لتذهب الثوابت إلى الحجيم

نشر في 15-03-2011
آخر تحديث 15-03-2011 | 00:00
 حسن العيسى عسى أن تكون كلمة حق ولا يراد بها باطل، إلا أن عنوان المطالبة مثير للريبة، كما جاء في صحيفة الدار قبل أيام، فالعبارة كما جاءت بالمانشيت "ثوابت الشيعة: كيف سنعامل إذا قمنا بتجمهر مماثل". بداية لنقل إنه من حق رافعي هذا الشعار أن يقوموا بتجمعاتهم وتظاهراتهم وبناء مساجدهم وحسينياتهم، وإن كان هناك تمييز في التعيين ببعض الوظائف العامة والقيادية من قبل السلطة نحو أهلنا الشيعة فهذا مرفوض، فالتفرقة بناء على الانتماء الطائفي أو القبلي أو العائلي، وكلها عاهات تصب في خانة التعصب "القبائلي"، أمور لا يصح أن يكون لها مكان في دولة سيادة حكم القانون، فحكم القانون لا يعني غير حياد الدولة وسموها فوق اختلافات العقيدة أو الطائفة أو الهوية العرقية... والقول بغير هذا لا يعني غير تكريس الدولة الطائفية، وتغليب المصالح الفئوية على حساب الدولة ووحدة الهوية الوطنية، ولنا في لبنان والعراق وأكاد أقول في جل دولنا العربية أكثر من عبرة... لكن من يعتبر هنا...؟  

في مثل دولنا وهي دول "الموزاييك" البشع يغيب مفهوم الدولة الأمة، وترتفع أعلام القبليات والطوائف، وتكرس السلطات الحاكمة التفرقة بينها لأنها ترى فيها ضرورة بقائها واستمرارها وبها تفتح أبواب المحسوبيات والشللية والتزلف للسلطان على مصاريعها، وعندها يغيب حكم العدل والمساواة ليحل مكانه حكم الفساد والمحاباة. أعود وأسأل رافعي شعار "ثوابت الشيعة": أين سيكون الوطن إن قبلنا بثوابت الأمة.

(والمقصود ثوابت السلفية المتعصبة) ثم ثوابتكم وبعدها ثوابت القبلية وثوابت أهل الثراء وثوابت الأقدمية في التجنيس وأصحاب الأصول والحمولة وغيرها من ثوابت التخلف والجمود من غير بداية ولا نهاية... أين ستكون "الأمة" هنا، وأين مكانها على خارطة المستقبل؟ التزمّت لا ينتج لنا إلا التزمّت المعاكس والتطرف لا يحمل غير تطرف مقابل، والحلول لا تكون بالتهديد والوعيد من منطلق طائفي أو عرقي منغلق على نفسه، وإنما بتبني مبدأ المساواة المطلقة القائمة على حكم القانون العادل، والتميز والارتقاء يكونان على الكفاءة والإنتاج، فلا يمنع أن يكون كل الوزراء وكل القيادات من الشيعة أو بالعكس كلهم من السنة، لأنه بمجرد أن ننظر إلى زيد أو عبيد على أنه محسوب على الشيعة فهنا نفصح عن هويتنا "الطائفية" أو العرقية وننسى الوطن الأم والرحم الحاضن لنا جميعا.

  ليس لنا غير قبول حريات الضمير وحق ممارسة حرية العقيدة والمساواة في المعاملة، كما تمليها الليبرالية الإنسانية المؤمنة بالعدالة الاجتماعية، ولنرم التقوقع الطائفي والعرقي جانباً ولتقتلع كلمة "ثوابت" من أساسها، فالثوابت لا تعني غير الجمود وصب الناس في قالب واحد يعتقد أصحابه أنهم وحدهم أصحاب الحقيقة المطلقة وغيرهم في الجحيم... فلا ثوابت بل تغيير وتطور نحو الروح الإنسانية وكفى.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top