افتتاحية الوفاء من الأخلاق

نشر في 01-02-2011 | 00:00
آخر تحديث 01-02-2011 | 00:00
مثلمـــــا حـــان الاستماع إلى صوت العقل في مصر والانصياع لحوار بنّاء يستخلص عِبَر "أسبوع الغضب"، ليخرج منه المصريون رابحين شعباً وسلطة، فإنه حان الوقت لنضع، نحن الكويتيين، الأمور في نصابها في ما يخص أحداث مصر لئلا تأخذ بعضنا الحمية فنسقط في فخ التسرع ونحرق المراكب ونوصم بالنكران.

جاهلٌ من يتجاهل الحقائق التي أدت إلى الانتفاضة الشعبية في مصر. فالبطالة والفساد وغياب الإصلاح السياسي ومشكلة التوريث، كلها أدت إلى ما شهدناه، لكن مصر يجب أن تبقى الدولة الراسخة التي تستطيع أن تعالج أصعب قضاياها في إطار الروح السمحة والاعتراض الحضاري والحوار. فليست هي مصر، تلك التي شاهدناها نهباً للبلطجية وشذاذ الآفاق والدهماء. وليست هي مصر تلك التي دبَّ الذعر في قلوب نسائها وأطفالها والقادمين إليها بينما نحن تربينا على أن الناس يدخلونها آمنين.

ثم، إن بيننا وبين مصر شعباً وجيشاً ونظاماً ورئيساً وشائج تقتضي منا، نحن الكويتيين، ألا نغض البصر عنها مهما كانت الأسباب. فمصر التي كانت تحترق على مدى أيام هي التي قادت مع المملكة العربية السعودية العالم العربي إلى نصرة الكويت حين تعرضت لأبشع أنواع الاعتداء على أيدي نظام صدام. ومصر هي نفسها التي ضحت من أجل تحرير الكويت مثلما ضحت في حروبها القومية حفاظاً على كرامتها ولإبقاء هامة العرب مرفوعة دفاعاً عن قضية فلسطين.

إن الأخلاق تستوجب الوفاء. واليوم، يجب أن نكون أوفياء للبلد الذي لم يبخل علينا يوم كنا في أحلك الشدائد، ولم يكن بيننا وبينه سوى عرى المحبة والتعاون والتلاقي لمصلحة بلدينا وكل العرب.

لسنا أوصياء على شعب مصر، ولا على طموحاته، ولن نكون ضد إرادته. لكننا نضع أيدينا على قلوبنا لأننا نخشى على البلد الذي أحببناه، وعلى الدولة التي طالما تمثلنا برسوخ مؤسساتها. ونحن مقتنعون بأن هناك فرصة للعقل. فما فرضته التظاهرات حتى الآن يضمن بالتأكيد حصول إصلاحات ومزيداً من الديمقراطية ونهجاً جديداً في علاقة السلطة بالقوى السياسية. وهذه إنجازات كبرى يجدر بحركة الاحتجاج أن تعي أنها حصلت، وأن تدرك أن الحواجز سقطت بين النظام والناس، ولن يربح أحد من سقوط الدولة على رؤوس الجميع.

فيا أحبتنا المصريين، تجنبوا العنف والمنزلقات، لتبقى مصركم ومصرنا عنواناً للمحبة وواحة للسلام وموئلاً للأمن والأمان.

الجريدة

back to top