الدرس التونسي

نشر في 30-01-2011
آخر تحديث 30-01-2011 | 00:00
 حسن العيسى لا يحلم عاقل بأن عدوى الثورات الشعبية ستنتشر من تونس إلى بقية دولنا العربية التي تمتطي أنظمتها رقاب الشعوب إلى أن يحدث الله أمراً كان مكتوباً، والمكتوب أن يطرق عزرائيل باب النظام ليذهب قائد ويأتي من سلالته قائد آخر، وليس بجديد مقولة جريدة «هارتس» الإسرائيلية إن من يتوقع «وباء الثورات» في الشرق الأوسط أو في شمال إفريقيا سيضطر إلى الانتظار في هذه الأثناء، وإذا كانت تونس بسبب وعي شعبها وارتفاع معدل التعليم والثقافة فيها تشكل استثناء من عالمنا العربي قد لا يتكرر، فالمؤكد أن الشعب التونسي ألقى حجراً في مياهنا الراكدة، وأن الشعوب بدأت تدرك تماماً معنى «إرادة الحياة».

كثير من المعلقين رأوا أن المظاهرات الشعبية في مصر لن تنتهي بما انتهت إليه في تونس حين أزاحت النظام، فجهاز الأمن المصري ليس مثل نظيره التونسي، وهناك الكثير من الفروق بين تونس ومصر في تركيبة الطبقة الوسطى التي تقود عادة النضال الشعبي، وما يقال عن مصر يمكن تعميمه على معظم دولنا العربية، وكل بلد وله ظرفه التاريخي وحيل نظامه لإطالة عمره إلى ما شاء الله. المؤكد الآن أن هناك تغيرات تحدث نتيجة هذا الغليان الشعبي، فالرئيس مبارك في مصر وعد بإصلاحات وتغيير وزاري، وكذلك الأمر في الأردن، والمؤكد أن «عدوى» الحذر والانتباه والوعود بالإصلاحات السياسية ستسري في الوطن العربي الكبير، وإذا لم تتعلم أنظمتنا الدرس التونسي اليوم بأنه ليس الفساد والفقر والبطالة وهدر حقوق الإنسان في التعبير وبقية حريات الضمير والمشاركة في الحكم المسؤولة عن هز أركان النظام، وإنما وعي الناس بها وإدراكهم بأن أنظمتهم هي المسؤولة بداية ونهاية، وأنه اليوم ليس بإمكان هذه الأنظمة أن تضع السواتر والحواجز على التواصل الفكري ونقل المعلومات فـ»أنوار» الإنترنت وعوالم فيس بوك وتويتر اليوم تقوم بدور فلاسفة التنوير الأوروبي في نهاية العصور الوسطى، التي مهدت بظهور الطبقة البرجوازية إلى عصر الحداثة، أما دول الغرب فقد تصحو اليوم وتدرك أن «بعبع الحركات الإسلامية» لم يعد مبرراً كافياً لقيامها بالتنفس الصناعي في الرئة المهترئة للحلفاء من الأنظمة العربية، وليس بالضرورة أن تنتهي الحكاية العربية بمثل ما انتهت إليه المأساة الصومالية، فتحت أضعف الإيمان، سيبقى الدرس التونسي منارة كي تسترشد بها دولنا العربية وأنظمتها ذات الأعمار المئوية.

back to top