فيصل المشعان رحل... وترك تاريخه الوطني الزاخر بالعطاء

نشر في 10-10-2010
آخر تحديث 10-10-2010 | 00:01
كتب لعام 2010 ألا ينتهي قبل أن يأخذ معه نخبة من رجالات الوطن الذين يصعب تعويضهم، فكان القدر المحتوم مكتوباً لغازي القصيبي وأحمد البغدادي ونصر حامد أبوزيد وأحمد السقاف ومحمد مساعد الصالح وأخيراً فيصل عبدالله المشعان.

وها هو أبوعبدالله يرحل عن أحبته وأهله تاركاً وراءه تاريخاً يزخر بالعطاء الصامت، على المستويين الرسمي والشعبي، فقد كان رجلاً يستمع إلى الصغير قبل الكبير فتشعر وأنت جالس أمامه أنه حكيم بإصغائه واهتمامه واحترامه ونصائحه لجلسائه، وكان يسمعك حتى تكاد تشك أنه لن يتكلم أبداً، واذا تحدث إليك نطق بكلمات قليلة معبرة وكافية، فيها من الحكمة بقدر ما فيها من التواضع.

تحضرني في هذه اللحظات زمالتنا في جمعية الخريجين عندما كان رئيساً لمجلس الإدارة في مطلع ثمانينيات القرن الماضي عندما حشد "أنصار جمعية الإصلاح" جيوشهم لأخذ الجمعية، فإذا بها معارك "ديمقراطية" يديرها المشعان ورفاقه بكل بسالة حتى أفشلوا مرتين مخططات هؤلاء الذين سخروا كل ما لديهم من قوة مالية وبشرية لتحقيق مآربهم.

إن قوة الفقيد وصلابته كانتا تظهران دائماً في مواقفه في المعارك الوطنية وعلى كل المستويات، فهو الرجل الذي عُرف بقربه من التيار القومي العربي، لكنه لم ينجرف مع همجية القومية المصطنعة التي خلقها نظام المقبور صدام رغم تأثر الكثيرين بالدعاية الإعلامية لذلك النظام أثناء حربه على إيران، إذ بقي المشعان واعياً لكل ما يحصل، فميز بين موقفه القومي والضوضاء المفتعلة.

ولن أنسى عندما كنا نرتب لندوة أقامتها الجمعية بمناسبة مرور أربعين عاماً على نكبة فلسطين، فإذا برئيس مكتب منظمة التحرير الفلسطينية يطلب لقاء مع مجلس إدارة الجمعية، وفي أثناء اللقاء تبين أنه يرغب في التدخل في قائمة المدعوين الذين لا ترغب فيهم حركة فتح، فقال عندما سمع اسم ناجي علوش: "يحيي العظام وهي رميم"، فما كان مني إلا الاعتراض عليه بالقول: "إن الجمعية تحترم جميع المدعوين ولا تفرق بينهم على أي أساس سياسي أو غيره"، فرد ممثل المنظمة بكلمات فيها نوع من التهكم، وهنا تدخل فقيدنا المشعان مؤيداً كلامي، وعندئذ انسحب الرجل مع وفده بشكل "كاريكاتوري" يعكس عنجهية بعض القيادات الفلسطينية في تعاملها مع محيطها المحلي آنذاك.

وللراحل مواقف نبيلة على مستوى العمل الوطني في مؤسسات المجتمع المدني، رغم تقلده مناصب رسمية، فقد ساهم مساهمة فاعلة في اللجان التحضيرية لتأسيس المنبر الديمقراطي حيث تزاملنا في لجنة تلتقي المهتمين في الدواوين للإجابة عن أسئلتهم حول فكرة المنبر الديمقراطي الذي عمل على جمع شتات الوطنيين بعد تحرير الكويت.

ولن أنسى أيضاً دوره الوطني والنبيل، غير المعلن، في قضية الأسرى بعد أن تولى منصب سفير دولة الكويت لدى الأردن، إذ عمل بشكل رسمي، وبذل جهوداً شخصية، لتسهيل عمل اللجان الكثيرة العاملة من أجل إطلاق سراح الأسرى الكويتيين من سجون الطاغية صدام.

الراحل فيصل المشعان عمل بصمت أيضاً في هيئة الجنوب والخليج العربي وصولاً إلى مديرها العام خلفاً للراحل أحمد السقاف، فمثل بلاده خير تمثيل في تلك المشاريع التنموية التي رعتها الكويت في اليمن، ولا تزال أغلبها قائمة حتى الآن تشهد على أعمال أبي عبدالله وصحبه.

رحل الرجل فامتلأت عيون أحبته بالدمع، والقلوب بالألم، مودعة أحد رجالات الكويت الوطنيين... رحمك الله يا أبا عبدالله، وساعد محبيك على تحمل فراقك، وأدخلك الجنة وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

الفقيد في سطور

مكان وتاريخ الميلاد: الحي القبلي في مدينة الكويت القديمة بتاريخ 5/11/1943.

الدراسة:

● جميع مراحل الدراسة في مدارس الكويت والتخرج في كلية الآداب "قسم التاريخ" جامعة الكويت عام 1970.

العمل الوظيفي:

● عمل معيد بعثة في جامعة الكويت 1970 - 1972.

● عمل في الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي وتدرج في عدة مناصب كان آخرها "مدير الهيئة" بدرجة وكيل وزارة مساعد خلال الفترة من "1972 - 1992".

● صدر مرسوم بتعيينه وزيراً مفوضاً في وزارة الخارجية مايو 1993.

● عمل نائباً لمدير إدارة الوطن العربي 1993 - 1995.

● عُيِّن سفيراً لدولة الكويت لدى دولة قطر ديسمبر 1995.

● عُيِّن سفيراً لدولة الكويت لدى الأردن اعتباراً من 15/2/1999.

● رقي إلى درجة سفير بتاريخ 6/1/2001.

● عمل سفيراً للكويت في الإمارات حتى 2008.

نشاطات أخرى:

● شارك في العديد من الاجتماعات واللجان والمؤتمرات سواء في عمله بالهيئة العامة للجنوب والخليج العربي أو وزارة الخارجية.

● عمل عضو مجلس إدارة جمعية الخريجين 1970 - 1995.

● عمل رئيساً لجمعية الخريجين 1984 - 1989.

● حصل على وسام من أمير دولة قطر بعد انتهاء عمله سفيراً لدولة الكويت.

● حصل على وسام من الملك عبدالله الثاني بعد انتهاء عمله سفيراً لدولة الكويت كالاستقلال من الدرجة الأولى.

● رشح نفسه عامي 1975 و1981 لانتخابات مجلس الأمة.

back to top