الكويت فقدت أبرز فنانات الفن الأصيل رابحة مرزوق
شيّعت صباح أمس المطربة القديرة رابحة مرزوق إلى مثواها الأخير في مقبرة الصليبيخات، وقد توفيت بعد معاناتها مع المرض.رحلت رابحة مرزوق أشهر مطربة في الكويت قدمت الفنون الشعبية المختلفة في فترتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حيث علا نجمها بعد أدائها الرائع لأغنية من الفن السامري مع فرقة التلفزيون تحت عنوان "يا عين ويا عين".
ترعرعت الراحلة رابحة وسط عائلة فنية أخوالها من أعضاء فرقة الفنطاس الشعبية، لذا فليس مستغرباً أن تتشرب الفنون والايقاعات الشعبية الخليجية البحتة، خاصة أنها تسمع السامريات منذ صغرها، حيث أهل والدتها من الفنطاس وعم والدتها المعروف بتقديم هذا اللون هو نقيان العميري المعروف بنقيان القروي. ولدت في منطقة شرق والتحقت بالمعهد العالي للفنون الموسيقية عام 1977 وتخرجت فيه عام 1981، عرفها الجمهور من خلال الحفلات الفنية التي يقيمها المعهد، وكذلك عبر السهرات التي أقامها تلفزيون الكويت خصوصاً لطلبة وطالبات المعهد عام 1982، وشاركت في فرقة التلفزيون، وتكون بذلك أول عنصر نسائي ينضم إلى الفرقة، وكان ذلك مثاراً للجدل لكنها أثبتت جدارتها بما قدمته من فنون شعبية أصيلة. التحقت رابحة -رحمها الله- بالتوجيه في التربية الموسيقية، ثم انتقلت بعدها عام 1984 إلى المعهد العالي للفنون الموسيقية كمعيدة بعثة، التحقت بوظيفة مدربة فنية عام 1982 وحتى عام 1989، ودرست مادة الأدب الشعبي في المعهد من عام 1997 إلى 2007 وكانت متخصصة أيضاً في مادة البيانو. انقطعت الفنانة رابحة عن الساحة الفنية لظروف عائلية خاصة تتعلق بوفاة والدتها، ثم عادت من خلال سهرة خاصة بعنوان "عودة رابحة" من إعداد محمد الدريع وتقديم الإعلامي محمد الويس وإخراج جابر المروان، عرضها تلفزيون الكويت عام 2008.وكان الموسيقار الكويتي يوسف المهنا هو من شجعها على تلك العودة، إذ أبدت له حرصها على تقديم الفنون المختلفة مثل السامري والخبيتي والخماري والقادري التي بات ينساها البعض، كما لا يعرفها الكثير من الجيل الجديد، وذلك من خلال سهرة تلفزيونية فتم التنسيق مع المهنا وبالتالي الاتفاق على مجموعة من الأغنيات لتغنيها، فأدت رابحة هذه الأغنيات: "يببوا للعروس وشيلوا الطار وفنه" و"سافروا بي" ويبيله طنبورة" و"يا صويحبي مالك" و"حمامة يا اللي تنوحي فوق السطوحي" و"البارحة". وتحدثت رابحة في تلك السهرة التي تعد توثيقاً هاماً للفنون الشعبية الكويتية عن فن الطنبورة الذي أتى من بلاد النوبة ثم انتقل عبر البحر الأحمر إلى اليمن عن طريق باب المندب ومن ثم إلى عُمان وبعدها إلى كل دول الخليج وامتد إلى البصرة أيضاً، ذاكرة أن يوم الأحد من كل أسبوع يجتمع فيه أهل الطنبورة في الكويت إذ إن لها طقوسها الخاصة وهي الزار، في الاجتماع يقررون لما سيقدمونه ليلة الجمعة في دار المكيد. وأشارت إلى غنائها في المعهد لعملين من فن الطنبورة هما "شيل لله عبدالقادر" و"يا نبي الله". وتحدثت عن الخماري جاءت تسميته من الخمار، وهو الفنون الثقيلة والكلمة فيه عذبة منتقاة بعناية عبارة عن نوعين رباعي وسداسي، وأول من قدمه بن لعبون، وتم التطرق فن الردحة الذي يقدمه الرجال والنساء وتسمى في البحرين بالعاشوري، ثم تناولت فن الخبيتي وهو لون شعبي خفيف أغنياته غزلية وعُرف عن الملحن سليمان الملا أنه من أكثر الملحنين استخدامه له.كما أشادت الراحلة رابحة بأصوات فتاة سلطان وأماني الحجي وعالية شعيب.لا يسعنا القول إلا أن الكويت والساحة الغنائية ومعهد الموسيقى قد فقدوا أحد أبرز الأصوات المتخصصة بالأدب الشعبي الكويتي، "إنا لله وإنا إليه راجعون".