«أنكور باي» المتواضعة... تنافس العمالقة على الجوائز

نشر في 24-11-2010 | 00:01
آخر تحديث 24-11-2010 | 00:01
No Image Caption
تشهد معركة توزيع الجوائز في هوليوود فورة مفاجئة، فقد نشطت حركة سيارات الليموزين التي تقلّ صانعي الأفلام ذهاباً وإياباً إلى فندق «فور سيزنز»، وبدأت الغرف الفاخرة تمتلئ في فندق «شاتو مارمون»، وتعجّ ردهات دور السينما التي تعرض مختلف الأفلام أمام نقابات صناعة الأفلام منذ الآن بالممثّلين ومساعديهم.
وسط هذه الحملات التي لا تحسب أيّ حساب للكلفة التي تتكبّدها، قد نشاهد أندي غارسيا وهو يقود سيارته الخاصة في أرجاء البلدة، في محاولةٍ لجذب انتباه المصوّتين على الجوائز إلى «سيتي آيلند» City Island، فيلم ضئيل الميزانية أثبت في أكثر من مناسبة أنّ المشكّكين فيه كانوا على خطأ. في هذا الإطار، يقول غارسيا: «لا نستطيع منافسة الميزانيات التي تصرفها الاستوديوهات الكبرى على الحملات التي تسبق إعلان الترشيحات. كل ما يمكننا فعله هو بذل أقصى ما لدينا استناداً إلى نوعية العمل الذي نقدّمه».

«سيتي آيلند»، الذي صُوّر منذ أكثر من عامين وصدر في شهر مارس (آذار) الفائت، أحد الفيلمين اللذين دخلا في سباق الجوائز بشكل غير متوقّع، من إنتاج شركة «أنكور باي»، وهي فرع سينمائي تابع لشركة «أنكور باي انترتاينمانت» التي تنتج أفلاماً تُباع مباشرةً في الأسواق من دون عرضها بالضرورة في دور السينما. طالما كانت «أنكور باي»، خلال معظم فترة عملها في هوليوود، متخصصة في الأفلام الشعبية الخفيفة («الميت في البيت المجاور» The Dead Next Door، و{آلة القتل» The Killing Machine)؛ وفي فيديوهات التمارين الرياضية («حلّ خلال 10 دقائق: تخلّص من دهون البطن عبر الرقص» 10 Minute Solution :Dance Off Belly Fat و{معسكر بيلي التدريبي: جحيم القلب» Billy's Bootcamp Cardio Inferno).

والآن مع صدور فيلم غارسيا، «سيتي آيلند»، وفيلم مايكل دوغلاس «الرجل الوحيد» Solitary Man، لم تكتفِ الشركة بتقديم أعمال فنيّة متكاملة، بل قدّمت أيضاً فيلمين محتملين قد ينافسان على جوائز الأوسكار.

إيرادات خيالية

حصد «سيتي آيلند» 6،7 ملايين دولار في دور السينما الأميركيّة، أي ما يفوق إيرادات فيلم «عظام الشتاء» Winter's Bone من إنتاج شركة Roadside Attractions وما يفوق ضعف إيرادات فيلم «لا تدعني أذهب أبداً» Never Let Me Go من إنتاج شركة «فوكس سيرشلايت» Fox Searchlight. أما فيلم «الرجل الوحيد»، فقد جمع 4،4 ملايين دولار من بيع البطاقات، أي ما يفوق إيرادات فيلم «أرجوك أَعْطِ» Please Give، من إنتاج Sony Pictures Classics، علماً أنّ هذا الأخير لاقى استحسان النقّاد.

تسعى «أنكور باي» إلى كسب الترشيحات عن أفضل أداء تمثيلي في الدور الرئيس لصالح غارسيا ودوغلاس بينما تسعى شركة فوكس إلى حصد ترشيح لصالح دوغلاس عن أفضل دور مساعد في فيلم «وول ستريت: المال لا ينام أبداً» Wall Street: Money Never Sleeps. سيكون «سيتي آيلند» و{الرجل الوحيد» مؤهّلين للترشّح عن فئات أخرى، غير أنّ فرص نجاحهما قد تكون أقلّ بكثير في سباق الترشيحات على أفضل صورة وإخراج وسيناريو.

يستطيع بعض الاستوديوهات تقديم أكثر من 10 ملايين دولار (وهذا ما سيفعله) لتمويل كلّ حملة خاصة بكسب الترشيحات على الجوائز، بما في ذلك الإعلانات التلفزيونية والصحفية، بينما تستطيع «أنكور باي» في المقابل صرف جزء بسيط من ذلك المبلغ، بما أنّ أرباحها تبقى ضيئلة جداً مقارنةً بغيرها، إلى حدّ أنّ أي مصاريف كبيرة قد تقضي على الأرباح التي حققّها «سيتي آيلند».

أنفقت هذه الشركة حوالى ثلاثة ملايين دولار لشراء الفيلم وإصداره، وبما أنّها تحصل على نصف إيرادات شباك التذاكر تقريباً، فهي ستحتاج إلى الإيرادات الناجمة عن مبيعات فيديوهات الفيلم وعروضه التلفزيونية لتحقيق هامش ربحٍ معيّن. وقد رفضت الإفصاح عن المبلغ الذي صرفته على حملاتها الترويجية لكسب الترشيحات لصالح «سيتي آيلند» و{الرجل الوحيد»، لكنّ المبلغ لا يتعدّى على الأرجح بضع مئات آلاف الدولارات لكلّ منهما.

تعليقاً على هذا الموضوع، يقول كيفين كاشا، نائب الرئيس التنفيذي المسؤول عن الإيرادات العالمية في الشركة: «لا تدّعي «أنكور باي» أنها تنافس الاستوديوهات الكبرى وميزانيّاتها الدعائية الضخمة. الترويج الإعلاني عنصر رئيس، لكن يبقى أداء الممثلين في الفيلم العامل الأبرز».

وحشية

في «سيتي آيلند»، يؤدي غارسيا دور حارس سجن في نيويورك يواجه كمّاً هائلاً من الأحداث الدرامية في حياته الشخصية فيحلم بأن يصبح ممثّلاً. أما دوغلاس، فيجسّد شخصية تاجر سيارات مُهان في «الرجل الوحيد»، وهو رجل على الدرجة نفسها من الوحشية، سواء حين يتحرّش بالنساء (فهو يُقدِم على إغواء ابنة حبيبته) أو حين يحاول إبرام صفقة مهمّة. وبما أنّ دوغلاس يخضع في هذه الفترة للعلاج من سرطان الحنجرة، لم يتمكّن من المشاركة في الحملات الترويجية لكسب الترشيحات على الجوائز. من جهته، لا يواجه غارسيا هذا النوع من العوائق.

كان غارسيا أحد مقدّمي حفلة جوائز مهرجان أفلام هوليوود، وقد ظهر خلال حفلات جوائز نقابة ممثّلي الشاشة ونقابة الكتّاب الأميركيين في نيويورك ولوس أنجلس، وعقد جلسات من الأسئلة والإجابات المتبادلة خلال عروض «سيتي آيلند» مع المجلّة الفنية Variety. كذلك، أجرى مقابلات كثيرة مع صحافيين متخصّصين في تغطية حفلات توزيع الجوائز في هوليوود ويعملون في النشرات المطبوعة والإذاعات والمواقع الإلكترونية.

تصويت

تماماً مثلما قادت مجموعة من الموهوبين الذين عملوا في فيلم «127 ساعة» 127 Hours سياراتهم من طراز لينكولن تاون وسيارات رياضية كبيرة متعددة الاستخدامات وتجوّلوا بها حول موقع شركة «لاندمارك سينما» في إحدى الأمسيات في الآونة الأخيرة، قاد غارسيا سيارته الخاصة متوجّهاً نحو موقف سيارات تحت مسرح غرب لوس أنجلس. لكن على خلاف جايمس فرانكو وكاتب السيناريو سيمون بوفوي في «127 ساعة»، وصل غارسيا إلى حفلة اختيار الجوائز من دون أي مساعدين أو مدراء أعمال أو مسؤولين من شركات الإنتاج. وقد قابله في الردهة التابعة للمسرح وكيل إعلاني واحد.

يلفت غارسيا: «لديّ سيارة ممتازة. لا حاجة الى وجود أي حاشية من حولك». ويؤكّد أنه يسعى إلى الحفاظ على مستوى متدنٍّ من التكاليف لأنه استعان شخصياً بعددٍ من مموّلي الفيلم. ويضيف قائلاً: «كثيرون من بين المستثمرين في الفيلم هم أشخاص طلبتهم أنا شخصياً».

ما يحتاج إليه غارسيا و{أنكور باي» هو أن يشاهد المصوّتون على الجوائز «سيتي آيلند» كي يدركوا السبب الذي يجعل منه عملاً أخّاذاً إلى هذه الدرجة. وتعليقاً على هذه النقطة، يقول غارسيا: «لا يمرّ ولو يوم واحد من دون أن يأتي إليّ أحد الأشخاص في الشارع ليخبرني بأنه أحبّ «سيتي آيلند» وبأنه يعتبره فيلمه المفضّل لهذه السنة. سيتكلّم الفيلم عن نفسه حين يشاهده الناس».

يرى كاشا أنّ المشاهدين يستطيعون الشعور بالمغزى الذي يريد «سيتي آيلند» و{الرجل الوحيد» إيصاله: «العملان مبنيّان على الحب وقد نفّذهما أشخاص يعملون بشغف كبير خلف الكاميرا وأمامها». صحيح أن ترشيح الفيلمين للجوائز قد يساهم في بيع عدد أكبر من الأقراص المدمجة، إلا أنه قد يساهم أيضاً في رفع مستوى «أنكور باي» في قطاع صناعة السينما. يضيف كاشا: «يشير هذا الوضع إلى أننا نستطيع تحقيق قصة نجاح هائلة وأننا قادرون على إطلاق حملة ناجحة لصالح المواهب الجديدة».

لا شكّ في أنّ جوائز الأوسكار تشمل قصصاً ناجحة أخرى، بما في ذلك فيلم «خزانة الألم» The Hurt Locker الذي تفوّق على فيلم «أفاتار» Avatar في فئة أفضل تصوير في وقتٍ سابق من هذا العام. وفي فئة أفضل أداء في الدور الرئيس لهذا العام، يواجه غارسيا منافسة شرسة من كولين فيرث عن فيلم «خطاب الملك» The King's Speech، وفرانكو عن «127 ساعة»، وروبرت دوفال عن فيلم «الانحطاط» Get Low.

وتعليقاً على الفرس الشهيرة التي لم تخسر خلال 19 سباقاً متتالياً، يقول غارسيا: «قال لي أحدهم أننا أشبه بالفرس الشهيرة زينياتا في سباق الجوائز، فنحن نصل دائماً إلى المقدّمة من بعيد. ومجرّد التداول باسم فيلمنا بين المرشّحين المحتملين هو نجاح بحدّ ذاته».

back to top