عصعص دجاجة أم عصعص صحافة

نشر في 23-04-2011
آخر تحديث 23-04-2011 | 00:00
 بدرية البشر يشعر المنتمون إلى عالم الصحافة في السعودية بأن هناك نوعا من التوتر نشأ بين وزارة الإعلام وبعض الصحف في السعودية، بعد أن أصدرت الوزارة عقوبات ضد مجموعة من الصحف وكتاب الرأي، اعتبرها رئيس هيئة الصحافيين عقوبات قاسية وظالمة.

مرد هذا التوتر يعود إلى أن الصحافة حققت درجات متقدمة في ساحة الرأي وحرية التعبير بعد أحداث 11 سبتمبر، وتنامى دورها بوضوح في مرحلة الإصلاح التي أطلقها الملك عبدالله، إلا أن هذا الإنجاز وهذه الحرية الصحافية اقتصرت على كونها تجربة لم تسفر عن قوانين وتشريعات تحافظ على استمرارها كحق من حقوق المهنة، بمعنى أن الخط البياني الذي أشار إلى صعود حرية الرأي في الصحافة في السعودية قد يهبط مرة أخرى حسب المناخ والمزاج الرقابي.

العقوبات التي صدرت ضد صحف وصحافيين تعلقت بما نشره هؤلاء من نقد حكم قضائي بالغ في الحكم على سارق عصعص دجاجة، بينما يفلت اللصوص الكبار من المسؤولين ورجال الأعمال من العقوبة، يعني في النهاية ما فعلته الصحافة السعودية هو حماسها في ملاحقة عصعص الفساد واللصوصية، لكن هؤلاء الصحافيين وجدوا من يلاحق عصعصهم ويوقعهم في عقوبات وغرامات.

جائزة البوليتزر الأميركية التي أعلنت نتائجها منذ يومين منحت جوائزها لصحف وصحافيين لأنهم نجحوا في كشف فساد وطمع المسؤولين في القطاعين الخاص والحكومي، وامتدحت هذا الدور الذي تلعبه الصحافة وأثنت على أصحابه، ويتضح لمن يتتبع القصص التي فضحها الفائزون بالجوائز، أن الفساد موجود في كل مكان؛ في روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وفي كل مكان، الفارق الوحيد هنا هو أن المجتمعات المتقدمة تقدر أهمية الصحافة الحرة في فضح الفساد وتعقبه، بينما الصحافة عندنا التي تتعقب الفساد هي من وقعت في الفضيحة والمعاقبة.

هل صحيح أن السبب وراء الغرامات التي طالت بعض الصحافيين والصحف هو اندفاعهم في التعليق على مسألة فساد لم يتحققوا من صحتها، أم أنها قيود تحاول إعادة السيطرة على حرية الصحافة وشدها الى مرحلة ما قبل 11 سبتمبر؟ وهل هناك علاقة بين هذه القيود الجديدة وبين الهجوم المتكرر من بعض رموز التيار الإسلامي المتشدد في السعودية ضد الصحافة، تتهمها بأنها تقود المجتمع إلى التغريب وسيطرة الليبراليين عليه؟

ليس من الصعب الإجابة عن هذين السؤالين، لكن الأصعب في الحقيقة أن ينجحوا في عرقلة دور الصحافة التي تتصدى لفضح الفساد والمطالبة بالشفافية، لمجرد إرضاء الغاضبين المتشددين، فحين تخسر الصحافة هذا الدور المهم فإن المجتمع يخسر كثيراً.

back to top