المعمم الذي يرفض الدولة الدينية ويحارب الأصولية الشيعية والسنية

نشر في 29-08-2010
آخر تحديث 29-08-2010 | 00:05
لم تكن المحاضرة الثالثة من محاضرات مجلس ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في رمضان عادية، فقد حملت جملة من المفارقات، وربما المتناقضات. فالمحاضر الذي ألقى محاضرته أمام حضور أربى على ثلاثمئة رجل وامرأة من أعيان الإمارات يتقدمهم حاكم أم القيوين الشيخ سعود بن راشد المعلا، وصاحب المجلس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو السيد أحمد القبانجي خريج الحوزتين، في النجف بالعراق وفي قم بإيران، وهو معمم، لكن عمامته السوداء من الدعوة الصريحة للعلمانية والليبرالية، بل انه هو الأمين العام للتيار الليبرالي الإسلامي في العراق.

ولا تقف المفارقات عند الجمع بين الليبرالية والإسلام، أو العمامة السوداء والعلمانية، فالسيد القبانجي العراقي كان مقاتلاً ضمن صفوف فيلق بدر ذات يوم، إلى جانب القوات الإيرانية ضد القوات العراقية، في حرب الخليج الأولى، وهو أصيب آنذاك إصابة أفقدته إحدى يديه، غير أنه بات اليوم ناقداً لنظام الثورة الإيرانية الذي دافع

عنه يوماً، فقد أكد ضمن سياقاته نقده للدولة الدينية أن الإمام الخميني كان يؤكد يوم كان بباريس قبل ثورته في عام 1979 أنه سيتفرغ للتدريس في قم، مبتعدا عن السياسة لكنه أصبح في صلبها ولم يتنازل عنها، مشدداً على أن جبر الناس على ممارسات دينية يخلق منافقين أكثر مما يخلق مؤمنين حقيقيين، مستشهداً على صحة كلامه بأن المعارضة الإيرانية للنظام هناك تعبر عن ردة صامتة بفعل إجبار الناس على الاصولية.

الحضور النخبوي الكثيف للمحاضرة كان "متفاجئا" بطرح السيد القبانجي الذي نقد بقسوة ما اصطلح على تسميته "الإسلام الأصولي"، وتارة "تيارات الإسلام السياسي"، بشقيها السني والشيعي، معتبرا الإخوان المسلمين ممثلين في حسن البنا، وسيد قطب وأبو الاعلى المودودي يمثلون الشق السني منه، وحزب الدعوة والمؤمنين بولاية الفقيه يمثلون الشق الشيعي منه.

أكد القبانجي أنه يقدم الإسلام الأصيل قبالة الإسلام الأصولي، وهو اعتبر الإسلام الأصولي دافع عن الاسلام لكنه لم يدافع عن المسلمين كما يفعل الإسلام الأصيل، مستدلا على فكرته بأن الله بعث الدين من أجل الإنسان، لا من أجل الأديان. ومضى يتحدث عن الإسلام الأصيل، معتبراً أنه يهتم ببناء الانسان الأصيل، الذي يحب الله ويحب الخير ويحب الناس، مشددا على ان جوهر الدين هو هذا الحب.

وللعقل في أطروحة السيد القبانجي موضع بالغ الأهمية فهو يعتبر العقل أحد أركان ما اصطلح على تسميته بالاسلام الحداثي، ويواصل: "الإنسان الأصيل يعتبر العقل وسيلة للكشف عن الحقائق فيما يعتبر الإنسان الأصولي العقل مخزنا للحقائق".

وهاجم القبانجي علماء الدين الذين لم يعلموا الناس الحرية، وكرهوهم بالحرية والديمقراطية وصوروها على أنها بهيمية، معتبراً الإيمان الحقيقي لا يكون إلا مع الحرية.

السيد أحمد القبانجي، ترجم لعدد من المفكرين الإيرانيين الإصلاحيين كتبا إلى اللغة العربية، مثل عبدالكريم سروش، ومصطفى ملكيان، ومحمد مجتهد الشبستري، وهو يعتبر أنهم ساهموا في مسيرة التغير في أفكاره، معتبرا التغير قيمة اضافية، وان من لا يتغير كالجماد الذي لا قيمة له.

back to top