تقرير أميركي: غبار الكويت... فطريات وبكتيريا ويورانيوم دراسات عسكرية تؤكد مضاعفة أعداد مرضى الجيش الأميركي خلال السنوات الثماني الماضية

نشر في 15-12-2010
آخر تحديث 15-12-2010 | 00:00
في وقت تعيش البلاد اضطرابا سياسيا انقسم معه الناس ما بين مؤيد لفريق ومعارض لآخر، هجم الغبار على الفريقين في رسالة لكليهما مفادها "لا أحد في مأمن من تغيرات المناخ"، لا سيما أن غبار شتاء هذا العام محمل بمعلومات جديدة وخطيرة لم يتسن لنا ككويتيين التعرف عليها من قبل، فالغبار الذي عادة ما واجهناه بالغترة أو الكمام، أو في أقل الأحوال بإغلاق الفم، قد يشكل خطراً حقيقياً لم نكن نعيه.

ما يوضح ما سبق أن باحثين أميركيين كشفوا في دراسات لجزيئات الغبار في الكويت والعراق عن وجود العديد من الجزيئات الحاملة لمواد خطرة من الممكن أن تسبب العديد من المشاكل للبشر تتفاوت ما بين أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب وانتهاءً باضطرابات عصبية.

وبيّن تقرير نشرته مجلة القوات البحرية الأميركية (نيفي تايمز) على شبكة الإنترنت أمس إن العلماء الباحثين جمعوا عينات من الغبار اكتشفوا من خلالها وجود فطريات وبكتيريا ومعادن ثقيلة –بما في ذلك اليورانيوم- يمكنها أن تسبب آثاراً صحية سلبية على المدى الطويل للبشر.

وفي هذا الشأن، قال عالم الأحياء الدقيقة في مجال البيئة والصحة العامة بإدارة المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة دايل غريفين: "نحن نستطيع أن نرى الغبار، لكن ما سيؤثر في الناس هو ما لا نستطيع أن نراه"، مبيناً أن هناك ثلاثة تقارير حديثة تبين تفاصيل المشكلة وأن هناك المزيد من التقارير قيد الإعداد.

وكان غريفين والكابتن مارك لايلز الذي يرأس إدارة العلوم الطبية والتكنولوجيا الحيوية في مركز دراسات الحربية البحرية التابع لكلية الحرب البحرية، أعدا تقريراً تم عرضه العام الماضي في الحلقة الدراسية الدولية عن طوارئ كوكب الأرض التي أقيمت في إيطاليا، ذكر أن عينات من الغبار أُخذت في 2004 من الكويت والعراق أظهرت "تنوعاً بيولوجياً كبيراً من الفطريات والبكتيريا والفيروسات منها ما نسبته 25 في المئة من المواد المسببة للأمراض".

ويقول التقرير: "بقدر ما تسبب هذه النسبة من مخاوف تبين كذلك وجود 37 عنصرا، بما فيها 15 من المعادن الحيوية النشطة كاليورانيوم والمعروفة بتسببها بالعديد من الآثار الصحية الطويلة المدى على البشر".

وقال غريفين إن بعض هذه السموم قد يوجد في تربة الشرق الأوسط بشكل طبيعي، بينما يأتي بعضها من المصانع أو المصافي في المناطق الصناعية، مضيفاً أن هذه السموم من الممكن أن تكون قد أطلقت بواسطة الآليات والدبابات الأميركية التي حرّكت الطبقة العليا الصلبة من التربة والتي طالما حبست هذه المعادن تحتها مئات السنين.

وفي الوقت ذاته، أشار تحليل للبيانات الصحية للجيش ما بين 2001 و2009 نشرته صحيفة الجيش الأميركي (ميليتاري تايمز) أخيراً إلى أن أمراض الجهاز التنفسي قد تفاقمت بين المنتسبين للقوات العسكرية بواقع 32 في المئة، في حين زادت نسبة أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 30 في المئة، في الوقت الذي زادت فيه مشاكل الحمل والولادة بنسبة 47 في المئة، أما أمراض الجهاز العصبي، كمرض التصلب العصبي (إم إس) ومرض باركنسون فقد زادت بنسبة هائلة قاربت 200 في المئة.

وفي الشأن ذاته، أصدر المجلس القومي لبحوث الأكاديميات الوطنية تقريراً هذا العام أشار فيه إلى وجوب تحديث برنامج مراقبة الجزيئات الخاص بوزارة الدفاع، كاشفاً أن الجيش الأميركي يفتقر إلى البيانات الصحيحة والكافية لدراسة الآثار الصحية المترتبة على التعرض لهذه الجزيئات. وقد جاء هذا التقرير عقب تقريرين آخرين أصدرهما الجيش الأميركي، أحدهما بحث في مسألة الأعراض الصحية بينما بحث الآخر مسألة أمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب، ولم ير هذان التقريران أي علاقة بين الأمراض والتعرض للغبار، إلا أن تقرير الأكاديميات الوطنية أكد أن هناك "مجموعة كبيرة من البحوث الوبائية التي أظهرت علاقة مباشرة بين التعرض لهذه الجزيئات المحملة بالغبار سواء على المدى القصير أو المتوسط وبين مجموعة واسعة من الأمراض المؤثرة في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية في الأشخاص المعرضين لها".

وتشير التقارير المنشورة إلى أن أصغر الجزيئات تدخل مع الغبار إلى عمق الرئتين".

وقال غريفين إنه يشعر بقلق، لأن مجموعة الفطريات والمعادن الموجودة في العراق وأفغانستان من الممكن أن تزيد من تعقيد المخاطر الصحية للقوات الأميركية المقاتلة هناك.

وفي وقت تمر الكويت بصراع بين سلطتين تنفيذية وتشريعية، وفريق نيابي وآخر، يأتي الغبار فارضاً نفسه كسلطة لا حول لنا معها ولا قوة، وتأتي جزيئاته كفريق مخرّب للطقس الجميل الذي طالما عشناه خلال الأيام والأسابيع الماضية، فلا يبقى لنا سوى التضرع إلى الله شكراً لوجود الأميركان الذين كشفوا لنا ما يحمله غبارنا، ودعوةً لأن يخفف علينا سبحانه وتعالى وطأة هذا الغبار.

back to top