صدرت له أخيراً الأعمال المختارة إسماعيل أحمد أدهم... انتحار مبكر

نشر في 07-10-2010 | 00:00
آخر تحديث 07-10-2010 | 00:00
صدرت عن «دار آفاق للنشر» و{منشورات الجمل» الأعمال المختارة للكاتب الدكتور إسماعيل أحمد أدهم (1911- 1940)، من إعداد خالد المعالي ومصطفى الشيخ، مقسّمة إلى قسمين مسبوقين بمقدّمة وديع فلسطين التي يسرد فيها حياة الراحل أدهم.

يأتي هذا الكتاب للتعريف بأحد أعلام الفكر والعلم وهو الدكتور إسماعيل أحمد أدهم، الذي بقي مجهولاً بالنسبة إلى معاصرين كثر على رغم أنه خلَّف في عمره القصير دراسات أدبية وعلمية نفسية. لذلك، سعى الباحثان خالد المعالي ومصطفى الشيخ إلى إلقاء الضوء على حياة هذا الأديب والمفكّر والإطلالة على أهم أعماله المتضمّنة في هذا الكتاب إضافة إلى آراء مختلف الكتاب في أعماله ونقدها.

يطرح الكتاب تساؤلاً حول شخصية هذا الرجل الذي شكّك كثر في علمه ومقدرته، لما كان عليه من ظاهرة فريدة في حياته وأدبه. فهو لم يسلم من تساؤلات حول «عبقريته»، حتى زعم بعضهم أن ثمة من يؤلف له كتبه.

يحتوي الكتاب على مقتطفات لأهم كتب الراحل ومقالاته، ومن بينها دراسته عن طه حسين المنشورة في عدد خاص من مجلة «الحديث» الحلبية في (أبريل) نيسان 1938. ودراسة عن الأديب المهجري ميخائيل نعيمة بعنوان «لماذا أنا ملحد» المنشورة في مجلة «الإمام» في عدد أغسطس (آب) 1937، وقد ردّ عليها محمد فريد وجدي برسالة عنوانها «لماذا أنا مؤمن».

لكن الإلحاد لم يمنع أن تكون لهذا الأديب إسهامات مهمة في العلم والأدب والنقد والتاريخ والدين والفلسفة وغيرها. نجدها مفصلة في هذا الكتاب الذي تعرّفنا مادته الغنية إلى إنتاج معرفي لحقبة زمنية ومعرفية منصرمة كانت لها أدواتها وثقافتها، وساهمت في رفد التاريخ الإنساني والمعرفي بأبرز رواد الفكر سواء في الغرب أو في الشرق، والذين لا تزال آثارهم باقية ننهل منها إلى يومنا هذا.

يقول وديع فلسطين في مقدّمته: «في صبيحة 23 يوليو 1940 انتُشلت من شاطئ جليم بالإسكندرية جثة لشاب في التاسعة والعشرين من عمره، عُثر في جيبه على وريقة تعلن أن صاحبها إسماعيل أحمد أدهم انتحر تخلصًا من الحياة. ولد إسماعيل أدهم في حي الجمرك الشعبي في الإسكندرية عام 1911 لأب تركي وأم ألمانية، وكان على رأس الأسرة إبراهيم أدهم باشا من الأعيان فاختاره محمد علي باشا محافظًا للقاهرة ووزيرًا للمعارف والحربية. وفي الإسكندرية التحق إسماعيل بالمدارس الابتدائية والثانوية، ولكنه اعتمد بعد ذلك على نفسه في التثقيف الذاتي، فأجاد اللغة الإنكليزية إلى جانب التركية والألمانية، وهما لغة التخاطب مع أبيه وأمه في المنزل، إلى جانب شغفه بالقراءة في مجالات الأدب والتاريخ والرياضيات».

يضيف فلسطين: «اختفى إسماعيل أدهم من مصر، وتبين أنه سافر إلى تركيا وألمانيا وروسيا بقصد الاتصال بالمعاهد العلمية ومراسلة المستشرقين، وفي تركيا قام بتدريس الرياضيات العالية في معهد أتاتورك، ونشر كتابًا عنوانه «الرياضة والطبيعة»، وكتابًا بالتركية عنوانه «تاريخ الإسلام»، وجاء في ثلاثة أجزاء، وأشرف على طبع كتاب «محمد» للمستشرق الألماني سبرنغر مع تعليقات وملاحظات، وتواصل مع المعاهد العلمية في ألمانيا، وفي روسيا حصل على درجة الدكتوراه وقام بتدريس الرياضيات البحتة في بطرسبورغ واختير عضوًا في أكاديمية العلوم الروسية ووكيلاً للمعهد الروسي للدراسات الإسلامية، وألف كتابًا باللغة الروسية. وعاد إسماعيل أدهم إلى الإسكندرية بعد هذه الجولة الخارجية في عام 1934، وتوسع في نشاطه الأدبي، فصار ينشر دراسات مسلسلة ومقالات في مجلات «المقتطف» و{الرسالة» و{المجلة الجديدة»، عدا صحف الإسكندرية كـ{البصير» و{السفير»، وراسل مجلة «الحديث» في حلب التي نشرت له دراسات مطوّلة وأصدرت عددًا خاصًا عنه عند وفاته.

كذلك، يشير فلسطين إلى أن إسماعيل أحمد أدهم كان يراسل عددًا من المستشرقين فأرسل لحيته تشبهًا بهم كيما يحسب بين المستشرقين والمستعربين، مضيفًا: «كان إسماعيل يعاني دائمًا من أمراض الصدر ومن حمى الدنج، وكان يغالب أوجاعه ليؤدي رسالته، ولأنه كان يعيش في زمن الحرب العالمية الثانية، فقد نالته انتماءاته التركية والألمانية، وكذلك الروسية شكوك وريب، وتغالظت عليه الحملة بعد صدور رسالته الصادمة – لماذا أنا ملحد؟ فقرر التخلص من الحياة مودعًا أعوامه التسعة والعشرين، ولم يمش في جنازته إلا خمسة من أصدقائه».

يختتم فلسطين مقدّمته قائلاً: «لم يتسنَّ لي أن أعرف إسماعيل أحمد أدهم، فكنت عند وفاته في عام 1940 لا أزال طالبًا، فاعتمدت في الوقائع الخاصة بحياته على ما سمعته من معاصريه، ولا سيما الشاعر خليل مطران والدكتور أحمد زكي أبو شادي والأديب علي أدهم، وعلى ما سجّله صديقه نقولا يوسف».

back to top