الجريدة. تكشف أسرار شبكة ثانية للتجسس ضبطت في مصر: ترأسها أستاذ جامعي جنَّد عملاء في شركات الهواتف دون علمهم

نشر في 22-12-2010 | 00:01
آخر تحديث 22-12-2010 | 00:01
ثَبَّتت الشبكة هوائيات على الحدود مع فلسطين وليبيا والسودان... وأرسلت المعلومات إلى إسرائيل عبر واشنطن
علمت "الجريدة" من مصادر رفيعة أن السلطات الأمنية المصرية قد بدأت تحقيقات موسعة مع شبكة ثانية للتجسس على اتصالات كبار المسؤولين المصريين والسفارات والقنصليات الأجنبية في مصر، وذلك بعد يوم من إعلان ضبط شبكة تضم مصرياً وإسرائيليَّين.

وتضم الشبكة الثانية التي لم تُعلَن بعدُ أستاذاً في إحدى الجامعات وشقيقين، شكلوا شبكة جاسوسية رفيعة تمتد أعمالها إلى كل من ليبيا والسودان، وتقاضوا 7 ملايين دولار من جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (موساد) على مدى 4 سنوات منذ بداية عام 2006.

أستاذ جامعي وشقيقان

وتؤكد المعلومات التي حصلت عليها "الجريدة" أن المدعي العام العسكري المصري أجرى تحقيقات موسعة مع أستاذ بجامعة الفيوم وشقيقين (جميعهم محبوسون) أسسوا الشبكة الثانية وأنشأوا مكتب اتصالات بالقاهرة واستخدموه للتجسس على هواتف عدد من كبار المسؤولين الحكوميين لتمرير المعلومات إلى واشنطن ومنها إلى تل أبيب، مستخدمين تقنية فنية في الاتصالات جلبوها من الخارج بطريقة غير شرعية عبر الأنفاق الحدودية مع غزة.

ووجهت النيابة العسكرية إلى الشقيقين تهم التجسس لمصلحة إسرائيل والسعي إلى الإضرار بالمصالح القومية للبلاد بأن اتفقا مع أشخاص يقيمون في الخارج على نقل حركة المكالمات الدولية من داخل وخارج مصر عن طريق شبكة المعلومات الدولية إلى إسرائيل، كما أنهما تواجدا في منطقة مجاورة لخط الحدود الدولية لجمهورية مصر العربية دون حصولهما على إذن من الجهات المختصة، وتسللا إلى حدود إسرائيل بطرق غير شرعية ثم انضم إليهما المتهم الثالث - الأستاذ بجامعة الفيوم - ومرروا المكالمات الدولية دون تصريح، بمعاونة خمسة موظفين بشركات الهواتف المحمولة والثابتة في مصر دون علمهم بأنهم يعملون لمصلحة الـ"موساد".

تدريبات

وتلقى رئيس الشبكة الأستاذ بالجامعة تدريباته في تل أبيب على أيدي ضباط في الـ"موساد" وجهاز الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية الـ"شاباك" على كيفية اختراق اتصالات شركات الهواتف الثابتة والمحمولة، حيث زودوه بتقنيات عالية تتيح له من خلال عملاء له داخل هذه الشركات أكبر عملية اختراق من نوعها لهذه الاتصالات، وقاموا بتمرير الاتصالات التي تجسسوا عليها إلى واشنطن ونقلها إلى إسرائيل، كما قاموا بزرع هوائيات في المناطق المهجورة على الحدود بين مصر وفلسطين والسودان.

وتوصلت التحريات إلى أن المتهم الأول - طبقا لعريضة الاتهام - زياد ركبة بدأ اتصاله بالـ"موساد" عام 2006، وسافر في مارس من نفس العام إلى تل أبيب بطريقة غير شرعية وتلقى تدريبا مكثفا على كيفية اختراق شبكات الاتصال بمساعدة آخرين بشركات المحمول المستهدفة، تحت إشراف ضابط الـ"موساد" ايفير الحريري وضابط بالـ"شاباك" يدعى أورلي ليفي، وكل منهما دربه على كيفية استقطاب الموظفين بشركات الاتصالات واستخدام التقنيات الحديثة التي أمده بها الضابطان لتسجيل المكالمات وتمرير المكالمات المهمة فور حدوثها، ويعاونه في تلك المهمة من خارج حدود مصر في نطاق قطاع غزة كل من محمود أبو سعد ونبيل أبو زنيبه (فلسطينيان) واستطاعوا أن يحصلوا على مكالمات هاتفية مهمة جدا لعدد من سفراء الدول الأوروبية والعربية في القاهرة، حيث تخصص المتهمون في مراقبة القنصليات والسفارات الأجنبية في مصر منذ عام 2008 وحتى ساعة القبض عليهم، وعثر بحوزتهم على مستندات وأشرطة وكروت ذاكرة إلكترونية تحتوي على مكالمات في غاية السرية والأهمية، وأيضاً معلومات ومستندات تم الحصول عليها من هذه السفارات والقنصليات، كما بينت التحقيقات قيام المتهمين الثلاثة بربط شبكات الاتصالات السودانية والليبية بهوائيات تم تثبيتها على قمم الجبال الحدودية، بشبكة الاتصالات المصرية وضمها على جهاز واحد يتحكم فيه المتهم الأول في مصر ويقوم بتمريرها بعد ذلك إلى واشنطن فور حدوث المكالمات المهمة منها وتسجيل ما يصعب تمريره لأسباب تقنية أو فنية.

 

موظفو شركات الهاتف

وكانت سلطات أمنية عليا قد تلقت معلومات في يونيو الماضي تؤكد قيام مكتب اتصالات بالقاهرة يديره زياد أحمد مدبولي ركبة بالاتفاق مع كل من "ح. ر" موظف بشركة "فودافون" و"ي. أ" عطا موظف بشركة اتصالات و "إ. ت" موظف بشركة "موبينيل" و"أ. ب" موظف بالمصرية للاتصالات على تكوين شبكة من المتعاونين داخل محل أعمالهم بعد أن أقنعوهم بأنهم يعملون بجهة سيادية عليا (أمن الدولة) مستخدمين أوراقا مزيفة لإثبات شخصيتهم الوهمية، كما قاموا بزرع هوائيات لاستقبال وإرسال المكالمات على المنطقة الحدودية بين مصر وفلسطين وهربوا عددا منها إلى تل أبيب، والسودان.

واعترف المتهمون أمام جهات الاتصال بحيازتهم للأجهزة المضبوطة والوثائق والأشرطة المضبوطة وأنهم قاموا بتسجيلها بهدف تسليمها لضباط في "الموساد"، وأن الموظفين العاملين معهم بشركات المحمول تم خداعهم، وأن المتهمين الثلاثة تلقوا مبالغ مالية قدرها حوالي سبعة ملايين دولار خلال الثلاثة أعوام الماضية مقابل خدماتهم بخلاف ثمن الأجهزة والخطوط والهوائيات التي تم تثبيتها على النقط الحدودية.

كما اعترف المتهمون بأنهم توصلوا إلى معلومات مهمة جدا حول الخطط الحكومية والمخاطبات الأجنبية لمصر والمحادثات والمباحثات والاتفاقات التجارية والثقافية بين مصر والدول الأجنبية، وأمدوا ضباط "الموساد" بها مع علمهم بطبيعة ما تحتويه تلك المكالمات والمستندات.

 170 ساعة من التسجيلات

وتأتي هذه المعلومات التي حصلت عليها "الجريدة" بعد يوم واحد فقط من الإعلان الرسمي عن ضبط شبكة المصري طارق عبدالرازق حسين الذي تم ضبطه واتهام إسرائيليين هاربين.

وفي مفاجأة من العيار الثقيل، كشفت التحقيقات أن السلطات المصرية قد عثرت لدى الأخير على كروت ذاكرة تحتوي على 170 ساعة من التسجيلات الهاتفية لعدد من كبار المسؤولين المصريين بينهم وزراء.

وعلمت "الجريدة" أن طارق عبدالرازق حسين أقر بأن المشتبه فيها الوارد ذكرها في التحريات تربطه بها علاقة عاطفية وأنه لا علم لها بطبيعة عمله نهائياً ولا علاقة لها بالمتهمين، كما أنكر معرفته بقائمة أسماء كبار الموظفين الحكوميين المصريين التي تم ضبطها بحوزته أثناء تفتيش مكتبه وبكروت الذاكرة المحفوظ عليها مكالمات هاتفية تم العثور عليها في أدراج مكتبه، ومدتها حوالي 171 ساعة.

زياد ركبة جاسوس بدرجة «بروفيسور»

د. زياد أحمد ركبة رئيس الشبكة من مواليد 1975، تخرج في كلية الزراعة جامعة القاهرة عام 1996، ويشغل منذ عام 2008 درجة المدرس بقسم البساتين، بكلية الزراعة جامعة الفيوم.

وخلال رحلته العلمية حصل على درجة الماجستير من المعهد الزراعي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط باليونان عام 2001، كما حصل على برنامج تدريبي عن إعداد المقررات الجامعية واستراتيجيات التعليم الإيجابي من جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة الأميركية.

back to top