مارون كرم... عرّاب الأغنية اللبنانيَّة ودّعها

نشر في 01-09-2010 | 00:00
آخر تحديث 01-09-2010 | 00:00
بعد صراع دام ما يقارب السنة مع المرض والتنقل بين المستشفيات، توفي الشاعر اللبناني مارون كرم عن عمر يناهز 78 عاماً، طاوياً صفحة مشرقة من صفحات الشعر الذي شارك في صناعة مجد الأغنية اللبنانية الحديثة عبر حناجر أبرز مطربيها وتردّد صداها في العالم.

في حديث إذاعي مع «صوت لبنان» قبل أسابيع، قال مارون كرم: «مررت بمراحل صعبة للغاية، حتى يئست من المرض، الأطباء لا يعرفون ما بي، سوى أن علتي لا دواء لها... كنت موظفاً وأنا الآن متقاعد، كنت طماعاً مع الحياة، أريد منها أكثر، الحياة لم تخذلني لكنها لم تعطني كل ما أريد». وهو يُعتبر أحد أهم شعراء الأغنية اللبنانية، وأحد الذين صنعوا مجدها الكلامي في ستينيات القرن المنصرم وسبعينياته، حتى بدا في لحظات معينة كأنه الشاعر اللبناني الوحيد الذي عرف كيف يجمع من حوله كوكبة من أهم المطربين، وهو الشاهد على تحول الأغنية اللبنانية وانحدار كلماتها من التغني بـ{مجد لبنان» مع الحب والعواطف والمباهج والرومنسيات والكلمة الرقيقة الى الالتحاق بمتطلبات السوق والأغنية السريعة التي تنتهي كالبوشار أو الهمبرغر، فهو صاحب كلمات «العرزال» و{لبناننا الأخضر» التي ربما لم يعد لها وجوه في زمن الهجمة العمرانية، وباتت أشبه بحنين بائس.

انتشرت قصائد كرم المغنّاة بأصوات كبار المطربين والمطربات، في طليعتهم: وديع الصافي، صباح، نصري شمس الدين، نجاح سلام، سعاد محمد، سميرة توفيق، ملحم بركات، إيلي شويري، جوزف عازار، سمير يزبك، عصام رجي، ماجدة الرومي، جورج وسّوف، راغب علامة، طوني حنا، هناء الصافي، وغيرهم.

فكرم صاحب أشهر أغاني ماجدة الرومي في إطلالاتها الأولى، وكاتب أحب أغنيات وديع الصافي الى قلوب الناس، فمن منا لا يعرف «يا نبع المحبة» و{ما حدا بيعبي مطرحك بقلبي» و{امبارح أنا وعم ودعك» و{عم يسألوني عليك الناس»... أغاني صعدت بماجدة الرومي سريعاً في بدايتها لترتقي سلم الشهرة.

كذلك كتب كرم أغنية «عزيز يا عزيز» الشهيرة التي غنتها صباح في فيلم «حب في باريس»، غنت له أيضاً «محبوبي جندي بالجيش»، فيما غنى له وديع الصافي «لا إنت راضي ولا أنا راضي» و{خضرا يا بلادي خضرا» و{دق باب البيت عالسكيت» وعشرات الأغاني الأخرى.

ولد مارون كرم في قرية بحنين الجنوبية في 1 يناير (كانون الثاني) من عام 1932، وكان ثاني ولد لعائلة أنجبت 11 ولدا. تابع دروسه الابتدائية في قريته في دير المخلص، ثم أكملها في زحلة وبيروت. عمل في الزراعة مع والده ثم انتسب إلى الجيش اللبناني في فرقة سلاح الخيالة، حينها بدأ يكتب الشعر.

انتسب كرم إلى الإذاعة اللبنانية سنة 1956 وترأس قسم البرامج التمثيلية والمنوعات، وكان عضواً في لجنة اختيار النصوص.

نقطة التحول في مسار كرم الفني، بدأت عام 1959، حين التقى الفنان وديع الصافي الذي كان عائداً من سفرة إلى أميركا اللاتينية. كان آنذاك قد أصدر ثلاثة دواوين شعرية، بيد أن أحداً لم يكن قد غنى له. وحين سمع الصافي قصيدتي «لا انت راضي» و{عرزالنا الأخضر» وغيرهما، طلب من كرم أن يراجع لجنة النصوص في الإذاعة اللبنانية التي كانت تضم أسعد سابا وعبد الجليل وهبي وعاصي ومنصور الرحباني، فأجازت له قصائده، ليلحنها وديع وتبثها الإذاعة. كان ذلك بداية تعاون فني كبير، إذ تعاون الاثنان في أكثر من 150 أغنية.

لم تكن العلاقة بين كرم والصافي مجرد علاقة عمل، فالصافي هو إشبين كرم في الزواج، وعرّاب ابنته الكبيرة سلوى. من هنا، وجّهت أنطوانيت حلو، زوجة مارون عتاباً لوديع لأنه لم يبادر حتى إلى الاتصال بالشاعر الراحل في آخر أيّامه. انتسب كرم إلى الإذاعة اللبنانية عام 1956، وترأس قسم البرامج التمثيلية والمنوعات، وكان عضواً في لجنة اختيار النصوص حتى الأشهر الأخيرة من حياته. كذلك انتسب إلى الـ»ساسيم»، وصار عضو شرف بعد 50 عاماً من انتسابه إليها.

لم يقتصر نشاط كرم على كتابة الأغنية والقصيدة المغناة، بل عمل على إصدار دواوين شعرية عدة بينها: «مروان وسلوى»، «كروم الجمال»، «رسائل غرام»، «رياح الحب»، و{ورد وشوك»... وآخرها بعنوان «آخر مرا» (2005). إضافة إلى أشعاره التي كتبها لبرنامجه الإذاعي «شلال الفرح» الذي استمر بثّه لسنوات عبر أثير الإذاعة اللبنانيّة. وقد استعان في إعداده بديوان يحمل الاسم نفسه.

عشق كرم لبنان، وكتب له مئات القصائد التي تغزّل فيها بجماله، وتميّز بغزارة إنتاجه الشعري الذي سيبقى في البال، خصوصاً تلك القصائد التي غناها الكبير وديع الصافي.

back to top