خاصةأما أطرف ما في الموضوع كما تقول المصادر فهو "قيام أحد الوكلاء المساعدين السابقين بتجهيز الموقع المذكور بمكاتب وكراسي على نفقته الخاصة لحين توفير المخصصات المالية للمبلغ المطلوب، من أجل عقد اجتماع مع ممثلي بعض الشركات المرتبطة بالوزارة ارتباطا وثيقا"، موضحة أن "المطعم السياحي كان ولا يزال وسيبقى مهجورا ما دامت الوزارة تعاني خللا في رسم استراتيجية واضحة تتماشى مع توجه الدولة ورغبة سمو الأمير في تحويل البلاد إلى مركز مالي واقتصادي مهم، خصوصا أن القطاع السياحي يأتي في مقدمة أولويات الخطة التنموية للبلاد، وإذا كانت بعض الوزارات ستحذو حذو وزارة المواصلات وعلى طريقتها الجديدة في جذب السياح إلى الكويت، فإن السياحة في البلاد ستستمر في غفوتها سنوات طويلة أخرى".برج التحرير أول أبراج المنطقة العربية ارتفاعاًفي 26 فبراير عام 1966، افتتح رسمياً برج الاتصالات السلكية واللاسلكية أو برج التحرير كما أطلق عليه، وكان أول أبراج المنطقة العربية والخليج من حيث الارتفاع، وكان رابع أطول برج في العالم بعد برج "إيفل" بفرنسا وبرج "موسكو" وبرج "تورنتو" في كندا في وقت إنشائه، إذ يبلغ طول البرج 372 متراً، وبدأ العمل فيه منذ يناير 1987 وكان مقرراً افتتاحه في ذكرى العيد الوطني عام 1991 لولا حدوث كارثة الغزو، إذ توقف العمل في المشروع.يستعمل البرج لخدمة الاتصالات بين مناطق الكويت المختلفة وجميع أنحاء العالم، ويتكون من ثلاثة أقسام، القسم الأول عبارة عن المبنى الرئيسي الذي أجمع خبراء البناء على إبداعه في التكوين والشكل الهندسي، ويتكون من سرداب وميزانين ودور أرضي مع أحد عشر دوراً علوياً بمساحة إجمالية 30 ألف متر مربع وبارتفاع كلي 64 متراً فوق سطح الأرض.القسم الثاني يشتمل على المكاتب الإدارية وخدمات الاتصالات الدولية للجمهور وتحته يوجد سردابان يستخدمان كمواقف للسيارات تسع 230 سيارة، والمساحة الإجمالية للمبنى حوالي 12 ألف متر مربع، بينما يمثل القسم الثالث قمة الإبداع، وهو عبارة عن برج الاتصالات ويتوسط المجمع ويصل ارتفاعه إلى 372 متراً من منسوب الأرض، وتتكون قاعدته من ثلاثة سراديب بعمق 18 متراً تحت الأرض، السفلى منها عبارة عن خزان للمياه والسردابان العلويان مخصصان للمعدات الميكانيكية والكهربائية للبرج والقسم الأعلى منه يحتوي على سبع منصات لتركيب معدات الإرسال، وأخذ في الاعتبار عند تصميم البرج أن يتحمل الاهتزازات الأرضية والزلازل والرياح الشديدة، والجزء الأوسط من البرج يحتوي على صالة رئيسية مخصصة للجمهور تم إنشاء هيكلها الرئيسي من الصلب والخرسانة المسلحة، وتتكون من مطعم سياحي ذي منصة دوارة وكافتيريا بمساحة كلية 1500 متر مربع وهي على ارتفاع 150 متراً من منسوب الأرض، كما يشمل ذلك الجزء منطقة المكاتب الفنية ويتكون من ستة طوابق تبدأ من ارتفاع 185 متراً وتنتهي على ارتفاع 205 أمتار.