جردة حساب لدراما رمضان 2010 يسرا تراجعت أمام غادة والفخراني نجح في البطولة الجماعيّة
غلبت المسلسلات الجماعية مسلسلات النجم الأوحد ووقع السوريون أسرى «الحارة»، بهذه العبارة يمكن وصف الدراما الرمضانية هذه السنة، إذ أجمعت الانتقادات على سقوط النجوم الذين أصروا على البطولة المطلقة، من بينهم يسرا في مسلسل «بالشمع الأحمر» التي تراجعت أمام غادة عبد الرازق في مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة»، وأثنت على يحيى الفخراني وغيره من النجوم الذين تداركوا الوضع واعتمدوا طريقة البطولة الجماعية، فحققوا نجاحاً.بالتأكيد لم تكن يسرا بذكاء غادة عبد الرازق التي قبلت أن تكون إلى جانب كوكبة من النجوم من الأجيال والأعمار المختلفة: حسن يوسف، باسم ياخور، أحمد صلاح السعدني، مدحت صالح، فصنعوا خلطة رمضانية مسلّية نالت إعجاب الجمهور الذي وجد في الحاجة زهرة نموذجاً للترفيه في شهر الصيام، عكس يسرا التي اعتمدت على اسمها فحسب.
بدوره، حظي مسلسل «العار» بنسبة مشاهدة مرتفعة، إذ اجتمع فيه مصطفى شعبان، أحمد رزق، شريف سلامة، عفاف شعيب، علا غانم، والفنانة التونسية درة التي جسدت شخصية سماح، أحد أجمل الأدوار التي قدّمتها. على رغم أن «العار» يحمل رسالة وهي أن المال الحرام لا يدوم وأن طابخ السمّ سيتجرعه، إلا أن المشاهد العربي لم ينظر إلى هذه الرسالة بقدر اهتمامه بالحكايات والخطوط المتشابكة في المسلسل.يحيى الفخراني يتداركتدارك النجم يحيى الفخراني الملل الذي قد يصيب المشاهد من فكرة البطل الذي تدور في فلكه الأحداث، وعلى رغم أن «شيخ العرب همام» يحمل اسمه كبطل، إلا أنه أفسح في المجال أمام نجوم كثر للبروز وإعطاء أفضل ما لديهم مثل صابرين، التي أدّت أحد أجمل أدوارها بعد دور عمرها في مسلسل «أم كلثوم»، مع أنها تنازلت أو بالأحرى تساهلت بموضوع حجابها ووضعت شعراً مستعارا من دون أن تعتبر ذلك استخفافاً بالدين وبتمسّكها بحجابها، لكنها، من الناحية الفنية، برزت إلى جانب الفخراني الذي منحها مساحة واسعة لتصول وتجول كما يحلو لها، وحسناً فعل.فخ التكرارتمسّك السوريون بحكايات الحارة سواء من خلال «باب الحارة» الذي يعتبر الجزء الخامس منه كافياً ليسدل الستارة على تلك الحكاية، بعدما خسر المسلسل عنصري الجذب فيه، وهما عباس النوري وبسام المصري، أو «أهل الراية} الذي لم يخرج في أجوائه عن الحارة السورية والكفاح ضد المحتلّ، أو «الدبور».تلك المسلسلات أوقعت كافة الدراما السورية في فخ التكرار الذي لم ينقذه سوى المخرج نجدت أنزور في مسلسل «ما ملكت إيمانكم»، بالإضافة إلى مسلسل «وراء الشمس» الذي قدم تجربة رائدة في الدراما السورية، فللمرة الأولى يتحوّل شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى ممثل محترف، وأدى فيه الممثل بسام كوسا دور شاب مصاب بالتوحّد يدرس في معهد الفنون، وهو من أروع أدواره.أما النجم جمال سليمان المهاجر من الدراما السورية إلى الدراما المصرية فكسر مقولة النجم الأوحد في مسلسل «قصة حب» الذي شهد ولادة الممثلة بسمة الحقيقية، بعدما أثبتت وجودها بانسيابية أمام سليمان، فكان دور رحمة أحد أجمل الأدوار التي أدتها عبر مشوارها في الدراما التلفزيونية. نادية الجنديوحدها نادية الجندي، التي قدمت سيرة الملكة نازلي الذاتية في مسلسل «ملكة في المنفى»، ترفض الاستماع إلى أي نوع من أنواع النقد، متسلّحة بعبارات الثناء التي سمعتها من الممثلة الكبيرة هند رستم، وهي تدافع عن نازلي كأنها قريبة لها وترفض الاعتراف بأن هذه السيدة كانت أحد الأسباب الرئيسة لانهيار العرش المصري.صحيح أن الجندي كانت الأصلح لتقديم تلك الشخصية، لكنها كانت نادية الجندي، ولم نشعر بأن ثمة تغييراً في أدائها، فهي امرأة قوية الشخصية سواء كانت ملكة أو امرأة منفية، وتريد، ولو بالإكراه، أن تجعلنا نتعاطف مع نازلي التي لم يتعاطف معها شعبها ولا أفراد عائلتها.حتى الأميرة فريال، التي لم تمضِ أشهر على وفاتها، كانت ترفض التحدّث عن جدتها الملكة نازلي، في المقابلات التلفزيونية، خصوصاً بعد عرض مسلسل «الملك فاروق»، سواء بالخير أو الشر، مع ذلك تجبرنا الجندي على حب نازلي واعتبار المسلسل الأعلى مشاهدة والأكثر نجاحاً خلال الشهر الكريم، في مقابل النجاح الحقيقي الذي حققه مسلسل «الجماعة» ويتناول السيرة الذاتية للشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. لم يكن «الجماعة» بطولة مطلقة للفنان أياد نصار، الذي جسّد شخصية البنا، إنما بطولة جماعية جمعت وجوهاً بارزة في عالم التمثيل، وإن كان نصار صاحب أكبر عدد من المشاهد فيه، من بينها: أحمد عزمي، حسن الرداد، أحمد الفيشاوي، آسر ياسين، هيثم أحمد زكي... بالإضافة إلى مشاركة وجوه معروفة اكتفت بتقديم مشهد واحد من بينها: أحمد حلمي وعبير صبري، والدور المميز الذي أداه الممثل الكبير عزت العلايلي، والاختيار الموفق للوجه الجديد يسرا اللوزي التي أثبتت وجودها في الحلقات الأولى من المسلسل، كذلك الحال بالنسبة إلى عمرو واكد الذي شكلت مشاركته إضافة إلى المسلسل.شارك في إخراج «الجماعة» إلى جانب المخرج الرئيس محمد ياسين، المخرجان مروان حامد وشريف عرفة. من هنا لم يعد من الجائز طرح السؤال: «لماذا هذا النجاح الكبير لمسلسل الجماعة؟».رأي علم الاجتماع تعزو الدكتورة نادية فارس، أستاذة علم الاجتماع، سبب إعراض المشاهدين العرب عن مشاهدة مسلسلات النجوم الكبار هذه السنة والإقبال على متابعة مسلسلات البطولات الجماعية، إلى أن هؤلاء لم يعودوا يؤمنون بفكرة البطل الأوحد، «أي أن البطولة المطلقة في مجتمعنا لم تعد موجودة، ففكرة القائد أو البطل الملهم اضمحلّت من قاموسنا وأصبحنا مجتمعاً عربياً يتكوّن من مواطنين مسحوقين، نتيجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وقمع الحريات، يرفضون رؤية ملوك أو أثرياء ويتحمّسون لرؤية أناس عاديين يقعون في المحظور نتيجة ظروف اجتماعية ضاغطة، كما هي الحال في مسلسلات: «ما ملكت إيمانكم» و{قصة حب» و{أهل كايرو»... أما عن انصراف المشاهد عن المسلسلات السورية التي كانت تشكّل وجبة دسمة في الدراما الرمضانية، فتردّ فارس السبب إلى وقوع الدراما السورية في فخ التكرار الذي وقعت فيه الدراما المصرية منذ سنوات، بالتالي أصبحت الحارة وحكاياتها، التي تصل إلى حد التطابق، تشكّل عنصراً مملاّ في الدراما السورية، بالإضافة إلى تجاهل صناعها خطورة حضور الدراما التركية الطاغي، وهذا ما فهمه المصريون وحاولوا محاربته بشدة من خلال المسلسلات التي قدموها هذا العام، محكومين بعقدة «الريادة «التي تعتبر البوصلة الحقيقية التي تدير عقولهم في شتى المجالات، خصوصاً الإعلامية والفنية.