دروس المدمنين المتعافين للسياسيين

نشر في 30-12-2010
آخر تحديث 30-12-2010 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي بدعوة كريمة من زمالة المدمنين المجهولين حضرت يومهم المفتوح الذي جاء بمشاركة مدمنين متعافين من دول الخليج المختلفة الذي عقد في جمعية الخريجين، وللحقيقة فإن تجربة هذه الزمالة أذهلتني من جوانب عدة ولذلك أردت سرد بعض شواهدها لأنها تمثل نموذجاً يصلح أن يحتذى به.

قد يسمع الكثيرون عن هذه الزمالة لأول مرة لأنها مظلومة إعلاميا، وقد يعود جزء من ذلك إلى شح الموارد المالية لدى الزمالة للتعريف بأنشطتهم وبالخدمات التي يقدمونها للمدمنين حتى يسلكوا طريق التعافي، لكن الجزء الأكبر من ذلك باعتقادي راجع إلى تواضع أعضاء الزمالة وعدم طلبهم للشهرة. فهم لا يسعون إلى الظهور الإعلامي ولم يطلبوا تغطية بالصحف ليومهم المفتوح، بل نجدهم يعملون بصمت على عكس بعض العاملين في هذا المجال (أي معافاة المدمنين)، حيث يستخدمون عملهم هذا للدعاية والظهور الإعلامي.

ثانيا، من خلال ملاحظتي للقائمين على تنظيم الملتقى، لم ألحظ وجود تسلسل هرمي بينهم- أي رئيس ومرؤوس- بشكل واضح، بل غلب على التجمع العمل الجماعي، ويعد هذا انعكاسا لفكرة الزمالة القائمة على التواضع والمساعدة المتبادلة والعطاء.

ثالثاً، وأنا أستمع إلى كلمات المدمنين المتعافين، لاحظت مدى الفارق الذي صنعوه في حياتهم، فبالإضافة إلى اعتقادهم أن الإدمان مرض وليس عاراً، ذهلت من الروح الإيجابية في كلماتهم وكيف استطاعوا التغلب على الروح السلبية التعيسة في ظل الإدمان عبر التحلي بالصبر والدعاء والتعاون ليصلوا إلى حياة مفعمة بالتفاؤل والنظرة الإيجابية مع التحلي بالتواضع في الوقت ذاته.

رابعاً، تعلمت أن التعافي من الإدمان قائم على الأخذ والعطاء ولا يستطيع مدمن التعافي من دون مساعدة، ففي البداية يحتاج المدمن إلى مدمن متعافٍ يأخذ بيده ويتواصل معه بشكل يومي تقريباً حتى يوصله إلى بر الأمان، ومن ثم يأتي الدور على هذا المدمن (الذي بات متعافيا) ليأخذ بيد الآخرين وينقل إليهم هذه التجربة، فالتواصل والتعاون هما مفتاح النجاة وسبيلان لاستمرار التعافي، ولعل ذروة الملتقى كانت في آخر فقرة حينما صعد كل المتعافين إلى المنصة بحسب الأقدمية في التعافي والتي تفاوتت من 16 عاماً إلى يوم واحد فقط وسط حالة من البهجة والسرور وتبادل العناق والتبريكات.

ومع أن الزمالة لا تسعى إلى جمع المساعدات المادية أو أن تتبناها جهة معينة، أجد من الواجب أن تبادر الجهات المعنية بالدولة خصوصاً وزارة الداخلية- بما أن المتحدث باسمها العميد محمد هاشم الصبر كان حاضراً- بدعم هذه الزمالة عبر فتح السجون أمامها لتلتقي بالمدمنين في داخلها أو عبر نشر إعلاناتها بالصحف أو بالتلفاز بسعر رمزي حتى تكون ملاذاً لكثير من المدمنين الذين لا يجدون أو لا يثقون بأحد لعلاج إدمانهم. ففي نهاية الأمر يعد دعم هذه الجهة أحد سبل مكافحة المخدرات في بلدنا وصوناً لأمننا القومي.

وليتنا نتعلم من هذه التجربة حتى نتحول من السلبية إلى الإيجابية في أعمالنا، وليت بعض النواب يتواضعون ويعملون بصمت على إعداد القوانين وحل مشاكل البلد المتراكمة بدلاً من الجري وراء البطولات الوهمية وإدمانهم للميكروفون والظهور الإعلامي، وليت الحكومة والمجلس يتعاونان ويعملان بشكل جماعي لما فيه مصلحة البلد بدلاً من التصعيد المتبادل وتسجيل النقاط ضد بعضهم بعضا... وليت البعض يتحدث بلغة المودة والاحترام بدلا من لغة الإقصاء والسباب.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top