منع من النشر في «الجريدة»!!

نشر في 31-10-2010
آخر تحديث 31-10-2010 | 00:01
 سعد العجمي رغم منع ثلاث مقالات لي من النشر خلال هذا الشهر فقط، فإنني ما زلت وسأظل أقول إن مساحة الحرية في "الجريدة" ومن واقع تجربة ومقارنة بالغير، هي الأكثر رحابة واتساعاً من سواها، وهو ما لمسته وعشته شخصيا كون أغلب كتاباتي وآرائي في عدد كبير من القضايا تختلف مع خط ومواقف "الجريدة".

يقول المثل الشعبي "ما تعرف خيري ليما تجرب غيري" وشخصيا لست بحاجة لأجرب أحد كي أكتشف حقيقة مهنية "الجريدة"، فما نسمعه من بعض الزملاء، وما نشاهده في سياسات صحف أخرى يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن صفحة الكتّاب هنا هي الأكثر تعددية واختلافاً في الرأي من كاتب لآخر، مع التأكيد أنني أتحدث هنا فقط عن "الكّتاب" وليس عن الخط التحريري لـ"الجريدة".

لعل أكثر ما يزعج الكاتب أو يشعره بالضجر هو منع مقال له، لا سيما إن كان الموضوع أو القضية التي يتحدث عنها المقال مهمة بالنسبة للكاتب كما حدث معي في مقالين لي من المقالات الثلاثة، أحدهما كان عن قانون غرفة التجارة والآخر عن حادثة قناة "سكوب".

قضية المنع بحد ذاتها لم تكن مزعجة لي، فأنا صحفي أتفهم وأقدر الأمور وأدرك أن المثالية في كل شيء هي ضرب من الخيال والمستحيل، إلا أن أهمية بعض القضايا التي تكون مثارة على الساحة قد تتجاوز مسألة المنع أو النشر، ولنأخذ موضوع غرفة التجارة كمثال، فنشر مقال في هذا الموضوع قد لا يغير في الأمر شيئاً، لكن المنع  سيثير التساؤلات، وربما يأتي أحدهم اليوم أو بعد سنة أو سنتين ويقول لم نسمع لك رأياً، ولم نقرأ لك مقالاً في قانون الغرفة، ولم تخالف موقف "الجريدة" من القانون،  وهو معذور في ذلك كونه لا يعلم بتفاصيل الأمور، لاسيما أنني من النوع الذي اعتبر أن منع المقالات هي أمور يجب أن تبقى طي الكتمان والسرية بين الكاتب وصحيفته.

وحتى أقطع الطريق على المتصيدين في المياه العكرة وإحقاقا للحق فإن سبب منع المقالين لا علاقة له بالأصول بل بالفروع، بمعنى أن الإخوة لم يكن لديهم أي مانع إطلاقا على موضوع المقالين، فمقال الغرفة الذي أيدت فيه القانون الجديد منع بسبب جملة واحدة رأت إدارة التحرير شطبها، كذلك مقال حادثة "سكوب" كان لديهم ملاحظة على كلمة وردت في المقال قد تستغل "قانونيا" ضدهم، لكنني في الحالتين أصررت على موقفي الرافض لأي تغيير على المقالين لأن ما يراد تبديله من وجهة نظري كان بمنزلة العمود الفقري لكلا المقالين.

هناك قضايا يتفق فيها موقفي مع موقف "الجريدة" ومالكها، وعندما كنت أكتب في هذا الإطار كانت تخرج الكثير من الأصوات التي تشبعت بنظرية تنفيذ أجندات محمد الصقر، وأن كتّاب "الجريدة" مجرد "صبيان" عنده، ويوم أن كتبنا ضد توجهات "الجريدة" ومالكها من بعض القضايا مثل مشروع المصفاة الرابعة والداوكيمكال، وبعض الاستجوابات، نشرت كل مقالاتنا ولم يستخدم مقص الرقيب ضدنا، وهي أجواء نادراً ما تجد مثلها في أي صحيفة أخرى.

يعلم الجميع أن محمد الصقر ليس ممن يفرضون إملاءاتهم، ولسنا من يقبلون الضغوط والشروط، في المقابل فإن أي كاتب محترف يدرك أن هناك بعض القضايا الحساسة التي تكون فيها مسألة المنع، مسألة تقديرية قد تراها إدارة التحرير من زاوية، ويراها الكاتب من زاوية أخرى، ويصر كل على موقفه، وهذه هي طبيعة العمل الصحفي.

اختلفنا سابقا مع "الجريدة" وسياساتها، وسنختلف اليوم ومستقبلا، لكن مساحات وترسبات هذه الاختلافات تتلاشى وتتبدد بشكل سريع عندما تقف مع نفسك ككاتب وقفة تأمل، وتتذكر أنه لم يسبق لأحد أن قال لك اكتب عن هذا الموضوع أو انتقد ذلك النائب أو طبّل لهذا الوزير، في وقت انتشرت فيه هذه الظاهرة في شارع الصحافة حتى أزكمت رائحتها الأنوف.

back to top