حسين القلاف... والطائرات الخاصة!

نشر في 26-11-2010
آخر تحديث 26-11-2010 | 00:01
 سعد العجمي يحدثني أحد الزملاء ممن كانوا ضمن الحجاج العالقين في مطار جدة بعد أن أتموا مناسك حجهم هذا العام، فيقول "بينما كنت أنا ومجموعة من الشباب في المطار نقوم بمحاولة التباحث مع مسؤولي الخطوط السعودية لإيجاد حل لمشكلة الحجوزات وجدولة الرحلات، وفيما مئات من العائلات الكويتية وكبار السن يفترشون الأرض، إذا بالنائب حسين القلاف يمر مسرعاً مع مجموعة من الأشخاص بجوار تلك العائلات في طريقه إلى إحدى البوابات مستقلاً طائرة إلى الكويت"، يتابع الزميل "لا أدري إن كانت الطائرة خاصة أم أنها ضمن الرحلات المجدولة، لكن الذي أعرفه أن الحجاج الكويتيين كانوا ينادون عليه للوقوف على مشكلتهم ومساعدتهم لكنه أكمل طريقه بسرعة ولم يرد على نداءاتهم!".

في الأوضاع العادية، لو دهست قطة في أحد شوارع الكويت لصرح القلاف عبر "المسجات" الإخبارية، ولكن خلال وجوده في المطار وأمام منظر الحجاج العالقين لم ينطق ببنت شفة، وهو ممثل الأمة وحامل همومها، ناهيك عن أنه لم يكلف نفسه  السؤال عن حالهم والتخفيف عن آلامهم. عندما عاد القلاف إلى الوطن صرح تصريحاً غريباً عجيباً هذا نصه "طالب النائب حسين القلاف وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير المواصلات د. محمد البصيري بتوجيه دعوى قضائية ضد شركة الخطوط الجوية السعودية تعويضاً للحجاج الكويتيين نتيجة للإيذاء الشديد الذي عانوه بسبب مخالفات الخطوط الجوية السعودية لقانون الطيران المدني من كذب وإهمال وتأخير، خلال موسم الحج، واضطر الحجاج لافتراش أرض المطار ساعات طويلة".

في البداية لابد من التأكيد على أمر مهم، هو أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نرضى لمواطن كويتي بالضرر مهما كان ومن أي جهة كانت سواء من المملكة العربية السعودية الشقيقة أو من غيرها، مع التأكيد أيضاً أن الخطوط الجوية السعودية هي مؤسسة تجارية خدماتية إن قصرت في أداء مهامها فهي لا تمثل الموقف الرسمي السعودي، كما أن حق انتقادها أو حتى مقاضاتها لا يدخل في دائرة المحرمات لدينا، مثل جهات غير كويتية تعتبر عند البعض خطاً أحمر لا يُسمح بالاقتراب منه حتى من باب الانتقاد.

أمران استوقفاني في تصريح القلاف؛ الأول، مطالبته للوزير البصيري، والثاني مصطلح "كذب" الذي استخدمه السيد صاحب العمامة، فهو أقحم السلطات الرسمية في الموضوع وطلب من وزير في حكومة الكويت تقديم شكوى في محاولة لتحقيق هدف ما، بينما الحجاج أنفسهم، أو حملات الحج التى تقاضت منهم المال هي الجهة المعنية بالأمر وهذا حق مطلق نؤيده إن كانت الخطوط السعودية قد قصرت بالفعل، أما كلمة "كذب" التي جاءت في تصريح القلاف فهي كلمة مشينة وحكم مسبق على النوايا، ولو أن كل خطوط طيران تأخرت رحلاتها أطلق عليها هذا الوصف لكانت خطوطنا الكويتية ممن لا تقبل شهاداتهم لفرط كذبها، لكنني أجد العذر للسيد الذي يبدو أنه لم يسافر على أي خطوط طيران حكومية منذ فترة طويلة بعد أن أصبح ممن تستهويهم المقاعد الفارهة لـ"الطائرات الخاصة"!

إن قصرت الحكومة السعودية فنحن أول من ينتقدها، وإن فشلت خطوطها الجوية في أداء مهامها، فيحق لأي شخص مقاضاتها، فمملكة "عبدالله" لم تعد تلك الدولة المغلقة الجامدة التي لا تتقبل النقد والتوجيه وتتستر على الأخطاء والتجاوزات، وكارثة سيول جدة خير دليل على ذلك، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحج تحديداً، فإن الخدمات التي تقدمها الحكومة السعودية للحجاج وأعمال التوسعة التي قامت بها لتسهيل أدائهم لمناسكهم، والتي كلفت مئات المليارات من الريالات، تجعل من أي خطأ هنا أو قصور هناك أمراً عادياً في ظل التعامل مع ثلاثة ملايين حاج مختلفي الثقافات واللغات والديار.

ليتنا خلال تصريحات القلاف في هذه القضية سمعنا منه إشادة ولو عابرة بجهود المملكة في هذا الإطار من باب الإنصاف، بل ليته في السابق قد انبرى للدفاع عن 40 ألف مواطن كويتي في أم الهيمان، أو مواطني منطقة الأحمدي المنكوبة، أو الكويتي حسين الفضالة، أو الدبلوماسي الكويتي الذي تعرض للضرب في طهران، حتى نقتنع بأنه عندما تحدث عن الإيذاء الشديد الذي تعرض له الحجاج كان يهدف إلى الدفاع عن مواطنين كويتيين وليس إلى أهداف أخرى!

back to top