المواطن 401!
الأسبوع الماضي ذهب أحد الأقرباء يدعى «أبوعبدالله» إلى مستشفى مبارك مع زوجته لمراجعة العيادة الخارجية المتخصصة في أمراض الجهاز الهضمي، وعاد صاحبنا وهو غاية في العصبية يصب جام غضبه على الحكومة ووزارة الصحة، ولما سألت قريبي عن سبب ما هو فيه، فلخّص معاناته في جملة بسيطة «خليني أحس إني ابن هذا البلد- اجعلني أشعر بوطنيتي»، وبدأ يشرح ما حدث له.«أبوعبدالله» قريبي هذا قال كان لزوجتي موعد مع الطبيب فذهبت بها إلى مستشفى مبارك وجلسنا ننتظر دورنا الطويل الطويل... وبعد أن انتهينا من الطبيب بصعوبة بسبب الزحمة الشديدة ذهبنا لنصرف الدواء وهنا كانت المصيبة.يتابع «أبوعبدالله»، مصيبة لأنني انتهيت من الطبيب بشق الأنفس وكدت أفقد أعصابي لكني صدمت بزحمة أكبر وهي زحمة الصيدلية ووجدت هناك أرقاماً توزع... والدور وصل عند الرقم 260 بينما الرقم الذي حصلت أنا عليه هو 401، أي أن قبلي 140 مراجعاً ينتظرون الدواء! فيا لها من مصيبة فعلاً.ويضيف «أبوعبدالله» قائلاً جلست أكثر من ساعة لأحصل على الدواء فهل هذا يعقل في هذا البلد... وهنا أضم صوتي إلى صوت «أبوعبدالله»... هل هذا يعقل في هذا البلد؟ فالخدمات الصحية رديئة بكل المقاييس ورغم التصريحات التي يطلقها الوزير الساير فإننا لم نر شيئاً ملموساً ولم نجد تحسناً في الخدمات، بل إن الزحام يزيد يوماً بعد آخر والأمور تزداد سوءاً. موقف «أبوعبدالله» يذكرني عندما ذهبت إلى الشقيقة الإمارات فتعرضت لنزلة برد وذهبت إلى مستشفى هناك وعندما وقفت في الصف أنتظر الدور قال لي أحد الإداريين هذا ليس مكانك مكانك هناك... فاستطلعت الأمر ووجدت أن المواطنين الإماراتيين لهم مكان خاص بهم ولا يجوز أن ينضم إليهم أحد من جنسية أخرى.لماذا لا يحدث هذا في بلادنا فمع احترامنا للوافدين واعترافنا بأحقيتهم في العلاج لأنهم يدفعون تأميناً صحياً ويدفعون رسوماً عند مراجعة المستشفى... إلا أنه يجب أن نشعر بوطنيتنا في بلادنا وأن يكون للمواطن خصوصيته في مثل هذه الخدمات.كل يوم نسمع تصريحاً من معالي الوزير ومنها تصريحاته بأن التأمين الصحي على المواطنين سيطبق قريباً، وأن هناك مستشفيات ستبنى للوافدين... وهذا الكلام نسمعه منذ سنوات وحتى قبل أن يأتي الساير نفسه، لكننا لم نشاهد شيئاً على أرض الواقع ونريد أن يمد الله في عمرنا لنرى هذا الأمر حقيقة.إن توفير الخدمات الصحية المعقولة في جودتها أمر مهم جداً لتحقيق مستوى أدنى من الاستقرار، ولكن ما يحدث هذا مشين في حق دولة عريقة كبلدنا كانت سباقة فأصبحت في آخر الركب في المنطقة... فمن الضروري جدا أن تحدث هذه الخدمات وتطور وإلا سنصل قريباً جداً إلى مرحلة يجد فيها المواطن نفسه عندما يصاب بنزلة برد بسيطة وخفيفة مضطراً للبحث عن واسطة لتلقي العلاج بالخارج.