السيناتور الجمهوري والمرشّح السابق لرئاسة الولايات المتحدة الأميركيَّة جون ماكين: من الضروري استبعاد الإخوان المسلمين عن أي حكومة انتقاليّة مصريّة
في مقابلة مع {شبيغل}، ناقش السيناتور الجمهوري والمرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية جون ماكين (74 سنة) السياسة التي تطبّقها أميركا في الشرق الأوسط وتخوّفه من دور {الإخوان المسلمين} في عملية اعتناق مصر الديمقراطية.هل استغرق اتخاذ إدارة باراك أوباما موقفاً واضحاً من الأحداث الراهنة في مصر وقتاً طويلاً؟
لا أظن أن بإمكاني انتقاد الرئيس أوباما. صحيح أنني أردت تبوؤ هذا المنصب، لكني لم أفعل ولا أملك البيانات والمعطيات المتوافرة كافة لأوباما والتي بنى على أساسها موقفه. لكن أستطيع التأكيد أن الرئيس تمكّن حتى اليوم من التعاطي مع هذه المسألة بنجاح.يعلن كثر من صناع السياسات في واشنطن أنهم يودّون {الوقوف إلى الجانب الصائب من التاريخ} في القضية المصرية، لا إلى الجانب الخطأ، كما حدث في إيران عقب سقوط الشاه. فكيف يمكن بلوغ هذا الهدف؟لا شك في أننا بقينا طوال فترة طويلة واقفين إلى الجانب الخطأ من التاريخ في الشرق الأوسط. فلم نعِِ أن الجميع حول العالم يتشاطرون طموحات الديمقراطية والحرية عينها. اجتاز أوباما شوطاً كبيراً منذ عام 2009، حين رفض إدانة الحكومة الإيرانية عندما كانت التظاهرات تعمّ شوارع طهران. فقد أبى تأييد المتظاهرين آنذاك. أعتقد أن هذا كان أحد أكبر الأخطاء التي اقترفتها هذه الرئاسة في مجال الأمن القومي.طالبت بانتخابات مفتوحة في مصر. فهل ينبغي إجراء الانتخابات بسرعة أم أنها قد تؤدي إلى الفوضى في حال عُقدت قبل أوانها؟آمل، على غرار كثيرين، بأن يتنحى حسني مبارك ويستلم الجيش السلطة بالتعاون مع المنظمات الديمقراطية الأخرى في مصر، لا {الإخوان المسلمين}. بعدئذٍ، تعدّ حكومة انتقالية حملة لعقد انتخابات نزيهة، مفتوحة، وديمقراطية في شهر سبتمبر المقبل.هل ترى أن بإمكان العالم العربي إنشاء مؤسسات ديمقراطية؟أعتقد أنه يستطيع ذلك، خصوصاً في مصر، التي تُعتبر مركز الشرق الأوسط الثقافي والسياسي. لكن لا بد من أن نذكر في هذا الصدد أنه كلما طال قمع المتظاهرين، ازداد احتمال أن تستغل عناصر إسلامية أصولية هذه القضية. عام 2006، سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى عقد انتخابات في غزة، خطوة أوصلت في نهايتها {حماس} إلى السلطة. ما رأيك؟لم يتوافر أمام الشعب في غزة سوى خيارين: {حركة فتح} الفاسدة والفاشلة، و{حماس} التي تنعم، كما نعلم، بدعم {الإخوان المسلمين}. لكن كان يجب في هذه الحالة أن يحظوا بحملة متعددة الأطراف يشارك فيها عدد كبير من المرشحين، ما يمنح أهل غزة حرية انتقاء مَن يمثلهم حقاً من بين مجموعة واسعة من الخيارات.يُقارن كثر الوضع في القاهرة بالثورة الإيرانية عام 1979، التي أدت إلى سيطرة رجال الدين على البلد. عند التأمل في عناصر مثل الإخوان المسلمين، هل ترى أن النتيجة قد تكون مماثلة في مصر؟ أخشى حقاً أن يعمد الإسلاميون الأصوليون إلى اختطاف هذه الحركة.ما هو تقييمك لـ{الإخوان المسلمين}؟أعتقد أنهم يشكلون مجموعة متطرفة تلتزم في المقام الأول بالشريعة الإسلامية، التي تُعتبر بحد ذاتها مناهضة للديمقراطية، على الأقل في نظرتها إلى النساء. علاوة على ذلك، تعاون {الإخوان المسلمون} مع مجموعات إرهابية أخرى. وأعتقد أن من الضروري استبعادهم من أي حكومة انتقالية.هل تخشى أن يستخدموا شخصاً مثل محمد البرادعي لتحقيق مآربهم؟نعم، أعتقد أن ثمة احتمالاً كبيراً أن يكون البرادعي الواجهة التي يختبئون وراءها. فهو لا يملك أي أتباع أو نفوذ سياسي في مصر، خصوصاً أنه عاش معظم حياته في الخارج.يبدو أن أوباما وإدارته يقبلان بأن يؤدي {الإخوان المسلمون} دوراً في العملية الانتقالية في مصر. هل يقلقك هذا الموقف؟يقلقني إلى حد أنني أعارضه بعناد. وأعتقد أنه سيشكل خطأ جسيماً تترتب عليه أبعاد تاريخية.هل يمكن للحوادث التي نراها في مصر أن تؤدي إلى {مفعول دومينو} (domino effect)، مشعلةً الشارع في بلدان أخرى في المنطقة؟لا شك في أن هذه الحركة تنتقل إلى بلدان أخرى. لكن إذا اعتبرنا أننا سنشهد في كل بلد الحوادث والنتائج ذاتها، يعكس ذلك في رأيي مدى جهلنا لمواضع الاختلاف التي تميّز هذه الأمم في الشرق الأوسط. بكلمات أخرى، أعتقد أن اليمن مختلفة عن مصر وكذلك الأردن. يواجه كلّ من هذه البلدان تحديات خاصة به، مع أن الأسس العامة، مثل الرغبة في الديمقراطية وحكومات منتخبة بحرية، تشكّل نقطة يلتقي عندها الجميع.يؤكد البعض أن التطوّرات التي تشهدها مصر تسم نهاية السياسة الواقعية (realpolitik).أظنّ أن سلوك كل أمة في مجال الأمن القومي يشمل دوماً أحد عناصر السياسة الواقعية. لكن علينا في الوقت عينه الموازنة بين السياسة الواقعية ومبادئ ويلسون عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. ويشكّل الحفاظ على هذا التوازن التحدي الأكبر الذي نواجهه نحن في الغرب، بما في ذلك جمهورية ألمانيا الاتحادية، لأنه يقوم في مرات كثيرة على عملية اتخاذ قرارات بالغة الصعوبة. لو اقتصرت المسألة على السياسة الواقعية، لما صادفنا مشاكل ولسار كل شيء بسهولة وسلاسة. غير أننا ننادي أيضاً بالمبادئ الأساسية التي تمنحنا جميعنا عدداً من الحقوق التي لا تتغيَّر بتبدّل البلدان والأشخاص.ألا ترى مفارقة في أن نشهد اليوم نتائج كانت حكومة بوش السابقة تسعى إلى تحقيقها من خلال {أجندة الحرية} التي طبّقتها؟أعتقد ذلك، لكن واجبي يفرض علي اليوم العمل مع الرئيس أوباما بكل ما أوتيت من وسائل كي نحرص على أن تكون خاتمة هذه الأزمة إيجابية.