مصر تختار برلمانها الجديد على وقع اتهامات التزوير... والصدامات

نشر في 29-11-2010 | 00:01
آخر تحديث 29-11-2010 | 00:01
• مصرع نجل مرشح واشتباكات بالأيدي في بعض الدوائر
• تحالف يمثل 126 منظمة: 7 مخالفات جسيمة
شهدت مصر أمس، أهم انتخابات برلمانية تسهم في تحديد خريطتها السياسية خلال السنوات المقبلة، غير أن الإقبال جاء ضعيفاً، وعرفت دوائر انتخابية عديدة أشكالاً من الانتهاكات، ما بين اعتداء على بعض أنصار مرشحي المعارضة و"الإخوان المسلمين"، ومنع دخول مندوبين، وأعمال بلطجة، وإطلاق نار أدى إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى في بعض محافظات الوجهين البحري والقبلي، ما أدى إلى انسحاب بعض المرشحين.

جرت انتخابات مجلس الشعب المصري أمس، على مستوى 222 دائرة انتخابية، على 508 مقاعد، نصفها على الأقل للعمال والفلاحين، ومن بينها 64 مقعداً للمرأة، وذلك بمشاركة ممثلي 18 حزباً سياسياً إلى جانب المرشحين المستقلين.

وبدأت عملية الاقتراع التي دعي إليها نحو 40 مليون ناخب، في الساعة الثامنة صباحاً، وسط إقبال محدود من الناخبين في المدن ومتوسط في الريف، وأغلق باب التصويت في السابعة مساء، لتبدأ بعد ذلك عمليات فرز الأصوات تحت إشراف رؤساء اللجان العامة من رجال القضاء، تمهيداً لإعلان النتيجة خلال يومين.

وفي تقرير شامل، رصد التحالف المصري لمراقبة الانتخابات الذي يمثل 126 منظمة بارزة تعمل في جميع المحافظات وعبر تقرير موثق أصدره أمس، سبع مخالفات رئيسية شابت العملية الانتخابية. وقال إن الانتخابات شهدت جملة من الانتهاكات والتجاوزات، تمثل أولها في استخدام العنف والقوة منذ الساعات الأولى لبدء العملية الانتخابية وهو أمر يهدد العملية الانتخابية ويجعل العنف هو سلاح الانتخابات، كما شهدت أخطاء في الكشوف الانتخابية وتسويد البطاقات الانتخابية، ومنع مراقبي المجتمع المدني من القيام بأعمال المراقبة، ومنع وكلاء المرشحين من دخول اللجان والسماح فقط لمرشحي الحزب "الوطني" وأخيراً النقل الجماعي لموظفي الدولة والشركات.

وشهدت ساعات الانتخابات سقوط قتيل في القاهرة بسكين مناصري مرشح منافس لوالده وإصابة آخر بطلق ناري في الدقهلية واستخدام واسع للأسلحة البيضاء وضرب واعتداءات وإطلاق نار في الهواء للترويع.

ووثّقت غرفة متابعة انتهاكات الانتخابات بمركز "النديم" الحقوقي في تقريرها الأول أمس، وقوع 150 حالة اعتقال واختطاف و10 حالات اعتداء واشتباكات وحالة قتل.

عنف ودم

في القاهرة، حصل عمرو سيد أحمد، نجل مرشح مستقل المطرية بالقاهرة على لقب "أول قتيل" لبدء الاقتراع أمس، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة داخل مستشفى المطرية العام عقب إصابته بجرح طعني نافذ في الصدر، إثر قيام اثنين من البلطجية بتسديد عدة طعنات نافذة له أثناء توزيعه بعض اللافتات المؤيدة لوالده داخل أحد الشوارع بالدائرة.

وقال شهود عيان إن اشتباكات دامية وقعت بين أنصار وزير الإنتاج الحربي سيد مشعل مرشح الحزب "الوطني" في دائرة حلوان (جنوب شرق القاهرة) وأنصار منافسه الكاتب الصحافي مصطفى بكري، على خلفية شائعة تزوير أكثر من 15 ألف صوت في لجنة "مدرسة حلوان البلد".

وذكر شهود عيان أن مجموعات كبيرة من سيدات وفتيات قويات البنية قد ظهرن في العديد من اللجان الانتخابية، حيث قمن بالاعتداء والتحرش بـ"أخوات جماعة المسلمين" على أبواب العديد من اللجان وفي دائرة الدقي نجحت المجموعة التي ترتدي ملابس مدنية في منع نصيرات مرشحة الكوتة من الجماعة من الدخول للتصويت كما قمن بالاحتكاك العنيف بمرشحة الجماعة.

وكان أبرز ما شهدته العملية الانتخابية من أعمال عنف، ما جرت وقائعه في محافظة كفر الشيخ، إذ وردت أنباء عن إحراق أنصار المرشح حمدين صباحي بقرية أم الشعور التابعة لدائرة الحامول والبرلس، 6 لجان بعد أن منعت قوات الأمن دخولهم للتصويت لمصلحة مرشحهم، وكذلك ما شهدته محافظة شمال سيناء، حيث تبادل أنصار مرشحين إطلاق النار، مما أسفر عن إصابة أحد المواطنين بطلق ناري في ساقه.

وفي محافظة كفر الشيخ (شمال القاهرة)، أصيب بشير الجندي شقيق مرشح مجلس الشعب المستقل حسن الجندي بدائرة بيلا بطلقات نارية، أطلقها مجهولون.

وتوقف الاقتراع بـ4 لجان في مدينة كفر الدوار بسبب نشوب مشاجرة بين مندوبي المرشحين، أسفرت عن تحطم 3 صناديق انتخابية.

وشهدت محافظة الدقهلية اشتباكات بين أنصار المرشحين في كل الدوائر الانتخابية بالمحافظة تقريباً.

وأفاد حزب "الوفد" بقيام توفيق عكاشة مرشح الحزب "الوطني" في دائرة نبروه في محافظة الدقهلية بإطلاق النار على أنصار فؤاد بدراوي نائب رئيس حزب "الوفد" ومرشح "الوفد" في نبروه، وتم إبلاغ مركز شرطة نبروه بالواقعة، كما تم إبلاغ رئيس اللجنة العليا للانتخابات.

وفي صعيد مصر، شهدت الدائرة الأولى "بندر سوهاج" ومقرها المدرسة الثانوية العسكرية إطلاق أعيرة نارية بواسطة السلاح الآلي من أنصار المرشحين، وأسفرت عن إصابة كل من عصام جاد الرب (50 عاماً) من أنصار المرشحين بطلق ناري بالقدم وثلاث إصابات جروح وكدمات، صرح بذلك مصدر من مستشفى سوهاج العام.

بينما نقل شهود عيان بدائرة نجع حمادي في محافظة قنا (بصعيد مصر) أن اشتباكات وتبادلاً لإطلاق الرصاص أسفرا عن إصابة نجل شقيق النائب عبدالرحيم الغول مرشح الحزب "الوطني" على مقعد العمال بالدائرة، والذي يواجه حرباً شرسة من الأقباط الذين يدعمون منافسه فتحي قنديل مرشح "الوطني" على المقعد ذاته عقب أحداث مذبحة نجع حمادي التي قتل فيها 6 أقباط ومسلم عشية عيد الميلاد الماضي.

وقال مراقبون حقوقيون إن اشتباكاتٍ وتبادلاً لإطلاق الرصاص وقع في دائرة أبنوب التابعة لمحافظة أسيوط بين أنصار مرشحي الحزب "الوطني" على مقعد العمال، مما اضطر الأمن إلى التدخل وإلقاء القبض على عدد من أنصار المرشحين.

وأشار المراقبون إلى أن طريق أسيوط- سوهاج الزراعي شهد مشاجرة بالأسلحة النارية بين أنصار مرشح حزب "الوفد" وأنصار مرشح مستقل في مركز صدفا بأسيوط (صعيد مصر).

ونقلت مصادر أمنية أن مرشح الحزب "الوطني" في بني سويف هشام الوكيل اقتحم بمساعدة بلطجية 7 لجان انتخابية، وتعدوا على الأهالي بالضرب، مما اضطر رؤساء اللجان إلى إغلاقها، موضحاً أن الأجهزة الأمنية اعتقلت بعضاً منهم.

وفي سياق متصل، تحولت أغلبية الشوارع في محافظة سوهاج، المحيطة بمراكز الاقتراع إلى ساحة قتال بين أنصار المرشحين بالأسلحة البيضاء، مما استلزم وجودا أمنيا كثيفا أمام اللجان الانتخابية لتفريق أنصار المرشحين وحفظ النظام لسير العملية الانتخابية.

وشهدت انتخابات شمال سيناء أول إصابة لمواطن أثناء مشادة بين مندوبي مرشحي "الوطني" المتنافسين على مقعد العمال حسام شاهين ومحمد مصبح، وذلك بعد أن قام أنصار مصبح بتمزيق تصاريح مندوب النائب الحالي حسام شاهين، وتطور الأمر إلى اعتداءات متبادلة قبل أن تسيطر الشرطة عليها، وأصيب فيها مواطن وتم نقله إلى مستشفى العريش.

إلى مندوبي المرشحين: ممنوع الدخول

وأجمع مرشحون للمعارضة في معظم المحافظات على أن وكلاءهم تعرَّضوا لأنواع مختلفة من المنع من دخول اللجان، مما سمح لمندوبي الحزب "الوطني" بالاختلاء بصناديق الاقتراع.

وقالت مصادر قريبة من جماعة "الإخوان" إن منع المندوبين جاء على ثلاثة أشكال، إما بالقبض على بعض مَن تم تسليم أسمائهم إلى الجهات الأمنية قبل الانتخابات، أو بمنع حصولهم على الموافقات الأمنية اللازمة، ثم بمنع دخول مَن حصلوا على هذه الموافقات إلى اللجان بالقوة.

وأكدت غرفة عمليات الانتخابات في حزب "الوفد" - في أول بيان لها منذ بدء الاقتراع- تعرض مندوبي مرشحي الحزب في دوائر في القاهرة والسويس وأسيوط للمنع والضرب لعرقلة دخول اللجان.

وفي محافظة كفر الشيخ، تمّ الاعتداء على مندوبات لجنة سيدات مدرسة الحامول الثانوية وتمزيق التوكيلات في عدد من اللجان من خلال بلطجية تابعين لمرشح الحزب "الوطني".

وقدم المرشح عن دائرة البرلس والحامول في محافظة كفر الشيخ حمدين صباحي رئيس حزب "الكرامة" تحت التأسيس، بلاغاً إلى المستشار رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، حول منع المندوبين في الدائرة الرابعة في كفر الشيخ "البرلس والحامول"، جاء فيه: "نحيط سيادتكم علماً بأنه تمت تجاوزات ومخالفات قانونية بمقار اللجان الإحدى عشرة". وأضاف: "يتم إخراج وكلائنا ومندوبينا من اللجان الفرعية بالقوة، وبمعرفة الشرطة، ومعاونتها لمصلحة مرشح الحزب "الوطني"، ثم تغلق اللجان ويمنع الناخبون من الدخول ويتم تزوير الأغلبية العظمى من بطاقات الاقتراع، ثم تفتح اللجان مرة أخرى، وتنتقل قوات الشرطة برفقة بلطجية يستخدمهم مرشح الحزب "الوطني إلى لجنة أخرى يتكرر فيها نفس المخالفات والتجاوزات".

وفي الإسكندرية، بدأ اليوم حاداً ومتوتراً وما ساعد على زيادة حدته هو قيام السلطات الأمنية الموجودة على اللجان منذ الصباح الباكر برفض توكيلات جميع مندوبي المرشحين مستقلين ومعارضة و"إخوان" عدا مرشحي الحزب "الوطني" بالرغم من صدورها من الشهر العقاري، وطلبت منهم السلطات ختمها من مديرية الأمن أو قسم الشرطة التابعة له، وحين توجه المندوبون إلى "الداخلية" لم يجدوا مَن يجيب.

رقابة دولية غير رسمية

وفي الوقت الذي جدد رئيس مجلس الشعب د. أحمد فتحي سرور رفض مصر لأي نوع من أنواع الرقابة الدولية على الانتخابات البرلمانية المصرية، قائلاً إن "مصر دولة مستقلة ذات سيادة ولا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة خارجية"، وصل إلى القاهرة في وقت مبكر من صباح أمس، وفد من الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات البرلمانية بشكل غير رسمي.

وأكدت مصادر حقوقية أن الوفد الأوروبي تابع الانتخابات من خلال غرف عمليات حقوقية مسموح لمنظماتها بمراقبة الانتخابات.

وأشارت المصادر إلى أن عددا من المنظمات الدولية بينها "هيومن رايتس ووتش" و"الشبكة الأورو- متوسطية" تابعت عملية الاقتراع لإعداد تقارير عن مدى نزاهة العملية الانتخابية.

وضم الوفد أعضاء من "الشبكة الأورو- متوسطية" برئاسة مديرها التنفيذي مارك شايد بولسين لإعداد تقرير حول الانتخابات.

ونقلت عن مصدر من أعضاء الوفد أن الانتخابات المصرية "غير مبشرة"، حيث رفضت السلطات الرقابة الدولية وعرقلت حصول المنظمات الحقوقية المحلية على تصاريح تسمح لها بمراقبة عملية الاقتراع، كما تجاهلت أحكاماً قضائية قضت بإيقاف الانتخابات في عشرات الدوائر.

ومن جهتها، أعلنت السفارة الأميركية في القاهرة صباح أمس، نية عددٍ من الدبلوماسيين الأميركيين المرور على عدد من اللجان الانتخابية لملاحظة سير العملية الانتخابية. وقالت المتحدثة باسم السفارة إليزابيث كولتون إن الدبلوماسيين الأميركيين سيزورون عدة لجان مختلفة.

حزب "الوفد" يؤكد التزوير

وأصدر حزب "الوفد" بياناً قال فيه إنه تم منع دخول وكلاء مرشحيه في العديد من اللجان على مستوى محافظات الجمهورية. وقال إنه حدثت عمليات تزوير واسعة في مدرسة شجرة الدر في الساحل لمصلحة مرشحي "الوطني"، كما تم منع دخول مندوبي طاهر أبوزيد مرشح "الوفد" في الساحل، ومنع مندوبي مرشحي "الوفد" الثلاثة في السويس من دخول اللجان. وتظاهر مندوبو وأنصار مرشحي "الوفد" والمعارضة أمام مديرية أمن السويس، "احتجاجاً على هذا التصرف".

وقال الحزب إنه في دائرة المنيل "بدأت عمليات التزوير لمصلحة مرشحي الحزب "الوطني" في مدرسة الملك الصالح، كما أن جميع مندوبي مجدي علام مرشح الحزب الوطني غير مدرجين في الجداول الانتخابية". وأضاف أن "دائرة ميت غمر- دقهلية شهدت عمليات تزوير واسعة النطاق لمصلحة الحزب الوطني، وتم منع مندوبي حسن محمد كمال عبدالصمد (الشيف حسن) من دخول اللجان".

حمدين صباحي ينسحب

في مفاجأة من العيار الثقيل، أعلن النائب المصري المعارض حمدين صباحي انسحابه من الانتخابات قبل ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع.

وبرر حمدين انسحابه من الانتخابات بأنه جرت عمليات تزوير واسعة في دائرته الانتخابية، زاعماً أن ضباط المباحث يقومون بعمليات التزوير بأنفسهم.

back to top