السقاف والقصيبي... وداعاً

نشر في 18-08-2010
آخر تحديث 18-08-2010 | 00:01
 أحمد عيسى رحيل احمد السقاف وقبله كثيرون شهدوا مراحل تأسيس الكويت الحديثة وانعطافاتها المفصلية، ينبهنا إلى سطحية الإعلام الرسمي بتعامله مع التاريخ، فهو يتجاهل توثيق وتدوين مشاهدات من عاصروا التأسيس والتقلبات والمفاصل التي شهدتها الدولة. ولا ننسى فقداننا للفارس غازي القصيبي الذي كانت كلماته داعماً للكويتيين أثناء احتلال بلادهم، وأقسم بعودة الكويت فعادت رائعة كروعة السلام والحياة.

ربما كتب على هذا العمود الأسبوعي أن يتحول إلى مجلس عزاء مفتوح خلال شهر رمضان الجاري، أستذكر به أصدقاء وأودع شخصيات أثرت في جزء من تكويني.

الأسبوع الماضي رحل أحمد البغدادي، وحضرت برحيله سيرة فهد العسكر وسامي المنيس، أما اليوم فأرثي أحمد السقاف وغازي القصيبي.

برحيل أحمد السقاف طويت صفحة مهمة من تاريخ الكويت الإنساني والثقافي، فهو صاحب مجلة «كاظمة» التي أصدرها مع عبد الحميد الصانع عام 1948 لتكون أول مجلة تطبع في الكويت، ثم ساقته الأقدار ليؤسس مجلة «العربي» عام 1958 لتظل حتى يومنا هذا منارة ثقافية تضيء سماء الوطن العربي.

عمل السقاف عام 1965 عضواً منتدباً للهيئة العامة لدعم الجنوب والخليج العربي، وهي مؤسسة حكومية (أُلحقت أعمالها تالياً بالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية)، وكان مسؤولا عن متابعة تنفيذ المشاريع المتعلقة بالصحة والتعليم في اليمنين الشمالي والجنوبي، وإمارات الخليج قبل أن تعلن استقلالها، وبحسب سيرته فقد ساهم في وقف الحرب اليمنية- اليمنية عام 1972، ووقف ثورة ظفار وهي ذات الثورة التي التحق بإحدى مراحلها الراحل أحمد الربعي.

أحمد السقاف سيرة طيبة لزمن جميل، به تُختزل مرحلة تأسيس الكويت وبعديها الثقافي والقومي، ويؤلم رحيله اليوم وسط تنكرنا لمحيطنا العربي وهويتنا القومية ومطالبات ممجوجة بالانسلاخ عن محيطنا والانغماس أكثر في داخلنا المتوتر، وأكثر إيلاما أن يرحل دون أن توثق هذه المرحلة من تاريخ الكويت على يد معاصريها، خصوصاً ونحن نراهم يطوون أوراقهم ويرحلون بهدوء الواحد تلو الآخر.

رحيل أحمد السقاف وقبله كثيرون شهدوا مراحل تأسيس الكويت الحديثة وانعطافاتها المفصلية، ينبهنا إلى سطحية الإعلام الرسمي بتعامله مع التاريخ، فهو يتجاهل توثيق وتدوين مشاهدات من عاصروا التأسيس والتقلبات والمفاصل التي شهدتها الدولة، ويفضّل اختزال الماضي بصور قديمة ومواد فيلمية بالأبيض والأسود مصحوبة بموسيقى تراثية تدليلاً على عدائنا المفرط للتاريخ وشهوده.

غازي القصيبي... كرّمته الكويت شاعراً وفارساً من فرسان تحريرها وحمله الكويتيون بقلوبهم، الرجل الذي جاء وذهب، صاحب «شقة الحرية»، و»سبعة» و»هما» و»حكاية حب»، وهبني أصدقاء عرفتهم بفضله، وآخرون كان هو المشترك الوحيد بيننا، ومع ذلك لم يقيض لنا أن نلتقي، كلماته كانت داعماً للكويتيين أثناء احتلال بلادهم، أقسم بعودة الكويت فعادت رائعة كروعة السلام والحياة، أشعاره الرومانسية كما الوطنية ستبقي تخلد ذكراه، أما شخصياته التي خلقها في عالمه الروائي لتحاكي حياة كل منا فتستبقيه طويلاً في قلوبنا قبل أن يلفها النسيان.

غازي القصيبي... بقدر انحباس الدمع لحظة رحيلك دون أن يُذرف... وداعاً.

back to top