البريد العام: سنغافورة بدأت برجل

نشر في 03-09-2010
آخر تحديث 03-09-2010 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي البعض يتصور أن سنغافورة دولة لعب معها الحظ أو محظية الاستعمار، ليمر ويتجاوز سريعاً ما قدمه أبناء شعبها من عمل توافقت فيه الأهداف مع الغايات وهمم الرجال، التي صنعت من حلم رجلها «لي كوان يو» واقعاً نقل الشعب من مواطن درجة ثانية إلى الحلم الأول لكل الباحثين عن السعادة، كبلد يستحق العيش فيه.

سنغافورة بلد مكوناته العرقية في غاية الغرابة غير متجانس، إذ تنحدر جذوره من الصين وماليزيا والهند وعديد من الأقليات الآسيوية والأوروبية، والسمة الغالبة على سكان الجزيرة أنهم شعب كسول مستسلم لقيود وضعها لنفسه راضٍ بخدمة أسياده من الغزاة القادمين إليه، خلال مراحل الحياة التي كان يعيشها, كما أن الشعب اعتاد أن يعامَل معاملة السكان من الدرجة الثانية داخل وطنه من قِبَل غزاته.

هذه النظرة الفاقدة للأمل كانت عليها جزيرة سنغافورة قبل أقل من 60 عاماً عندما تحرك أحد أبنائها وهو «لي كوان يو»، الذي يلقبه شعب الجزيرة والعالم بـ»صانع معجزة سنغافورة»، نحو دعم استقلالها ووضع الرؤية التنموية المتكاملة التي يجب أن تكون عليها الدولة للمنافسة مع الدول المتقدمة ذات الإمكانات البشرية والمادية والطبيعية الكبيرة.

ستون عاماً كانت كافية لسنغافورة لقلب ميزان الفهم لدى الشعب ليصبح نموذجاً يشار إليه بالبنان، بل أضحى مدرسة أبهرت العالم حتى إن الدول الكبرى تستفيد من تجربة ثرية في كل شيء اعتمدت على العنصر البشري واستندت إلى أساس انطلق من توجيه المجتمع إلى التنمية البشرية من خلال التعليم واحترام القدرات.

أما نحن فما زلنا «نضرب أخماساً في أسداس» لأبسط قواعد التنمية، فعلى الرغم من كم المتعلمين، فإننا ما زلنا بعيدين عن مفتاح التنمية لغياب محور تقدير واحترام القدرات وتوظيف الطاقات من أبناء الوطن في مكانها الصحيح، وليس المقصود هنا الدوائر الحكومية التي تدور في رحى تقديم الخدمات، بل في الكيانات الصناعية والتجارية العملاقة لوضع الكويت على خارطة الطريق وفق رؤية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه.

تلك الرؤية التي ستصنع من الكويت مركزاً مالياً واقتصادياً، وذلك الحلم الذي يرسم ملامح الغد يحتاجان إلي عمل دؤوب من رجال الحاضر توجه إليه كل الإمكانات المادية والبشرية ليورث مستقبلاً يضمن العيش الآمن للأجيال القادمة... فهل تتحمل مؤسساتنا الحكومية والمدنية المسؤولية نحو تحريك المجتمع إلى هذه الرؤية؟

البعض يتصور أن سنغافورة دولة لعب معها الحظ أو محظية الاستعمار ليمر ويتجاوز سريعاً ما قدمه أبناء شعبها من عمل توافقت فيه الأهداف مع الغايات وهمم الرجال التي صنعت من حلم ذلك الرجل واقعاً نقَل الشعب من مواطن درجة ثانية إلى الحلم الأول لكل الباحثين عن السعادة كبلد يستحق العيش فيه.

حالنا اليوم أفضل بكثير من سنغافورة قبل ستين عاماً، بل لا يبعد كثيراً عنها كبلد يرغب الكثيرون في العيش فيه، فإن كانت سنغافورة انتزعت المرتبة الأولى عالمياً كأفضل بلد يطمح إليه الناس، فلقد احتلت الكويت المركز السابع وهذا فضل من الله بما أنعم عليها خيرات.

هناك دولة نهضت برجل، لأن كل الرجال آمنوا وأخلصوا العمل وقدموا مَن يستحق التقديم عليهم لذاته لا لذات غيره... فهل ستنهض الكويت وتصنع من رؤية الأمير واقع المستقبل؟! ودمتم سالمين.

back to top