ما لم تقله
 العربي

نشر في 30-01-2011
آخر تحديث 30-01-2011 | 00:01
 آدم يوسف في ندوة مجلة العربي «العرب يتجهون شرقاً» لم نجد ما يروي العطش في ما يتعلق بالآداب الشرق آسيوية المعاصرة. وأقصد بالآداب هنا الرواية والشعر تحديداً. كنت آمل أن أطّلع على شيء من الأدب الياباني المعاصر والمترجم إلى العربية، أو أسمع شيئاً عن أعلام معروفين من أمثال ياسوناري كواباتا الذي رافقت حياته ومماته ضجة كبيرة، وكذلك غونشيرو تانيزاكي، وله أعمال عديدة مترجمة إلى العربية، أتيحت لي فرصة الاطلاع على روايتين له هما: «المفتاح» و»الذين يحبون الشوك»، وأخيراً الأديب الياباني شاغل الناس في هذه الأيام هاروكي موراكامي.

لا أشك للحظة في أن القائمين على تنظيم فعالية «العربي»- وبعضهم روائيون مبدعون- لهم إلمام كاف بهذه الأسماء، ولكن أستغرب سقوطها من جدول الفعاليات، إذ لم يُقدم أي من الباحثين المشاركين ورقة عن الأدب الياباني المعاصر المترجم إلى العربية، أو حتى الأدبين «الصيني والفيتنامي» وثمة اهتمام متزايد بهذين الأدبين أخيراً لما للصين وأساطيرها من غموض محبب لدى الشعوب الأخرى، أو لفيتنام من مكانة خاصة تتعلق بالكفاح، والحرب الأميركية الشهيرة.

تناولت الجلسة السادسة من جلسات الندوة الأدب العربي المترجم إلى اللغات الهندية والصينية، وهو المحور الذي كنا نتمنى أن يتبعه محور آخر يتجه إلى النقيض، بمعنى قراءة الآداب الآسيوية المترجمة إلى العربية.

فيما عدا هذه الملاحظة المقدّمة بشأن الآداب الآسيوية المعاصرة فقد جاءت جلسات الندوة منوّعة، إذ ناقشت الرحلات الآسيوية العربية، وتطرقت إلى حركة الترجمة، وكذلك المخطوطات العربية في آسيا، والآثار المتبادلة في الفنون والغناء، وتأثيرات الحركات الصوفية في آسيا على الشرق العربي.

قد لا يكون الالتفات إلى الشرق نابعاً من حاجة ثقافية خالصة بقدر ما تتنازعه حاجات أخرى على رأسها الجانبان الاقتصادي والسياسي، وهما وجهان لعملة واحدة، فالصين التي يبتلع تنينها الصناعي غالبية دول الشرق وإفريقيا، لم تتوقف عند هذا الحد بل أصبحت تنافس الولايات المتحدة في عقر دارها. إن الماركة المسجلة للبلاد الصناعية بدأت تتخذ معاني جديدة، وانقلبت تلك المفاهيم التي كان يُدهش الإنسان بسببها حين يقرأ أسفل العلبة المشتراة Made in USA، وأصبحت البضاعة المستوردة من الصين والهند لا تقل جودة عن تلك الواردة من الولايات المتحدة وأوروبا. حتى على المستوى الشعبي تغيرت العديد من المفاهيم ولم يعد الناس أسرى لوهم الأسماء الكبيرة.

أخيراً سعدت لتلك الورقة المقدّمة من الباحث والمترجم الإيراني النشيط سمير أرشدي عن مجلة «شيراز» المعنية بترجمة الأدب الياباني إلى اللغة العربية. لفتني في ما قرأت من أعمال هذه المجلة المميزة النصوص الشعرية المترجمة إلى العربية، خصوصاً تلك المُصاغة بأقلام شعراء من جيل الشباب، هم الأقرب إلينا جغرافياً، ولكنهم الأبعد من حيث التواصل الثقافي. يجد قارئ نصوص هؤلاء الشباب بين أسطرها شيئاً غير قليل من الجمال وصناعة المفارقة الشعرية، الغريب أن الأجواء الشعرية لهؤلاء الشباب لا تختلف كثيراً عن مجايليهم من الشباب العرب سواء من حيث الرؤية أو صناعة المفارقة الشعرية، وأتمنى للقائمين على هذه المجلة بذل جهد أكبر في ما يتعلق بناحية توزيعها في البلاد العربية، وعدم الاكتفاء بالصحافة والمؤسسات الثقافية، إذ إن لعامة القراء حقاً في قراءة النصوص الجميلة سواء كانت شعراً أو قصة.

المجلة كما أراد لها أصحابها نافذة حقيقية لقراء الأدب الإيراني المعاصر، والاطلاع على الخلفية التاريخية له.

back to top