منظور آخر: المرأة = فضيلة أم خطيئة؟

نشر في 01-10-2010
آخر تحديث 01-10-2010 | 00:01
 أروى الوقيان تعيش المرأة في العالم العربي في ظل ما يسمى بـ»أزمة الأحكام المسبقة»، فالمجتمع العربي لا يتوقع منها سوى احتمالين: أن تكون رمزاً من رموز الفضيلة، والفضيلة مفهوم شامل وواسع لا أود أن أسرد معناه، ولكن المجتمع يتوقع منها عدم الخطأ حتى لو في اختياراتها ورغباتها الشخصية، ويرى في ذلك انحرافاً عن الفضيلة التي تنصاع تحت مشورة الأب، أو الأخ، أو الزوج، أو نائب مجلس الأمة وذلك في الكويت تحديداً.

أما الاحتمال الثاني فهو أن تكون امرأة فاسدة وصاحبة خطيئة، ولا أرمز للخطيئة بممارسة البغاء وما إلى ذلك من ممارسات غير أخلاقية، بل أقصد أن أي امرأة صاحبة مبدأ لا تقبل التنازل أو الخضوع، أو صاحبة طموح يجب أن تقاتل للوصول إلى طموحها، ويعتبرها الناس امرأة قوية صاحبة عزيمة، وفاسدة لأنها تغلبت على إرادة من حولها، وإن كان ما تريده «حلالا شرعاً» و»مقبولا دينياً»... إلا أن للمجتمع سيفاً من نار مصلتاً على رقاب النساء ورغباتهن، مطلقاً الشرار لمن كانت غير منصاعة لولي تطيعه بطريقة عمياء.

لسنا ضد الطاعة هنا، ولكننا ضد أن توضع الأغلال على رغبات المرأة فقط لأنها امرأة لا لشيء آخر، لا لسبب مقنع فقط بسبب جنسها، وكأن المرأة لعنة وليست نصف المجتمع.

في مجتمعاتنا لا نميل سوى إلى هذين التصنيفين «المرأة المنكسرة» في نظره (المجتمع) هي المرأة ذات الخلق الرفيع، أما «المتمردة على قيود المجتمع العقيمة» وأفكاره المريضة فهي فاسقة لا مكان لأي لون رمادي في المنتصف، وهو تصنيف قاس تواجهه النساء العاملات في العديد من المجالات، فالمجتمع مازال يجلد أي إعلامية طموحة بالتعليقات الماسة بالشرف والأخلاق متناسيا أنه (الإعلام) كأي مجال يضم الفاسد والصالح، والمجتمع لايزال ينبذ المرأة المثقفة باعتبارها معقدة ومخيفة وصاحبة أفكار، إذن فهي فاسدة ومؤثرة والاقتراب منها مخيف.

المجتمع لايزال يرحب بالفنانة ويسمعها كلمات الإطراء في حين أنه يلعنها لاحقاً، المجتمع لايزال يخاف من المرأة العالمة وصاحبة براءة الاختراعات، مفترضا أنها لا تستحق حق أن تكون ربة منزل، ويجب أن تمارس عبقريتها في نطاق اختراعاتها، وألا تحظى بأي حياة أسرية مستقرة.

المجتمع لايزال يستنكر المرأة الضابطة أو الشرطية وينظر إليها كأنها «مسترجلة» لا تستحق أن تحظى بحق الاختيار وأن تضحي بسبب اختيارها لهذا العمل.

المجتمع لايزال يحتقر غير المتعلمة في حين لا يحفزها سوى لشغل وظائف معينة وإلا ستحظى بلعنة مؤكدة.

المجتمع لايزال يدّعي «الديمقراطية» في حين يمارس جميع أنواع الاضطهاد على المرأة في الدراسة والعمل والتربية حتى في أسرتها تجد تلك التفرقة بسبب جنسها، ولكن يبقى السؤال معلقاً: لم يختر الرجل أن يكون رجلاً ليظفر بكل هذه المزايا وأهمها الحرية وحق الاختيار! في حين لم تختر المرأة أن تكون امرأة وتحارب من أجل جزء من الحرية، بل تحارب بسبب حق الاختيار، وبعد كل هذا نقول إننا منصفون في حق النساء؟ أشك في ذلك.

«قفلة»:

أعرف فتاة في ربيعها الرابع والعشرين يعتبر والدها القراءة انحرافاً، وحين وجد إحدى روايات كاتب كويتي مخضرم ومحترم في غرفتها قرر أن يحرمها من مصروفها ويسلط أخاها الذي فشل دراسياً بأن يراقبها، وأن يمارس عليها حق التعسف إن وجدها تقرأ... هذه القصة تحدث الآن في 2010 في عصر أصبحت فيه المرأة في مكان ما في العالم رئيسة دولة وقاضية ونحن مازلنا نعيش بذور التخلف رغم التحضر بسبب أفكار بالية وتقاليد غلّفتها خرافات وأقاويل الناس.

back to top